“طوفان الأقصى” وكسر خشم أمريكا و”إسرائيل”

لافتات ترحيب بالرئيس الأمريكي في إسرائيل (وكالات)

الخشم كلمة عربية فصحى تعني الأنف وهو رمز للكرامة، وقد أكد طفل صغير في التاسعة من العمر أنهم أصحاب حق  وأن أسرته التي استشهد معظمها وبيته الذي تهدم سيجعلانه أكثر صمودًا ولن يهدأ حتى يكسر خشم “إسرائيل”.

انتصرت غزة في السابع من أكتوبر ولم ولن “ينكسر” انتصارها رغم كل الدمار وآلاف الشهداء. صمود الغزيين يكسر خشم أمريكا و”إسرائيل” ومن والاهما، وكذلك التأييد العالمي لحق فلسطين وعودة القضية للحياة؛ فالمظاهرات شملت أنحاء العالم كله وليس البلاد العربية والإسلامية فقط كما في الحروب السابقة، وفي الغرب وأمريكا لم تتظاهر فقط الجاليات العربية والإسلامية، بل رأينا المواطنين في هذه البلاد “يتهمون” بلادهم بمناصرة وحشية وهمجية الصهاينة “ويطالبون” بوقف ذلك فورا.

رفْضُ الغزيين ترك غزة رغم القصف الوحشي والجنوني يكسر خشم الصهاينة وأمريكا؛ فلم يتوقعوا هذا الصمود “الشامخ”، ونزح المستوطنون بسهولة من المستوطنات ورفضوا العودة.

اضطرابات وحماقات

المظاهرات المتنامية ضد حكومة نتنياهو والمطالبة بسرعة عودة الأسرى تكسر خشم الصهاينة؛ ويصبر الفلسطينيون على بقاء أسراهم بالسنوات لأنهم يعلمون أن الحرية لها ثمن فيدفعونه “برضا” والسارق والمغتصب يريد فقط خطفًا “مجانيًّا” لممتلكات غيره.

تجاهل أمريكا لقصف القاعدة الأمريكية بالعراق عدة مرات ولا يهم حجم الخسائر؛ فالتجاهل كسر لخشم أمريكا وأنها ليست سيدة العالم كما تروج لنفسها في خطب بايدن وإعلامها وأفلام هوليود، في حين يؤكد الواقع أنها تعاني أزمات متلاحقة وأن بايدن “باضطرابات” كلامه وتصرفاته خير من يمثلها حاليا، كما كان ترامب بعجرفته واستعلائه غير المبرر “وحماقاته” خير من يمثلها أيضا؛ وهل ننسى مطالبته بتعاطي الكلور ومشتقاته للوقاية من كورونا بدلا من التطعيمات؟!

اضطرار أمريكا إلى جلب أساطيل وحاملات أسلحة ودعم مادي وعلني بتزويد “إسرائيل” بالمعدات الحديثة أثناء الحرب رغم ممتلكات الصهاينة من الأسلحة والعتاد العسكري هو كسر لخشم كل منهما خاصة أن “إسرائيل” تحارب غزة المحاصرة منذ 18 عاما، التي تصنع معظم أسلحتها محليا.

لجوء أمريكا إلى تهديد حزب الله كثيرا لمنعه من الدخول في الحرب بأكثر مما يتدخل؛ هو كسر لخشمها وخشم الصهاينة الذين يرددون أن جيشهم لا يقهر فلماذا يخافون من جيش غير نظامي إلى هذه الدرجة؟ ولماذا لا يستغلونها فرصة “للقضاء” عليه وتحقيق هدفهم المؤجل منذ حرب 2006؟

إعلان “بلينكن” شكره لدعم أبي مازن ودوره في ضبط الأمن بالضفة الغربية ومنع فتح جبهة أخرى ضد الصهاينة هو كسر للخشم أيضا وإعلان جديد عن عجز أمريكا والصهاينة في التصدي لشعب فلسطين، والانقسام في الإدارة الأمريكي وفي الحزب الديمقراطي وقول “أوباما” إن الجميع متواطئون كسر لخشم أمريكا وإضعاف لاستمرار دعمها للصهاينة.

نحب ونستحق

انتهاز الغزيين لأي لحظة هدوء للترفيه عن الصغار وأحيانا لتحدي القتل والاحتفال بعيد ميلاد طفل وسط الأنقاض؛ يكسر خشم أمريكا والصهاينة، فهذه الاحتفالات “التلقائية” ترسل رسالة واضحة بأننا شعب “نحب” الحياة ونستحق العيش بحرية وكرامة ونحن أقوياء ولن ننهزم أبدا.

تجمع الصغار والكبار في المدارس المهدمة والغناء بأناشيد تمجد الوطن والتصفيق بوجوه مبتسمة وعيون نابضة بالقوة وبالصمود وتجديد العهد والقسم على عدم ترك الوطن وألا يصدقوا من يعدهم بهجرة “مؤقتة” كما فعلوا بأجدادهم، يكسر خشم إسرائيل.

يكسر العدد الكبير من الأسرى خشم الصهاينة وأمريكا ويجبرهم على دفع الثمن لتحريرهم من الأسر؛ فقد قال زعيم المعارضة الصهيوني: “ليس هناك ثمن باهظ؛ ندعم كل صفقة لعودة المختطفين”، والارتباك في الجيش الصهيوني والضرب خطأ على مصر والاعتذار، ثم توجيه الضرب إلى “إسرائيل” أكثر من مرة، وسقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى بجنوب تل أبيب، وتصريح وزرارة المالية الصهيوني بأن الكلفة الأولية للحرب تصل إلى 51 مليار دولار، يكسر خشمهم ماديًّا.

تعمد الظهور بمظهر القوة رغم رتوش مساحيق التجميل “الواضحة” وتمثيل التماسك وإتقان لغة الجسد يفضح شعورهم بكسر الخشم؛ فقد فشلوا في التمثيل وفضحتهم العيون ونبرات الصوت.

الهزيمة من الداخل حدثت بالفعل ويحاولون إخفاءها بالضجيج وإصرار نتنياهو على أن الحرب مستمرة. كشف مراسل “فوكس نيوز” المرافق لجيش الصهاينة عن كمين للمقاومة أدى إلى مقتل أكثر من 20 جنديًّا صهيونيًّا.

استقالة 57 من إدارة بايدن لأول مرة في تاريخ أمريكا يكسر خشم أمريكا، والناظر إلى عيني “بلينكن” يعرف شعوره بكسر خشمه كوزير خارجية أمريكي وكيهودي أيضا، كما أعلن عند زيارته الأولى للصهاينة أنه جاء إليها كيهودي، ونتذكر الثقة “المفرطة” والزهو الكامل في عيني كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق وهو يهودي أيضا، وكذلك الرئيس الأمريكي الأسبق “كارتر” مهندس اتفاقية السلام المعروفة بكامب ديفيد بين مصر والصهاينة.

من كسر الخشم إعلان أبي مازن استعداده لإدارة غزة “بعد” إقصاء حماس؛ ولا عزاء للديمقراطية التي يزعجنا الغرب  بأنهم “المتحضرون” بسببها، واستعانة أمريكا والصهاينة بالرئيس الفرنسي “ماكرون” الذي ثبت فشله الذريع في لبنان وإفريقيا دليل آخر على عجزهم وكسر خشمهم.

القتال على مسافة صفر ووضع القنبلة على دبابة بسالة أذهلت العالم وكسرت خشمهم، واتساع نطاق المقاطعة للبضائع الأمريكية والأوربية ليشمل الصغار قبل الكبار وباقتناع وعاطفة غير مسبوقة يشكل صفعة “جديدة” لخشم أمريكا والصهاينة.

من كسر الخشم الأمريكي الصهيوني تدخل أمريكا “العلني” في إدارة الحرب ومرور شهر ولم تحقق أي إنجاز حقيقي؛ فالدمار ليس إنجازًا ويسهل على أي طفل فعله بإصدار الأوامر للتدمير والضغط على الأزرار.

صرح “نتنياهو” بأهمية عودة السيطرة الأمنية على غزة؛ فغيابها جعله يرى ما يفوق الخيال، وقول نائب رئيس جيش الصهاينة السابق إن دخول غزة يشكل تهديدا لوجودنا؛ تصريح غير مسبوق منذ نشوء الكيان.

يلخص غزة رجال ونساء وصغار من أجيال مختلفة “يجتمعون” على مائدة طعام وسط الأنقاض مع ابتسامات نابضة بالقوة “واليقين” بالنصر.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان