في المعركة الإعلامية هل يمكن إحصاء خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي؟

'القسام' تعلن تدمير 21 آلية إسرائيلية في آخر 24 ساعة
تدمير آلية إسرائيلية

أعتقد أنه ما زال من الصعب أن نقدم حصرا لخسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي في المعركة الإعلامية، لكن هناك بعض المؤشرات على أن تلك الخسائر ستكون أكبر بكثير من عدد جنودها القتلى ودباباتها المحترقة.

بالرغم من تحيز النظام الإعلامي العالمي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتبنيه لروايتها، وترويجه لأكاذيبها؛ فإننا يمكن أن نلاحظ بوضوح أن الشعوب في كل أنحاء العالم بدأت تدرك أنها تعرضت للتضليل منذ عام 1948، وأن الصهاينة اغتصبوا أرض الشعب الفلسطيني، وتلك هي بداية القصة، وأن الذين يقاتلون في غزة هم أبناء المهاجرين من الأراضي المحتلة الذين تعرضوا لأقسى أشكال الظلم الذي لا يمكن أن يرتضيه ضمير إنسان حر.

حركة تحرر وطني تواجه قوة غاشمة

وشعوب العالم تشاهد الآن كيف تنتهك دولة الاحتلال الإسرائيلي القانون الدولي والقيم والحضارية والإنسانية، وتستخدم قوتها الغاشمة في ارتكاب جريمة إبادة جماعية معظم ضحاياها من الأطفال والنساء، وتدرك أن كل من يؤيد إسرائيل هو شريك في ارتكاب تلك الجريمة.

يوضح المشهد أيضا أن المقاومة الفلسطينية هي التي تلتزم بالأخلاقيات والقيم الحضارية؛ انطلاقا من الإسلام الذي يشكل عقيدتها وثقافتها وسلوكها ومواقفها، وأنها حركة تحرر وطني تكافح لتحرير أرضها، وأنها أنتجت سلاحها بنفسها، وأنها تقوم بحرب عقول تخطط فيها بأساليب استراتيجية جديدة، لم يتوقعها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

لذلك ظهر تغير واضح في الرأي العام العالمي، حيث توضح المظاهرات في أمريكا وأوروبا تزايد أعداد المؤيدين لحرية الشعب الفلسطيني وحقوقه، وارتبط ذلك بتزايد العداء لبايدن وإدارته خاصة بين الشباب الأمريكي، مما يقلل فرص بايدن في الانتخابات القادمة.

تدمير نفسية الصهاينة

أما في داخل دولة الاحتلال فإن تأثير هذه الحرب في الحالة النفسية والمعنوية للشعب سيكون أكبر من كل التوقعات؛ فاليهودي جاء إلى هذه الأرض ليعيش عليها مرفّهًا وليتمتع بخيراتها لا ليموت فيها، وهو يدرك الآن أن النتن ياهو يصر على الاستمرار في المعركة لأنه يريد الحفاظ على كرسيه وحياته وهربًا من المحاكمة في قضايا فساد تشكل له عارا. فهل يضحي الجنود بحياتهم من أجل النتن ياهو؟

ومن الواضح أن حماس تعرف نفسية العدو، لذلك تقدم له مقاطع فيديو تحمل الكثير من الرسائل التي توضح له المستقبل، فالمعركة مستمرة، والمقاومة صامدة، وتبتكر وتبدع وتخطط وتعمل على أرضها، وكلما طال أمد المعركة سقط المزيد من جنود العدو قتلى وجرحى.

والمقاومة تنتج مقاطع الفيديو بكفاءة، وتقوم بإذاعتها في الوقت الذي تحدده لتحقيق أهداف من أهمها تدمير الحالة النفسية للشعب الإسرائيلي الذي أصبح خائفا من مفاجآت المقاومة.

أمل العرب

أما الشعوب العربية فإنها تعلق آمالها على المقاومة الفلسطينية، وتنتظر ظهور أبي عبيدة الذي تمكن من التعبير عن إرادتها وشوقها لأيام الفروسية والبطولة والعزة والكرامة والجهاد.

وهذه الشعوب لم تعد تتابع وسائل إعلام النظم العربية المطبعة مع دولة الاحتلال، بل تزايدت كراهيتها لهذه الوسائل، وسخريتها مما تذيعه أو تكتبه؛ فأصبحت خسائر النظم العربية أكبر من خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي.

لقد وفرت الشعوب العربية فرص النجاح لوسائل إعلامية تمكنت من الحصول على ثقة الجماهير من أهمها الجزيرة. وهذا يفتح المجال لإنشاء وسائل إعلامية جديدة تعبر عن إرادة العرب في الكفاح ضد الطغيان والاستبداد.

وبالرغم من أن النظم العربية الحاكمة ما زالت قادرة عل المحافظة على الاستقرار باستخدام القوة الغاشمة التي تستخدمها لقهر شعوبها؛ فإنها تدرك أن غضب الشعوب العربية سينفجر فجأة، وأن مصير تلك النظم يشبه مصير النتن ياهو، فإن كان استمرار المعركة يمكن أن يؤجل محاكمته؛ فإن ذلك لن يكون في صالح أتباعه الحكام العرب، فالمنطقة كلها يمكن أن تنفجر فجأة، بعد أن تزايدت كراهية الشعوب العربية لحكامها الذين يتآمرون مع النتن ياهو وبايدن على إبادة شعب فلسطين.

الشعوب تكره حكامها

الشعوب العربية أصبحت أيضا تشعر بإهانة كرامتها بسبب صمت حكامها وضعفهم وتبعيتهم لأمريكا، ولم تعد تتقبل تلك الدعاية الساذجة التي أسرفت في إثارة المشاعر الوطنية بالأغاني المبتذلة والنفاق الرخيص للحاكم، والتخويف من التيار الإسلامي الذي يريد أن يغير هوية الدولة.

من أهم النتائج التي يمكن أن نتوصل إليها من دراسة وسائل التواصل الاجتماعي أن المقاومة الفلسطينية دفعت الجماهير العربية إلى التعلق بالإسلام الذي يمكن أن يقود الكفاح للتحرير.

الجماهير العربية أصبحت تدرك أن الإسلام هو الذي شكل حياة أولئك الفرسان الأبطال الذين يواجهون قوة جيش الاحتلال الغاشمة، ويحققون النصر، أو يفوزون بالشهادة.. وهؤلاء الرجال يكرهون الموت الطبيعي، لذلك لا يخشون تهديدات النتن ياهو بالاغتيال، فالطبيعي هو أن يموت الفارس في المعركة، ورأسه مرفوع عاليا، عزيزا كريما أبيا قويا يستحق الاحترام والمجد.

والشعوب العربية كرهت الموت فقرا وقهرا بأيدي أجهزة أمن نظمها التي تحمي حكاما تابعين لأمريكا، أقصى ما يمكن أن يحققوه هو الاستقرار الذي يعني الموت يأسا وقنوطا.

لذلك تنتصر المقاومة الفلسطينية إعلاميا؛ حيث تعيد بناء نفسية الإنسان العربي، وتقدم له نموذجا جديدا للحياة، وتفتح أمامه مجالا واسعا لتغيير واقعه المر، فحماس تقود حركات التحرر الوطني، بإعادة تشكيل أهداف الشعوب وأحلامها وآمالها، وتوضح لها أن الحرية هي الحياة الحقيقية، وهذا يشكل أيضا أهم خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي في المعركة الإعلامية؛ فالشعوب ستنتفض قريبا لتغير واقعها، لذلك سيكون البديل الوحيد أمام اليهود هو الرحيل من فلسطين.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان