“دجاج” ألمانيا الأفضل.. لماذا لا تستورده مصر؟
قانون يمنع حبس الدجاج في أقفاص.. وهذه هي الأسباب!

انقلبت التهنئات بحلول رمضان إلى “بكام الفرخة عندكم في ألمانيا؟”. حوارات الأهل والأصدقاء ومواقع التواصل الاجتماعي تمحورت كلها في الأسابيع الماضية حول الدواجن وأسعارها وأرجلها في مصر، بل تعدت الحدود وذهبت إلى فراخ البرازيل التي غزت الأسواق المصرية الآن، ومنها إلى فراخ ألمانيا ذات الطعم الشهي والبيض الوفير، ولماذا لا تستوردها مصر؟!
أزمة الدواجن في مصر هي التي دفعت الفضوليين إلى المقارنة بين إنتاج البيض والدجاج في الدول الأخرى، وسط تساؤلات متلاحقة عن أسباب الارتفاع الجنوني لأسعارها في مصر الدولة الزراعية!!
في ألمانيا الفراخ متوافرة بكثرة في الأسواق طوال العام، ولا تعاني نقصا في الإنتاج، وسعرها يكاد يكون ثابتا منذ سنوات طويلة مضت، وربما يكون ثمنها قد ارتفع كبقية السلع في موجة الغلاء الأخيرة، لكن دون مبالغة كما يحدث في مصر.
الألمان لا يستوردونها من الخارج، بل إن جودة الفراخ الألمانية تأتي من مواطن تربيتها الطبيعية الموثوق بها كمقاطعة بفاريا الزراعية مثلا، التي تنفرد بجودة اللحوم والمنتجات الزراعية والألبان.
جمعيات ناشطي حقوق الحيوان الألمانية تراقب طرق تربيتها طوال الوقت، وتشدد على أهمية حريتها في أن ترعى في البرية، وفي بيئة نظيفة، وهواء نقي، وهي ضد حبسها في أقفاص.
قانون يمنع حبس الدجاج في أقفاص
بالفعل في عام 2010، صدر قرار بمنع تربية الدجاج في أقفاص ضيقة، وتم تعميم ذلك في 2012 في كل أنحاء الاتحاد الأوربي، لأن الأبحاث أكدت أن الدجاج الحر ينتج بيضا أكثر وأعلى جودة من الدجاج المحبوس، هذا فضلا عن منع استعمال المضادات الحيوية لزيادة الإنتاج، وأيضا ممنوع العلف المعدل وراثيا وطحين الأسماك.
الأهم من ذلك كله أن الناس في ألمانيا لا يرغبون في استهلاك لحوم الدجاج المحبوس في أقفاص لأنهم يعتبرونه منتجا غير صحي، وبالفعل يؤكد مسؤولون في جمعية حماية الحيوان الألمانية أن الدجاج الطليق السعيد ينتج بيضا غنيا بالفيتامينات. وهناك دراسة في جامعة فيينا قام بها عدد من علماء التغذية أكدوا فيها أن طريقة تربية الدجاج لها تأثير كبير على نوعية البيض، وأن بيض الدجاج الحر أغنى من غيره بفيتامين (أ) وفيتامين (هـ) ومادة الكاروتين.
الشراء دون بائع
توقفت أمام مزرعة صغيرة لتربية الدواجن التي ترعى في البرية بطريقة صحية وسط المزارع، كنت أمر عليها في طريقي يوميا دون أن تثير انتباهي، حاولت أن أتفقد البيئة التي ترعى فيها، حيث المزرعة بسيطة جدا، ولا أحد هنا، وكل ما هناك هو كوخ خشبي به ثلاجة بداخلها بيض للبيع، ومنشور ملصق علي جدار الكوخ يرشد الزائر إلى كيفية شراء البيض بمفرده، دون وجود أحد، فقط هي كاميرا مثبتة في سقف الكوخ للمراقبة، وكل ما عليك أن تملأ الكرتونة بالبيض وتضع ثمنها في حصالة مثبتة في جدار الكوخ، وتغادر، وهذا هو كل شيء.
يأتي صاحب المزرعة صباحا لجمع البيض ووضع الماء والعلف للدجاج، ثم يغادر ولا تراه إلا في اليوم التالي، أما الدجاج فيعيش في أجواء نقية للغاية، ويقتات من الغذاء الطبيعي المحيط به في البرية.
قد يرى البعض أن هذا نوع من الترف، لكنه في الحقيقة مهم لصحة الإنسان، فالأبحاث أشارت إلى أنه من الأفضل لصحة المستهلكين أن يشتروا بيض الدجاج الحر السعيد الذي يرعى في الهواء الطلق.
قضية ضد صياح ديك!
دجاج ألمانيا ليس دائما محظوظا، بل قد يتسبب في بعض المشكلات للجيران، وكانت قضية رفعها أحد الجيران ضد صاحب مزرعة أثارت الجدل في ألمانيا لطرافتها، فقد اشتكى رجل وزوجته أحد الديكة الذي لا يتوقف عن الصياح من الصباح حتى المساء، مما تسبب له في أضرار وإزعاج جعله لا يخرج إلى حديقة منزله، وعندما أراد أن يثبت ذلك للمحكمة سجل أكثر من 200 صيحة في اليوم الواحد لهذا الديك.
الدجاج الحلال
استهلاك لحم الدجاج في ألمانيا عال جدا، وهو في ارتفاع مستمر. ويتم في المزارع الألمانية الكبيرة للدواجن ذبح ما لا يقل عن 26 ألف دجاجة في الساعة الواحدة، حيث إن معدل استهلاك لحم الدجاج في ألمانيا هو 11 كيلوغراما في العام للشخص الواحد، وهذا يعني ضرورة تربية وذبح الملايين من الدجاج سنويا لتغطية الطلب المتزايد.
دواجن ألمانيا أيضا ترضي زبائنها المسلمين، فهنا العديد من الشركات الألمانية التي تقدم لزبائنها الدجاج الحلال. مثلا في قسم اللحوم بمتجر “كاوف لاند”، يلاحظ الزبائن المسلمون شعار “حلال” على بعض أنواع الدجاج والطيور، فالدجاج الذي تنتجه شركة “فيزنهوف” الشهيرة تضع ختم “حلال” باللغة العربية والتركية بحجم صغير في الركن الأيسرعلى غلاف العبوة، والطريف أن الشركة لا تكتب ذلك بالألمانية حتى تتجنب غضب وحملات التشهير التي تقوم بها جمعيات المحافظة على حقوق الحيوان، التي تعارض الذبح، إذ تحظر قوانين حماية الحيوان في ألمانيا ذبح الحيوانات وتعتبره أمرا غير مسموح به.
لا شك أن استيراد مصر لدواجن ألمانيا السعيدة قد يكون أفضل بكثير لصحة المواطن المصري من فراخ الدول الأخرى التعيسة!
