خضر ورفاقه قناديل تزيد المقاومة توهجا وثباتا

القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ الشهيد خضر عدنان (رويترز)

ستظل المعركة مع العدو الصهيوني مستمرة ومفتوحة على كافة الجبهات والأصعدة، فإذا كانت مستمرة على الأرض وفي الميادين والشوارع، فهي أيضا مستمرة ومتقدة خلف القضبان وقودها أبطال لم يكتفوا بالسعي لنيل حريتهم المسلوبة، بل أرادوا أن يعطوا دروسا ونماذج متوهجة في الكرامة والتضحية بالنفس عبر معركة الأمعاء الخاوية، وجاء الشهيد خضر عدنان ليكون أحد النماذج التي أعطت المثل والقدوة بخوضه لهذه المعركة وانتصاره فيها مرات، ولكن يبدو أن الاحتلال فهذه المرة استكثر عليه هذا الشرف فرأى أن يتخلص منه، ولكنها الشهادة التي تمناها الرجل كثيرا، ليصبح هو ورفاقه الذين سبقوه قناديل من نور تمنح القضية وقودا جديدا وتمنح المقاومة توهجا يزيدها إصرارا  وثباتا.

أطول إضراب

واستشهد خضر عدنان الذي يبلغ عمره 44 عامًا، بعد خوضه إضرابا مفتوحا عن الطعام؛ رفضًا لاعتقاله. وقد دام هذا الإضراب 87 يوما في ظروف صحية صعبة نال بعدها الشهادة، وكان قد أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام منذ لحظة اعتقاله في 5 فبراير/ شباط الماضي، بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال منزله في بلدة عرابة جنوب جنين وعاثت فيه خرابًا.

وخاض الشهيد، وهو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي بالضفة الغربية، 5 إضرابات سابقة عن الطعام في سجون الاحتلال، وهذا هو الإضراب السّادس الذي ينفّذه على مدار سنوات اعتقاله، هو أطول إضراب يخوضه، حيث خاض إضرابًا عام 2004 رفضًا لعزله استمر مدة 25 يومًا، وفي عام 2012 خاض إضرابًا ثانيًا استمر مدة 66 يومًا، وفي عام 2015 أضرب مدة 56 يومًا، وفي عام 2018 أضرب مدة 58 يومًا، وفي عام 2021 خاض إضرابًا عن الطعام استمر مدة 25 يومًا، وعلى مدار الإضرابات السّابقة تمكّن من نيل حرّيّته، ومواجهة اعتقالاته التّعسفية المتكررة.

وبارتقاء الرجل، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 236 شهيدا، وذلك منذ عام 1967، إضافة إلى مئات من الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.

8000 أسير

وتشير إحصائية رسمية صدرت عن مركز الإعلام والمعلومات الوطني الفلسطيني التابع لوكالة وفا إلى أن عدد الأسرى الفلسطينيين والعرب بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ 8000 أسير، مقارنة بـ1500 أسير قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ومن بين هؤلاء الأسرى 240 طفلا و73 امرأة وفتاة، وهم موزعون على 22 سجنا ومعتقلا إسرائيليا داخل الخط الأخضر وخارجه، وقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان استشهاد 103 أسرى من جراء التعذيب. أما الأسرى الإداريون فقد بلغ عددهم 567 أسيرًا.

المقاومة والقصاص

وحسنًا فعلت المقاومة في غزة عندما قامت بالرد على استشهاد عدنان في أسرع وقت، لتؤكد للاحتلال أن الأمور اختلفت كثيرا، فإن الضفة لم تعد وحدها والقدس لم تعد وحدها، وكذلك الأمر بالنسبة لأراضي الـ48 وكل فلسطين بما فيها سجون الاحتلال، وأن الإسرائيليين أصبحوا في مرمى صواريخ المقاومة، سواء دفاعًا عن الحرية أو ثأرًا للشهداء وآخرهم الشهيد عدنان خضر، وبذلك تؤكد المقاومة لنتنياهو وبن غفير أن زمن استشهاد الأسرى مجانا قد انتهى، وأن هناك من يثأر لهم وأن التعامل مع هؤلاء داخل السجون لا بد أن يكون تعاملا يليق بهم وبقضيتهم، وعدم الاستهانة بمعركتهم الموازية، وهي معركة الأمعاء الخاوية، التي جلبت الحرية للكثير منهم وإن دفع بعضهم حياته ثمنًا لها فنال الشهادة.

معركة تسليم الجثمان

وستظل معركة الشهيد عدنان مستمرة، وهذه المرة هي معركة تسليم جثمانه لأسرته لدفنه، ولكن سلطات الاحتلال تتعنت حتى في تسليم جثث الشهداء، للضغط على ذويهم ومحاولة إذلالهم، وهو ما فشلت فيه على مدار سنوات طويلة وحالات كثيرة، حيث لا يزال هناك 13 أسيرا شهيدا، طبقا لمؤسسات الأسرى، وهم: أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم استشهدوا عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر خلال عام 2020، والأسير سامي العمور الذي استشهد عام 2021، والأسير داود الزبيدي الذي استشهد عام 2022، ومحمد ماهر تركمان الذي ارتقى عام 2022 في مستشفيات الاحتلال، إضافة إلى الأسير ناصر أبو حميد، الذي استشهد في 2022، والمعتقل وديع أبو رموز الذي ارتقى في مستشفيات الاحتلال في 28 يناير 2023، وخضر عدنان الذي ارتقى في زنزانته في عيادة سجن الرملة في الثاني من مايو 2023.

وستظل دماء هؤلاء الأبطال لعنة على الاحتلال وقادته، ووهجا للمقاومة، ووقودا يمنحها مزيدا من القوة والتمدد إلى كل فلسطين، وهو ما بدا يتحقق عمليا على الأرض، من خلال كتيبة جنين وكتيبة عرين الأسود بنابلس وغيرها من المدن والقرى بالضفة الغربية، أما خارج فلسطين فصار هناك حزام مقاوم يتمدد من لبنان إلى سوريا وصولًا إلى غزة وقريبًا الأردن. إن دماء عدنان ورفاقه لن تضيع هدرًا، فستنال الجنة في السماء بإذن الله وتنشر المجد والكرامة على الأرض.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان