إلى مَن يوجه “طنطاوي” رسالته بشأن العودة بديلًا مدنيًّا؟

النائب السابق أحمد طنطاوي أثناء عضويته في مجلس النواب

 

الزمن يعيد نفسه مرة أخرى، فكما فعل الدكتور محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقًا، ومؤسس الجمعية الوطنية، ونائب الرئيس في 2013 أثناء تولي عدلي منصور، عندما أعلن عودته إلى مصر عام 2010 لكي يعلن ترشحه للرئاسة في عهد المخلوع محمد حسني مبارك، ها هو التاريخ يعيد نفسه مع تغير الوجوه والزمان.

فقد أعلن السياسي المصري، وعضو مجلس النواب السابق، الشاب أحمد طنطاوي، عودته من لبنان، لكي يكون البديل المدني في مصر -على حد قوله- في انتخابات 2024.

وكتب “طنطاوي” الذي غادر إلى لبنان منذ 7 أشهر بغرض الدراسة وقتها “وحشتوني، ووحشني وطني الذي لم يغادر عقلي وروحي ووجداني لحظة واحدة، وأعود إليه بإذن الله يوم السبت 6 مايو (أيار) على طائرة مصر للطيران القادمة من بيروت والتي تصل مطار القاهرة 12.30 ظهرًا، لأقوم بواجبي في تقديم البديل المدني الديمقراطي الذي تحتاج إليه مصر، ويقدر عليه شعبها العظيم”.

وختم “طنطاوي” بيانه بالآية القرآنية: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْء قَدْرًا} صدق الله العظيم.

التشكيك في العودة

وقد أثار البيان الذي كتبه المعارض الشاب أحمد طنطاوي عن عودته في مايو كثيرًا من الأسئلة وعلامات التعجب بين المؤيدين والمعارضين، فالبعض تشكّك أصلًا في عدم قدرة “طنطاوي” على العودة، وآخرون سخروا من البيان، واعتبروه يعبّر عن شخص أحمد طنطاوي فقط.

فقد سافر “طنطاوي” إلى لبنان في أغسطس/آب الماضي 2022 ليكمل تعليمه -بحسب كلامه- وجاء سؤال بالنسبة للمشكّكين، وهو: ماذا كان يدرس، وفي أي جامعة كان يدرس، وهل احتكر لنفسه منصب البديل المدني دون الآخرين، وهل ذلك باتفاق مع التيارات الأخرى، أم قرار شخصي دون دراسة؟

و”طنطاوي” عضو مؤسس في حزب الكرامة عام 2005، ويُعَد من الجيل الثاني للحزب، وأصبح أمينًا له بمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ عام 2009، ثم عضو المكتب السياسي له عام 2012، حتى استقالته في مارس 2014، ولم يعلن بشكل رسمي سبب الاستقالة، إلا أنه صرّح لبعض المقربين بأن السبب كان رفضه مشاركة حمدين صباحي مرشحًا للرئاسة، معتبرًا أن هذه مجرد “مسرحية”، وأن “صباحي” بهذا يشارك في ترسيخ الحكم العسكري في البلاد، وقال “طنطاوي” إنه واجه “صباحي” بهذا الرأي.

مواقف طنطاوي

وفي فبراير/شباط 2019، انتقد “طنطاوي” التعديلات الدستورية المقترحة في مجلس النواب التي وافق عليها أغلب الأعضاء، وقال إن قناعاته الشخصية الراسخة المستقرة تجعله يقول “إن ما يحدث باطل دستوريًّا طبقًا لموضعين في المادة 226 من الدستور، وليس من حق البرلمان أن يعدل مدد الرئاسة إلا بمزيد من الضمانات، ولا يستحدث مادة جديدة، لأنها تفقد ثقة العموم والتجرد”، ووصف التعديلات بأنها “عودة إلى أسوأ مما كان الوضع عليه قبل 25 يناير”، وأنها “عودة إلى القرون الوسطى”، كما انتقد قِصر الوقت الذي تم تخصيصه لمناقشة التعديلات.

وحظيت كلمة “طنطاوي” بإشادة من رواد التواصل الاجتماعي حينها، ومن بينهم محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق.

وهكذا اشتهر “طنطاوي” بمواقفه المعارضة أثناء عضويته في مجلس النواب، وكلماته القوية ضد الحكومة والسلطة، مما جعل المحامين الذين يتربّصون بالمعارضين يتقدمون ضده بالعديد من البلاغات، وطالبوا بإسقاط العضوية عنه أكثر من مرة، ووجهوا إليه اتهامات بنشر أخبار كاذبة تسيء للوطن، على حد قولهم.

وفي انتخابات 2020، فشل “طنطاوي” في الحفاظ على مقعده في البرلمان، واتهم الحكومة بالتزوير، وبعدها بفترة تولّى رئاسة حزب الكرامة، ثم قدّم استقالته منه، ليعلن بعدها سفره إلى لبنان، لكي يدرس هناك، الأمر الذي لم يصدقه الجميع، وعللوا ذلك بأنه ربما خشي الاعتقال، أو تدبير تهمة له.

رسالة إلى الغرب

بعض المتابعين للأمور السياسية يرون أن “طنطاوي” بهذا البيان يغازل الغرب، ويوجّهه إليهم، فهم يهوون لعبة الانتخابات، ويهتمون بمثل هذه الأمور، وبهذا يحمي نفسه عند العودة بعد أن قدّم نفسه بديلًا مدنيًّا للداخل والخارج، والأهم طبعًا بالنسبة له في هذه المرحلة الخارج، حتى يجد مساندة وحماية على الأقل في حال عودته التي يرى البعض أنها قد تكون صعبة إلى حد ما.

أما بالنسبة للمعارضين، فقد تلقّفوا رسالة “طنطاوي” ببعض التساؤلات أيضًا، فالبعض تساءل عن ظروف هذا البيان، وهل تمت مناقشته مع تيارات مدنية ومعارضة أخرى، أم أن الأمر سابق لأوانه ولم يحدث بعدُ التفاف أو اتفاق حول مرشح بعينه؟

بل يبقى سؤال أهم من ذلك، وهو: هل ستُجرى انتخابات في 2024؟ وحتى إذا تمت هل ستكون انتخابات شكلية أم ديمقراطية، وهل ستسمح الدولة بالمنافسة على كرسي الرئاسة، أم سيكون الأمر كما حدث في الانتخابات السابقة؟

أيمن نور.. والضمانات

والبعض يتساءل كذلك عن ضمانات، كما طالب الدكتور أيمن نور، رئيس اتحاد القوى الوطنية والمعارض من الخارج، الذي اشترط ضمانات لخوض الانتخابات الرئاسية، وقال “إن المعارضة تدرس الدفع بمرشح توافقي للانتخابات الرئاسية القادمة”، وإنه شخصيًّا يدرس الترشح لهذه الانتخابات.

لكن هناك مَن يرى أن الانتخابات القادمة في 2024 لن تكون نتيجتها معروفة مسبقًا، كما غرّد رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، وقال على تويتر “لا أعتقد أن الانتخابات القادمة ستكون نتيجتها معروفة مسبقًا”!

وهكذا، ربما جاء بيان أحمد طنطاوي ليلقي حجرًا في المياه الراكدة في بحر السياسة المصرية، ويفتح أملًا أو حتى مناقشات في النهاية قد تصل إلى شيء يتوافق عليه المصريون بعد هذا البيات الشتوي، والرتابة في الحياة السياسية.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان