عندما حقق جيش الاحتلال الإسرائيلي النصر على مستشفى الشفاء!!

أقدّم دعوة مخلصة لكل الباحثين في مجال استشراف المستقبل للتأمل في المشهد الذي يثير الخيال، ويفتح المجال لتفكير جديد في مقاييس القوة، واستخدامها في تحقيق الأهداف.
في ضوء هذا المشهد يمكن أن نطرح الكثير من الأسئلة من أهمها هل هذا هو النصر الذي يريده جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تبني له وسائل الإعلام الغربية صورة تقوم على أنه رابع قوة عسكرية في العالم، وأنه الجيش الذي لا يقهر!!
يمكنك أن تتابع المشهد، فهذا الجيش يفخر بأنه حقق نصرًا تاريخيًا ألا وهو اقتحام مستشفى الشفاء في غزة، ويستعرض المتحدث باسم هذا الجيش الغنائم التي حصل عليها في المستشفى، التي تتمثل في عدد من البنادق والرشاشات و”لاب توب” وهاتف أرضي.
قبل الاقتحام روجت الدعاية الصهيونية لفكرة أن اقتحام المستشفى يشكل نهاية للمقاومة الفلسطينية التي وضعت مركز قيادتها وخزنت أسلحتها في المستشفى، ثم اكتشف العالم كله زيف هذه الدعاية، وأن دولة الاحتلال الإسرائيلي تضلل الجماهير، وتنشر الأكاذيب والخرافات.
عار على دول الغرب كلها!
الانتصار الذي حققه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مستشفى الشفاء في غزة يشكل عارًا لدول الغرب كلها التي تؤيد إسرائيل، وتمدها بالأسلحة وبكل أسباب الحياة، فهذا التأييد يوضح أن دول الغرب لا تملك حضارة إنسانية، وأن الأسلحة التي تستخدم في القتل والتدمير هي كل ما قدمته للعالم، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم تلك الأسلحة في اقتحام مستشفى الشفاء، ليستجوب المرضي والأطباء، ويبحث عن أدلة على خرافات أراد أن يبرر بها هزيمته، ويقدم للشعب اليهودي صورة نصر زائف يعيد لهم بعضًا من الاستقرار النفسي، والثقة في حكومة النتن ياهو.
فهل أجهد العلماء والباحثون في دول الغرب عقولهم لاختراع أسلحة تستخدم في قتل الأطفال الخدج، وترويع المرضى واستجوابهم، والسيطرة على مستشفى تم قطع الكهرباء، ومنع الدواء والمستلزمات الطبية عنه؟
قبل أن يقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفى، ألقت الطائرات الإسرائيلية ما يعادل تأثير قنبلتين نوويتين على الأقل على غزة، فدمرت العمران، وقتلت ما يزيد عن 4 آلاف طفل.
أين القانون الدولي الإنساني؟
والعالم كله يشاهد على شاشات التليفزيون بشكل مباشر نهاية القانون الدولي الإنساني الذي طالما استخدمته دول الغرب في تبرير سيطرتها على العالم، وفي إخضاع الشعوب، وقهر إرادتها، حتى لا تطالب بالحرية والاستقلال.
كما يشاهد أيضًا عجز الأمم المتحدة ومنظماتها عن فرض هدنة إنسانية، لنقل القليل من المساعدات لشعب يتعرض لعملية إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري، وهذا المشهد يبرهن على حقيقة أن أمريكا تستخدم منظمة الأمم المتحدة لفرض سيطرتها على العالم، وأن هذه المنظمة لا يمكن أن تحقق السلام والعدل في العالم.
لذلك فإن المذبحة التي يتعرض لها أهل غزة تبرهن على أن دول الغرب لا تملك ضميرًا إنسانيًا، ولم تهتم يومًا بحقوق الضعفاء، وأنها تستخدم القوة الصلبة في التدمير والإبادة دون رحمة، وأنها أقامت المشروع الإسرائيلي للسيطرة على المنطقة، وتستخدم الوسائل كلها للدفاع عن مشروعها.
غرور القوة بداية الهزيمة
مشهد جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يقتحم مستشفى الشفاء يوضح أن غرور القوة يشكل أساسًا لقرار هذا الجيش بالتوغل في غزة، وبعد 40 يومًا من عمليات التدمير والإبادة لم يستطع أن يحقق أهدافه المعلنة، وكل ما فعله هو تدمير البيوت وقتل الأطفال والنساء.
وهذا الغرور يشكل بداية الهزيمة والانكسار، فالعالم يتغير، وتلك القوة التي استخدمتها العصابات الصهيونية في تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم وبيوتهم منذ عام 1948، لم تعد قادرة على كسر إرادة شعب أصبح يرى أن الموت شهادة شرف وعز ومجد ورفعة، وأنه يستطيع أن يحرر أرضه مهما كانت التضحيات، وأنه لا خير في حياة العبودية والذل.
الفكرة مصدر قوة
العالم يمكن أن يدرك الآن أن القوة الغاشمة لم تعد تثير الخوف في نفوس أبطال امتلكوا شجاعة القلب والضمير، وأطلقوا لخيالهم العنان، وعملت عقولهم بكفاءة لابتكار أساليب جديدة لمواجهة أسلحة الدمار والإبادة التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
المشهد يبرهن على أن الشعوب يمكن أن تستمر في كفاحها، وتطور أساليب المقاومة لتنتزع حريتها وتحرر أرضها، بينما يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أسلحته في التدمير وقتل الأطفال، ويتفاخر باقتحام مستشفى، وهذه الفكرة يمكن أن تتحول إلى مصدر لقوة الشعوب التي يمكن أن تطلق ثورة عقول تبتكر الكثير من أساليب مواجهة القوة الغاشمة، والمقاومة الفلسطينية تقدم المثال والقدوة.
النظم العربية مصدر قوة إسرائيل
وأمريكا تدرك جيدًا أن النظم العربية التابعة لها، والخائفة من شعوبها هي التي تحمي الاحتلال الإسرائيلي، وهي التي تخضع شعوبها وتقهرها، لكن المشهد يثير غضب الشعوب وسخطها، والغضب يمكن أن ينفجر بعد أن اتضح لها أن النصر الذي يمكن أن يحققه جيش الاحتلال الإسرائيلي هو اقتحام مستشفى الشفاء، وأن القوة الغاشمة يمكن أن تنهزم وتنكسر أمام إرادة الشعوب.
والشعوب العربية يمكن أن تدرك الآن أن كل ما يستطيع الجيش الذي صوّر نفسه بأنه لا يقهر أن يقتل الأطفال، لكنه ينهزم في ميادين تحتاج شجاعة الرجال وقوة الإيمان، والنظم العربية كلها لن تستطيع مواجهة غضب شعوب تؤمن بأن المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وأنه مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه يستحق التضحيات كلها.. ومن المؤكد أن المستقبل يحمل الكثير من المفاجآت التي لا تتخيلها النظم العربية العاجزة، والدول الغربية التي أصابها غرور القوة.