الصين تحتفي بـ”منطقة حرة” مع إسرائيل.. ولا عزاء للعرب!

الرئيس الصيني وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل السابق

احتفت وسائل الإعلام الصينية، الأسبوع الماضي باقتراب الموعد النهائي، لتوقيع اتفاق بين الصين وإسرائيل، يعد الأول منه نوعه في منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا، لإنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين. زف الإعلام الصادر باللغتين الصينية والإنجليزية النبأ على أنه فتح جديد، في علاقة الصين والكيان الصهيوني معتبرا الانتهاء منه، قبل نهاية العام الحالي أملا يساعد بيجين في الوصول إلى التكنولوجيا الزراعية والصناعية التي يتميز بها الكيان الصهيوني، في وقت تتعرض فيه إلى الجفاف، والمقاطعة التكنولوجية وضغوط اقتصادية من الولايات المتحدة والغرب.

وداعا للفلسطينيين

رددت الصحف، ما قاله، يالون كوفو رئيس البعثة الاقتصادية الإسرائيلية في بيجين، أن الاجتماعات بين كبار المسؤولين بالبلدين منتظمة عبر الإنترنت، وأن الاتفاق جاهز للتوقيع منذ فترة، وتعطل لعدم سفر القادة، منذ انتشار وباء كوفيد 19. اعتبر فيكتور غاو نائب رئيس مركز الصين والعولمة في بيجين، أن الاتفاق سيكون نموذجا، تسير على نهجه الصين مع دول أخرى في الشرق الأوسط وأوربا الشرقية.

وجه الإعلام الصيني نظر القراء، إلى أن بيجين تريد أن تتخلص من الصورة التقليدية، في أذهان الإسرائيليين والغرب، بأنها لا تتماهى فقط مع الدول العربية، وقضية فلسطين، وإنما لديها القدرة على التحدث لكل من الطرفين العربي والإسرائيلي، رغم ما بين الصين وإسرائيل من خلافات حول الدولة الفلسطينية التي اعترفت بوجودها عام 1988.

قمة مؤجلة

يصدر الإعلام الصيني تحت وصاية مباشرة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وقبضة أمنية غليظة، خاصة بإصدارات تتحدث بلغات أجنبية. لا تطلق التصريحات التي تخص التعاون مع الأجانب مصادفة، فهناك رسالة مع كلمة. واكبت التصريحات، أول سفر لرئيس الصين شي جينبغ في رحلة خارج بلاده، بعد قضاء 1000 يوم، تحت حصار وباء كوفيد 19، لحضور قمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي والأمني بأوزبكستان. يضم التجمع روسيا والهند وباكستان ودول آسيا الوسطى، ومعهم إيران، العدو الظاهري لإسرائيل. يرغب شي جينبنغ، في تشكيل تحالفات دولية متشعبة على غرار إسرائيل، وجبهة قوية لمناهضة الغرب، قبل المشاركة في قمة العشرين التي ستعقد قريبا، في بالي بإندونيسيا، بينما الاقتصاد الصيني في حالة هاشة للغاية.

الملفت في الأمر، أن الإعلام الصيني لم يتناول أي أنباء عن موعد انعقاد القمة العربية– الصينية، التي كان مقرر انعقادها في الرياض، بحضور شي جينبنغ في شهر مارس الماضي، وتأجلت دون اعتذار أو لموعد بديل حتى الآن. وتجاهل الصينيون ذكر أية معلومات عن تأثير الصفقة -التي تهوي إليها أفئدة المسؤولين في بيجين- على العرب الذين دفعوا العالم للاعتراف بحكومة بيجين، ويمثلون خامس سوق، تستقبل البضائع الصينية، ويوردون نصف احتياجاتها من البترول يوميا، أو حتى إيران التي ارتبطت معها بعقود اقتصادية تنفذ على 10 سنوات، بلغت قيمتها 400 مليار دولار.

