فيلم «ليه يا هرم».. البيع في مزاد سري

بدأ مشروع خصخصة المال العام في مصر منذ منتصف الثمانينات على يد حكومة علي لطفي وعاطف عبيد ثم عاطف صدقي مرورًا بأحمد نظيف وها هو يتواصل حتى الآن.
مع تطور فكرة البيع الآن وصلنا إلى بيع مؤسسات ناجحة ورابحة، آخر ما تم إعلان بيعه منذ يومين كان مصنع النصر للكوك الذي أنشئ منذ 62 عامًا، ورغم أن المصنع حقق أرباحًا في عامه الأخير.
من يعرض شراء قناة السويس
منذ أسابيع قليلة أعلن وزير المالية المصري أنه لا نية لرهن أو بيع قناة السويس، إن مجرد التلويح عدم نية البيع يخيف.
لماذا تم العرض؟ هل هو استغلال للظرف الاقتصادي في مصر؟ وما يشاع عن عدم قدرة مصر عن سداد فوائد الدين العام المصري الخارجي والداخلي والذي وصل أرقام قصوى حسب تقرير البنك المركزي فالدين الخارجي وصل إلى 157 مليار دولار حتى مارس الماضي، والدين الخارجي يصل إلى 5 تريليون جنيه مصري، ربما.
فكرة البيع في الدراما المصرية
حازت فكرة بيع المصانع والأماكن خاصة الممتلكات العامة كالمصانع والشركات أو الخاص منازل أو أراضي اهتمام السينما المصرية منذ بداية التسعينيات من القرن العشرين، لكن فكرة بيع الهرم وما يحيطه من أراضٍ لم تطرح إلا في فيلم سينمائي بعنوان «ليه يا هرم» عن فكرة وإخراج المخرج السينمائي عمر عبد العزيز.
كتب السيناريو والحوار للفيلم رفيق الصبان، ورغم أن صناع الفيلم كتبوا في المقدمة أن الفيلم محض خيال إلا أنهم حذروا أنه قد يصبح حقيقة.
الكاتب رفيق الصبان استطاع أن ينسج بعناية شديدة ملامح عملية البيع بداية من إيقاظ أحلام البسطاء في الغد الأفضل والمعيشة الرغدة، وزغزغة أحلامهم في المكسب الكبير والراحة.
استخدام بعض عناصر منهم مؤثرين فيهم للتأثير عليهم وإغرائهم بالمكاسب ويتم اختيار هؤلاء بعناية بما يمثل دور أجهزة الإعلام للمشروع وقادة رأي من داخل المجموعة المستهدفة، وأخيرًا استخدم الوسائل النفسية كافة بالضغط الإعلامي والأمني.
العائد من أمريكا
قصة العائد من الولايات المتحدة ليقوم بتنفيذ مخطط البيع والشراء أو إنشاء مصانع تنتج سلعًا استهلاكية على أنقاض قيم تراثية وتاريخية استخدمتها السينما المصرية في أفلام عديدة مثل زمن حاتم زهران كما جاءت في الدراما التليفزيونية كما في مسلسل نهاية العالم ليست غدًا.
في فيلم زمن حاتم زهران يعود حاتم لكي يحوّل مصانع والده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى مصانع لأدوات المكياج والزينة، أما في مسلسل نهاية العالم ليست غدًا فها هو أستاذ الميكنة الزراعية يعود ليحوّل الأراضي الزراعية إلى مزارع تنتج زهورًا إلى عطور.
رضوان حلم البترول تحت الهرم
رضوان ابن كبير نزلة السمان في منطقة الهرم السياحية يعود بعد غياب لأهله ليهدم الهرم وينقله إلى مكان آخر معللًا ذلك لهم في البداية أنه سيقيم لهم قرية سياحية وبيوتًا فرعونية تكون محط أنظار كل سائحي العالم -تطوير المكان وملائمته للتطور العصري-.
يقنع رضوان والده كبير الأهالي في المكان وسيد أحد كبار نزلة السمان بالمشروع ليكونا جهازه الإعلامي بين الأهالي لإقناعهم بالبيع.
يقف في مواجهته شقيقه الأصغر أحمد الطالب الجامعي، ومعه أيضًا منى خطيبة رضوان انتظرته سنوات غربته ليعود إليها شخصًا آخر غير الذي ذهب، والتي تقاوم الفساد في البنك التي تعمل فيه، وترفض القروض من دون ضمانات حقيقية.
يحاول رضوان معهم بالإغراءات كما فعل مع تهاني خطيبة شقيقه أحمد ونجح، ومع كل المسؤولين في الأجهزة والإعلام، لكن رضوان يفشل مع شقيقه وخطيبته.
عزرا وموشيه
يدخل سلطان والد رضوان مكتبه الذي اتخذه في فندق كبير من منطقة الهرم ويفاجأ بوجود شخصين في انتظار ابنه، عزرا وموشيه، ليفوق الرجل مع الأسماء ويربط بين ذلك وبين ما يقوله أحمد ابنه الأصغر عن هدم الهرم، ويبدأ في التفكير والانضمام إلى أحمد ومنى.
ينجح رضوان في تمرير مشروعه عبر المسؤولين عن طريق الرشوة، وتجييش الإعلام لفكرته بالحملات الإعلانية لديهم، بل إنه ينجح في تمرير المشروع بقانون عن طريق مجلس الشعب.
رغم النجاح كله في حصوله على الموافقة إلا أنه لا يزال قلقًا من شقيقه وخطيبته، اللذين يكتسبان الكثير من المعارضين للمشروع، تحاول مديرة مكتبه إقناع رضوان بأن المشروع قد حصل على الموافقة وانتهى كل ما يمكن للناس عمله، فقد تمت العملية بسرية تامة.
المزاد العلني
في موضوع البيع شهدت السينما طريقين للبيع، فقد كانت الطريقة السرية للبيع عن طريق مسؤولين أو شراء الأراضي من الأهالي وقد تمت استخدامها في عديد من الأفلام.
أما المزاد العلني فقد تم في فيلم واحد هو فيلم «عايز حقي» للمؤلف طارق عبد الجليل والمخرج أحمد نادر جلال وقدمه للسينما الفنان هاني رمزي الذي اكتشف مادة في الدستور تقول إن المال العام هو ملك الشعب فقرر بيع نصيبه في مزاد علني.
سفر سمسار البيع
لا يفرط المشتري في سمساره أحيانًا كثيرة فهو يحافظ عليه ربما يحتاجه في مكان آخر أو في بيع جديد، ويحاولون بالطرق كافة الحفاظ عليه إذ تصوروا أنه يمكنه أن يلعب دورًا جديدًا، وعندما يشعرون أن حياته قد تتعرض للخطر فهم يعرضون عليه السفر خارج البلاد.
ماريا الأمريكية تمد يدها إلى رضوان بتذكرة الطيران ليغادر مصر، يفاجأ بهذا فقد وعدوا أنه سيكون مدير مشروع التنقيب عن البترول، لكن ماريا تقول له أن دوره قد انتهى، ليكتشف رضوان الخدعة -في السينما فقط يكتشف البطل في النهاية الخدعة-.
أما أحمد ووالده سلطان ومنى وزملاء أحمد فيتصدون للجميع أمام الهرم وفوق أحجاره مؤكدين تمسكهم بتاريخ الوطن في مواجهة الهدم والتدمير، ولتتحقق نبوءة رضوان في عدم توقع ما يفعله أحمد والبسطاء حين يكتشفون أنه قد تم خداعهم.