إسرائيل.. اكذب ثم اكذب!

رضع خدج في مستشفى الشفاء دمر الاحتلال قسم الحضانات الخاص بهم
رضع خدج في مستشفى الشفاء دمر الاحتلال قسم الحضانات الخاص بهم (الأناضول)

يقول المثل “عار عليك أن تخدعني مرة.. وعار عليَّ أن تخدعني مرتين”، وعليه فغريب أمر هؤلاء الذين يرصدون ويحللون كيف ثبت كذب مزاعم الاحتلال بشأن مجمع الشفاء الطبي؟!!

يدهشني تعامل البعض مع الأمر بجدية، وكأنه لم يتم ضبط الصهاينة متلبسين بالكذب الفج عشرات المرات عبر السنين، بل إن الوقائع تشهد أننا لم نجرب على قادتهم الصدق قط، ولم يتم ضبط أي منهم يتحرى الحقيقة ولو مرة، فكيف لكيان قام من الأساس على الغش والتدليس أن يكون لرموزه نصيب من ضوء الحقيقة؟!! ومن ثم فعلى من يقعون في فخ الخداع الصهيوني أن يعلموا جيدا أنهم في حقيقتهم ليسوا سذجا، بل هم متواطئون وأياديهم ملوثة بدماء الأبرياء.

إن الكذب ديدن الصهيونية، منذ نبتت فكرة الكيان على يد المؤسس الماسوني الصهيوني تيودورهيرتزل الذي روج مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وانتزع بها وعد بلفور المشؤوم، وحينما حضروا لاجئين إلى فلسطين، تسللوا إلى البلاد أذلاء كأجراء وعمال نظافة.

والشاهد أن صحيفة أعمال قادة الكيان منذ بن غوريون حتى اليوم حافلة بادعاءات وأباطيل، يرددونها وهم يعرفون سلفا أنهم يكذبون لكنهم يواصلون الكذب لترسيخه، ثم يحشدون العالم لدعم مزاعمهم الباطلة.

نلاحظ مثلا خلال الحرب الراهنة، كيف يكذبون بشأن المناطق الآمنة في الجنوب، ولأنه لا عهد ولا ميثاق لهم، ما إن تتحرك الجموع حتى ينهال عليها رصاص الغدر والقنابل الحارقة لتحصد أرواح المئات من الأبرياء، حتى ولو احتموا بمدرستي الأونروا في الفاخورة وتل الزعتر.

والقوم مع ترديدهم الأكاذيب يتمتعون بوقاحة وبجاحة بلا حدود، فها هو المتذاكي إيدي كوهين يبث مقطع فيديو على منصة إكس، زاعما أنه لدخول جنود جيش الاحتلال داخل أنفاق غزة، مع تعليق فكاهي “جنودنا داخل أنفاق حمـاس وينك يا جزيرة!!!”، لكن سرعان ما فضحه رواد التواصل الاجتماعي، وأثبتوا أن أصل الفيديو منشور بتاريخ 10 أكتوبر 2022 على يوتيوب، مصحوبا بتعليق يوضح أنه في السويد.

قصة الهيكل المزعوم

واللافت أن محاولة رصد أكاذيب الكيان في الماضي مثل الحاضر لا تحتاج إلى أدنى مجهود أو عمق في عملية البحث، يكفي المرء أن ينعش ذاكرته لبضع دقائق، وحينها لن يلاحق شريط الذكريات عن الوقائع والأحداث التي تم فيها ضبط زعماء العصابة متلبسين بالكذب الصريح، هل تذكرون واقعة استشهاد الطفل محمد الدرة وهو يحتمي بوالده إبان انتفاضة الأقصى سبتمبر 2000؟

لقد أثارت الرأي العام العالمي آنذاك، والآن يروج الصهاينة أن الدرة قتل بأياد فلسطينية (!!!)، وفي قصة الهيكل المزعوم دليل آخر حيث يسعون منذ سنوات إلى بنائه على أنقاض المسجد الأقصى، ورغم محاولاتهم المستميتة وأعمال الحفر والتخريب التي يقومون بها، فإنها جميعها باءت بالفشل، ولم تثبت على الإطلاق صحة مزاعمهم بشأن وجوده في محيط المسجد، ولم تعثر بعثاتهم على أي دليل يدعم أباطيلهم ولم تفلح الأكاذيب الممنهجة في تغيير المعالم التاريخية والدينية لهذه المواقع التاريخية الوقفية للمسلمين. فهل بعد ذلك تريدون منهم أن يصدقوا فيما يدعونه بشأن مجمع الشفاء الطبي؟!!!

بيد أن هناك كذبة أهم وخديعة كبرى يضحكون بها على أنفسهم ويمارسونها ضد نواميس الكون وحتمية التاريخ، حيث يضعون المخططات الخبيثة ويحيكون المؤامرات الدنيئة لتهجير الشعب الفلسطيني ودفعه إلى مغادرة أرضه، لكنه يرفض ويبقى صامدا صلبا أبيا يتحدى قنابلهم الحارقة، وبكل ثبات يهزأ بعملياتهم الإجرامية. (انظروا إلى الصور وسط الدمار كيف تبدو نظرات التحدي في عيون الأطفال والنساء والشيوخ لتدركوا بحق أن شعبا يواصل الحياة ويجلس غير عابئ وسط الحطام يتناول طعامه مؤكدا بجلاء أنه عصي على الانكسار أو الهزيمة).

في المقابل ورغم التعتيم الشديد فإن حركة الطيران في مطار بن غوريون تبدو في اتجاه واحد من الأراضي المحتلة إلى خارجها، فأرقام الذين خرجوا بالآلاف صادمة ومزعجة ليس لقادة العصابة وحدهم بل ولداعميهم من قادة الغرب، وهو ما يعني على أرض الواقع أن زمان الهجرة العكسية قد بدأ، وقد انطلق القطار من محطة المغادرة بالفعل، وأن هذا الكيان المصطنع إلى زوال.

أطول سلسلة أكاذيب في تاريخ البشرية

إن الكذب هو بضاعتهم التي لا يجيدون التجارة في سواها، بموجبها يحق لهم أن يتربعوا على عرش الوضاعة والخسة بلا منافس على مر التاريخ، وأن يسجلوا صنيعهم في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأصحاب أطول سلسلة أكاذيب في تاريخ البشرية.

لسنا بحاجة إذن إلى الاستشهاد بما بثته القناة 13 الإسرائيلية تعليقا على عرض غنائم جيش الاحتلال في مستشفى الشفاء وقولها نصا (هذه فضيحة تدل على فشل استخباراتي أمريكي إسرائيلي)، كما أنه لن يضيف لنا جديدا ما نقلته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية على لسان دبلوماسي غربي من قوله “إن إسرائيل كانت تأمل أن تظهر أدلة دامغة على نشاط مسلح في المستشفى الذي اقتحمته قواتها، لكنها لم تنجح لأنها لم تجد شيئا ذا قيمة”، وقد تحول الأمر كما رأينا على الشاشات إلى فضيحة عالمية وكارثة أخلاقية دفعت عجوز البيت الأبيض إلى إنكار منحه الضوء الأخضر لعملية الاقتحام.

المتغطي بالصهاينة عريان

ومع ذلك فنحن للأسف بحاجة إلى رصد هذه المواقف والتذكير بها، من أجل وضع حد لانتهاكات المتصهينين العرب، بعدما بالغوا في الدفاع عن إجرام المحتل، وتجاوزوا القاع بمراحل حتى يبدو أنهم قد حفروا في الأعماق نفقا يوازي (مترو أنفاق) المقاومة، عجيب أمر هؤلاء.. ألا يستحون؟!!! ألا يمكنهم حتى التماهي مع إعلام الاحتلال، على الأقل حتى لا يزايدوا عليه، إن  لسان حال النتن ياهو وأفراد عصابته يقول: ألا ليت صحف الكيان تدعمنا بنفس مستوى دعم المتصهينين العرب.. فمقارنة بما كتبته الصحف العبرية عن عار اقتحام المستشفيات، عنونت إحدى الصحف العربية تقريرها قائلة “الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية دقيقة ومحددة الأهداف ضد حماس في مجمع الشفاء”!!!  فأي عار نحمله وإلى أي مدى يواصل صهاينة العرب السقوط في الوحل؟!! وهل تدفع كراهية البعض لفصيل سياسي إلى هذا الحد من التدني والابتذال الرخيص؟!! وكيف لهم أن يغلقوا عيونهم ويصموا آذانهم عن الحضور الطاغي والأداء الراقي للمقاومة، وقد باتت تشكل خط الدفاع الأول عن الأمة ومقدساتها، وأصبح قادتها السنوار والضيف وأبو عبيدة رموزا ليس في الأقطار العربية والإسلامية بل ولكل أحرار العالم.

إننا ندعو هؤلاء المغيبين الضالين إلى مراجعة أنفسهم قبل فوات الأوان، فقد عرت معركة طوفان الأقصى المجيدة هذا الكيان وكشفت هشاشته وجددت التأكيد على أنه كيان لقيط بلا مستقبل وأنه مجرد بالون منفوخ لا يحوي سوى الأكاذيب، فلا تركنوا لأبواق دعايته المنهارة، ولكم في دروس التاريخ الآيات والعبر، ووقت الجد ستكتشفون أن “المتغطي بالصهاينة عريان”.

المصدر : الجزيرة مباشر