رهان صهيوني جديد

ترتبط الصين باتفاقات استراتيجية شاملة، مع مصر والسعودية والإمارات والمغرب والجزائر، تتجه في مجموعها لخدمة الاقتصاد الصيني، الذي يضع البترول العربي والمواد الخام، بقائمة أهم وارداته، بينما تبيع الصين للعرب كل شيء، ليصل حجم التبادل التجاري –المائل لصالح بيجين- نحو 340 مليار دولار، عام 2021. ارتباط الصين بالكيان الصهيوني، لم يأت من فراغ، فلطالما سعت تل أبيب للتقارب مع بيجين منذ سنوات، ونجح الأمر عام 1985. فقد سار اليمين الصهيوني الحاكم على نهج أسلافهم، الذين يسعون إلى تأمين كيانهم الهش، بطلب الحماية من الدول المحتمل صعودها كقوة كبرى في المستقبل. راهن الصهاينة من قبل على الولايات المتحدة، قبل أن تهبط إنجلترا -التي منحتهم الأرض العربية المحتلة- من عرش قياد العالم، وتخشى حاليا، أن يحل الدور على الولايات المتحدة، دون أن يكون لديها حليف جديد، قادر على تأمين وجودها، في المستقبل القريب، إلى أن يحل أجله هو الآخر.

لعبة صهيونية معتادة، تلقفتها الصين، لحاجة في نفس قادتها الشيوعيين المعجبين بقدرة الصهاينة على اللعب مع كل الأطراف، لتحقيق حلم مرشدهم الأعلى، بأن تكون الصين القوة الأولى، بحلول عام 2049، بمناسبة مرور 100 عام على حكم الحزب الشيوعي للبلاد.

قلق أمريكي

بدأت التجارة بين بيجين وتل أبيب بـ 250 مليون دولار منذ 30 عاما، بلغت 22.8 مليار دولار عام 2021، بزيادة 30٪ عن عام 2020. أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لإسرائيل في آسيا، وثاني أكبر شريك تجاري عالميا. التقارب بين الطرفين أثار قلق واشنطن، بخاصة عندما منحت تل أبيب شركات صينية، امتياز بناء ميناء حيفا الجديد، الذي يستخدمه الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط. تسببت ضغوط الرئيس الأمريكي السابق “ترمب” في إلغاء الكيان الصهيوني، منح شركة صينية حكومية تنفيذ خطي مترو يمران تحت تل أبيب، خوفا من نشر بيجين أجهزة تنصت تحت السفارة الأمريكية والمنشآت العسكرية التي توجد بها قوات أمريكية. أشارت جريدة” وول ستريت جورنال” إلى خطر مماثل استدعى مطالبة حكومة الإمارات، بمنع الصين من بناء موقع عسكري بميناء خليفة في أبو ظبي، عام 2021 “يهدد مصالح وعلاقات البلدين”. التزم العرب بالتحذير، بينما بحث الإسرائيليون عن تعاون أكثر قوة، يهرول إليه الصينيون.

لا عزاء للعرب

تسعى الصين إلى تأمين موطئ قدم لها مع إسرائيل، في عصر التكنولوجيا الفائقة، التي بدأت تتباعد عن سبلها، بعد اندلاع ” حرب الرقائق الالكترونية” مع الولايات المتحدة، دون اعتبار لأي اعتراض من العرب. تريد الصين تحويل الأبحاث الأكاديمية الصهيونية، إلى أبحاث صناعية، في الزراعة لمواجهة الجفاف الذي يهددها منذ سنوات، وتوسيع دور إسرائيل في توزيع بضائعها بالمنطقة والدول الغربية. وتعمل على نقل التكنولوجيا الفائقة، بصناعة الصواريخ والأقمار الصناعية والطائرات والانذار المبكر لشركاتها، التي تعاني من تدهور تقني، ونقص بالطلب على صناعاتها، وصداعها المزمن من زيادة التلوث واستهلاك الطاقة. ولا عزاء للعرب الهائمين في حب الصين.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان