جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جريمة ضد حرية الصحافة!

تكشف الأحداث في غزة الكثير من الحقائق التي تفضح النظام العالمي، وتكشف ظلمه ونفاقه، فهذا النظام يصمت الآن على جريمة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحافة والإعلام، ولم يرتفع صوت الأمم المتحدة ومنظماتها لإدانة تلك الجريمة التي تشكل انتهاكا للمادة 19 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948.
بعض ملامح تلك الجريمة تتضح في قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل 70 صحفيا فلسطينيا في قطاع غزة، بعضهم تم تدمير منازلهم، فاستشهدوا هم وأسرهم مثل الصحفي مصطفى الصواف، وهناك من تم تدمير بيوتهم وقتل أسرهم مثل وائل الدحدوح الذي كتب الله له النجاة ليشاهده العالم وهو يقف قويا بإيمانه، ليواصل وظيفته في الوفاء بحق جماهيره في المعرفة.
أما في الضفة الغربية فقد قام جيش الاحتلال بحملة اعتقالات شملت 29 صحفيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول ليصل عدد الأسرى في سجون الاحتلال إلى 44 صحفيا.
الحرمان من المعرفة
لكن الجريمة التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد حرية الإعلام أكبر من ذلك، فقد بدأت منذ اغتصابها لفلسطين، حيث استخدمت وسائل الإعلام العالمية في أكبر عملية تضليل تتعرض لها البشرية.
ومن المؤكد أن وسائل الإعلام الغربية كانت تدرك أنها تستخدم في نشر الدعاية الصهيونية، وأنها تعرف الكثير من المعلومات عن الظلم الذي تعرض له شعب فلسطين، والمذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية لإجبار الشعب الفلسطيني على الهجرة القسرية للاستيلاء على بيوتهم وأرضهم، لكنها لم تستطع نشرها.
وسائل الاعلام الغربية اقتصرت على تقديم الرواية الإسرائيلية، وفرضها على الجماهير، وهي تعلم جيدا أنها تتتخلى بذلك عن المهنية والموضوعية والحياد والحرية والأخلاقيات، وأن تحيزها لإسرائيل يجعلها تفقد وظيفتها في الوفاء بحق الجماهير في المعرفة.
عار على الإعلام الغربي!
لكن لماذا لم تدافع وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية عن حريتها، وعن حق الصحفيين في تغطية الأحداث؟! إن العدوان الإسرائيلي على غزة يكشف أن دولة إسرائيل مشروع استعماري غربي توفر دول الغرب له كل إمكانيات القوة، ومن أهمها فرض الرواية الإسرائيلية التي تستهدف تضليل الجماهير الغربية؛ لدفعها إلى تأييد إسرائيل، وتجاهل الجرائم التي ترتكبها ضد الإنسانية، وإمدادها بالأموال وأسلحة الإبادة.
وهذا يشكل عارا تاريخيا على دول الغرب التي استخدمت وسائل الإعلام في نشر الدعاية الإسرائيلية، وحرمان الجماهير الغربية من معرفة الحقائق.
يجب أن يرفض الصحفيون العرب!
لكن الأخطر من ذلك أن الكثير من وسائل الإعلام العربية التابعة للنظم المطبعة مع دولة الاحتلال تتبنى الرواية الإسرائيلية، وتتجاهل الحقائق عن المذابح التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة، وتتهم حماس بالإرهاب.
وهذا يشكل عارا على كل صحفي يعمل في هذه الوسائل، فالرزق بيد الله وحده، ولا يجوز أن يتخلى الصحفي عن شرف مهنته وأخلاقياتها، وكل عربي يدرك الآن الحقيقة الواضحة وهي أن الجماهير العربية تحتقر كل المطبعين والمتصهينيين الذين يعملون لتضليل الجماهير وتزييف وعيها.
ومن المؤكد أن الجماهير العربية سوف تنتفض قريبا، وتثور على الواقع الكئيب الذي تعيشه، والذي كان نتيجة للقيود التي فرضتها النظم التابعة لأمريكا على الحرية والديمقراطية، ويومها سيندم كل صحفي ساهم في تضليل الجماهير، وترويج الأكاذيب الصهيونية والأمريكية والسلطوية عن ربط الإسلام بالإرهاب، في حين لا يستطيع عبيد أمريكا وصف إسرائيل بالإرهاب، وهي تدمر غزة باستخدام آلاف الأطنان من المتفجرات التي تعادل 3 قنابل نووية.
لماذا تقتل الصحفيين الفلسطينيين؟!
هناك تطور مهم هو أن ثورة الاتصال وفرت للصحفيين الفلسطينيين فرصا لنقل الحقائق، وتقديم القصة الفلسطينية الجميلة التي يمكن أن تثير خيال الأحرار الذين يكافحون لتحرير بلادهم من الاستعمار وشعوبهم من العبودية والظلم والفقر والقهر، وبذلك قدمت المقاومة الفلسطينية نموذجا للكفاح من أجل التحرر الوطني.
في ضوء ذلك يمكن أن نكتشف أسباب انتقام جيش الاحتلال الإسرائيلي من الصحفيين الفلسطينيين لمنعهم من كشف الحقائق التي تساهم في تشكيل رأي عام عربي وعالمي ضد الاحتلال والظلم.
كما يمكن أن يفسر ذلك صمت المنظمات الغربية عن جريمة اغتيال الصحفيين، وانتهاك إسرائيل لحرية الصحافة، فالقصة الفلسطينية تكشف السلوك الحضاري للمقاومة الفلسطينية، التي تدافع عن الحق والحرية في مواجهة غرور القوة الإسرائيلية، الذي دفعها إلى الانتقام الوحشي من شعب فلسطين. وذلك بعد أن أوضحت المقاومة للأمة الإسلامية في 7 أكتوبر/تشرين الأول أنها تستطيع أن تفعل وتغير الواقع وتنتصر على كل قوى الاحتلال والاستعمار والتبعية والاستبداد والفساد لتبني مستقبلا جديدا يقوم على الحرية والديمقراطية وتحرير فلسطين.
لكننا لن نصمت!
لذلك أوجه الدعوة إلى كل الصحفيين العرب لينتفضوا ويثوروا ضد القيود التي تفرضها السلطات على حرية الإعلام، لنتمكن من كشف الحقائق التي تعيد إلى أمتنا وعيها بحقها في التحرر من الاستعمار الثقافي، لتدرك أنها تستطيع أن تكافح وتنتصر وتطبق النموذج الحضاري الذي قدمته المقاومة الفلسطينية.
كما أننا يجب أن نثور لنبني وسائل إعلامية حرة تعبر عن أمتنا، وحلمها في تحرير فلسطين، وحقها في فرض إرادتها، واختيار قيادات ترفض أن تترك غزة وحدها تواجه القوة الإسرائيلية الغاشمة.
ويجب أن نعبر عن التزامنا بأخلاقيات الإعلام بالتضامن المهني مع الصحفيين الفلسطينيين الذين يحافظون على شرف الصحافة ووظيفتها في توفير المعرفة لأمتنا، وهذا يشكل بداية لمرحلة جديدة من الكفاح من أجل حماية حرية الصحافة.. إنها معركة الحرية بدأت في غزة، وهي معركة مستمرة، سينتصر فيها المقاتلون من أجل الحرية!