سيتي بنك مصر يسبق البنوك المحلية بمعدلات الربحية

للمرة الأولى منذ بدء عمله بمصر عام 1975 ينشر سيتي بنك مصر قوائمه المالية، عن أدائه في العام الماضي أواخر أغسطس/ آب الماضي، التي كشفت عن معدلات ربحية تخطت معدلات الربحية التي حققتها كل البنوك المحلية البالغ عددها 37 بنكا، سواء المصرية الحكومية أو الخاصة أو العربية أو الأجنبية العاملة بمصر.

ولا تقاس معدلات أرباح البنوك بالرقم الإجمالي لتلك الأرباح، كما تفعل البنوك الحكومية المصرية الأقدم تاريخيا والأكثر انتشارا، من حيث كثرة الفروع بأنحاء البلاد عندما تتباهى بكبر رقم أرباحها، حيث ذكر البنك الأهلي المصري أنه حقق أرباحا بلغت 15 مليار جنيه في العام المالي 2020/ 2021، وحقق بنك مصر أرباحا بلغت 10.7 مليارات جنيه في نفس الفترة، وحقق البنك التجاري الدولي في العام الماضي أرباحا بلغت 13.4 مليار جنيه.

ولكن الأصح هو القياس من خلال مؤشرات الربحية، أي بنسبة رقم الربح المتحقق بالقياس إلى حجم أصول البنك أو حقوق المساهمين فيه، أي كم حقق الجنيه من أصول أو من حقوق المساهمين بالبنك من ربح خلال العام، وحسب مؤشر ربحية حقوق المساهمين، أي بنسبة أرباح سيتي بنك مصر البالغة 2.39 مليار جنيه، إلى حقوق مساهميه البالغة 9.98 مليارات جنيه، تصل النسبة 24%.

وبالنظر إلى مؤشر ربحية حقوق المساهمين لدى البنوك المصرية العام الماضي، أي ما يحققه الجنيه من حقوق المساهمين من ربح، كانت أعلى نسبة ببنكي أبوظبي الإسلامي والمصري الخليجي بنسبة 21%، وتدنت النسبة عن عشرة بالمائة في كثير من البنوك.

وبلغت النسبة في البنك الأهلي المصري أكبر البنوك المصرية 11.6%، وفي بنك مصر ثاني أكبر البنوك المصرية 11.1% وذلك في العام المالي 2020/ 2021، أي أقل من نصف ما حققه سيتي بنك مصر، وبلغت النسبة في البنك التجاري الدولي العام الماضي 19.5% وفي بنك قطر الوطني مصر 16.5% في نفس الفترة.

المؤشر الثاني للربحية هو العائد على الأصول، أي كم حقق الجنيه الواحد من أصول البنك من ربح، حيث حقق سيتي بنك مصر نسبة 7%، أي أن الجنيه من الأصول به قد حقق ربحا بنحو سبعة قروش، وبالنظر إلى باقي البنوك العاملة بمصر، كانت أعلى نسبة لربحية الأصول العام الماضي لدى البنك التجاري الدولي وبنك كريدى أجريكول بنسبة 2.66% لكل منهما.

نصيب الفرع بالودائع يفوق باقي البنوك

بينما كانت النسبة في بنك مصر 0.73% وفي البنك الأهلي 0.57%، أي أن الجنيه من أصول بنك مصر قد حقق ربحا 7 مليمات، وفي البنك الأهلي أقل من ستة مليمات، مقابل سبعة قروش للجنيه في أصول سيتي بنك، وكانت النسبة 2.7% في البنك التجاري الدولي و2.1% في بنك قطر الوطني مصر.

والمفاجأة الكبرى أن أصول بنك سيتي البالغة 34 مليار جنيه، وودائعه البالغة 15.3 مليار جنيه، قد تحققت من خلال ثلاثة فروع فقط يعمل من خلالها سيتي بنك، موزعة بين فرع بالقاهرة وفرع بالجيزة وفرع بالإسكندرية، ليحقق البنك تميزا آخر في مؤشري نصيب الفرع من الأصول، ونصيب الفرع من الودائع، حيث بلغ نصيب الفرع الواحد من الأصول به 11.3 مليار جنيه، مقابل 1.9 مليار جنيه كمتوسط للفرع بالبنوك المصرية، وبلغ نصيب الفرع من الأصول العام الماضي 5.5 مليارات جنيه في البنك الأهلي المصري أكبر البنوك المصرية من حيث الأصول حيث بلغت 3.2 تريليونات جنيه بنهاية العام الماضي، و3.4 مليارات جنيه كمتوسط للأصول للفرع ببنك فيصل، و2.3 مليار جنيه للفرع بالبنك التجاري الدولي، و2 مليار جنيه ببنك مصر، و1.5 مليار جنيه ببنك قطر الوطني مصر ثاني أكبر البنوك الخاصة بمصر، و1 مليار جنيه في بنك القاهرة ثالث أكبر البنوك الحكومية بمصر.

كما بلغ متوسط نصيب الفرع من الودائع بسيتي بنك 5.1 مليارات جنيه، مقابل 4.1 مليارات جنيه للفرع بالبنك الأهلي البالغ عدد فروعه 588 فرعا ووحدة مصرفية داخل البلاد، و2.9 مليار جنيه ببنك فيصل المشهور بكثرة عدد المودعين فيه وقلة عدد فروعه التي تبلغ 38 فرعا فقط، و2.2 مليار جنيه بالبنك التجاري الدولي أكبر البنوك الخاصة بمصر، و1.6 مليار جنيه ببنك مصر الثاني في عدد الفروع بين البنوك المصرية بنحو 773 فرعا ووحدة مصرفية في الداخل، و1.3 مليار جنيه لنصيب الفرع ببنك قطر الوطني و806 مليون جنيه للفرع ببنك القاهرة.

لكن تلك المعدلات للربحية لسيتي بنك مصر أخفت وراءها تقاعسا عن أداء البنك دوره الطبيعي بالإقراض بوصفه بنكا تجاريا، حيث أشار التوزيع النسبي لتوظيفات أصوله العام الماضي إلى توجه 67% منها إلى الاستثمار في أذون الخزانة المصرية، ونسبة 2% في السندات الحكومية المصرية، وبقيت نسبة 13% أرصدة لدى المركز الرئيسي للبنك في نيويورك والفروع الخارجية له.

 تدني نشاط الإقراض والتبرعات

وقد اقتصر نصيب القروض على نسبة 7% فقط من أصول البنك، مقابل نسبة 36% كمتوسط لتوظيفات البنوك المصرية في القروض العام الماضي، وهكذا تضاءلت استفادة المجتمع المصري من وجود البنك الذي سعى وراء الأرباح المضمونة مع أذون وسندات الخزانة الحكومية، حتى إنه حقق 67% من إيراداته من عوائد أذون الخزانة، وابتعد عن مخاطر الإقراض، وإن كان قد دفع ضرائب للدخل بلغت 773 مليون جنيه العام الماضي، كما بلغت قيمة تبرعاته للأنشطة الاجتماعية 157 ألف جنيه فقط.

وهكذا بلغت نسبة القروض التي منحها سيتي إلى ودائعه 24%، مقابل نسبة متوسطة بلغت 49% في البنوك المحلية، حيث إنه يقوم بإقراض الشركات فقط ولا يتعامل في التجزئة المصرية التي دخلها عام 1998 وحقق خلالها نتائج سلبية، عندما قدم أول بطاقة ائتمان غير مضمونة بفائدة عالية، الأمر الذي اضطره إلى بيع خدمات التجزئة المصرفية وأعمال البطاقات للبنك التجاري الدولي، ونقل 900 موظف وثمانية فروع كانت لديه إلى البنك التجاري الدولي.

والمثير أن ودائع البنك البالغة 15.3 مليار جنيه كانت نسبة 69% منها بدون فوائد، كالحسابات الجارية وما شابهها، لتصبح نسبة الودائع التي دفع عليها عوائد 31% من مجمل الودائع لديه، وهو ما حقق له فوائض جيدة نتيجة توظيفه لتلك الودائع.

وهو أمر يفتح الباب للنقاش حول الدور الذى تؤديه فروع البنوك الأجنبية بمصر وضعف استفادة المجتمع منها، وهي القضية التي كانت قد أثيرت عام 1996 عندما قام سيتي بنك مصر بإصدار سندات محلية لتمويل نشاطه، الأمر الذى تحفظ عليه البعض حينذاك استنادا إلى أنه كان من المفترض أن يجلب أموالا خارجية من مركزه الرئيسي لممارسة نشاطه لا أن يعتمد على الأموال المحلية، خاصة أن المركز الرئيسي للبنك لم يمنحه سوى 15 مليون دولار لبدء نشاطه عام 1975، وبعدها اعتمد البنك بمصر على أرباحه في تدعيم رأسماله حتى بلغ 50 مليون دولار عام 2004، ثم رفعه إلى 150 مليون دولار بداية العام الحالي مأخوذة من أرباحه أيضا.

ويتطلب الأمر إلزام البنك المركزي لباقي فروع البنوك الأجنبية بالإفصاح عن قوائمها المالية، للتعرف على مجالات توظيف أموالها ونصيب نشاط الإقراض بها، حيث إنها لم تنشر تلك القوائم منذ بداية نشاطها، وهي البنك العربي الذي يعمل منذ 1976، وبنك المشرق الذي يعمل منذ عام 1977، والبنك الأهلي اليوناني الذي يعمل منذ عام 1978.

وكان بنك أبوظبي الأول الذي يعمل بمصر منذ عام 1978 -بمسمى آخر حينذاك- ضمن تلك البنوك، التي لا تنشر بياناتها المالية حتى استحوذ مؤخرا على بنك عوده وبدأ نشر قوائمه المالية، خاصة مع إلزام فروع البنوك الأجنبية برفع رؤوس أموالها حسب قانون البنوك الجديد إلى 150 مليون دولار، مما يتيح لتلك الفروع الأجنبية لعب دور أكبر في الاقتصاد المحلي.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان