حقيقة تصريحات محمد صبحي السياسية

تصريح الفنان المصري محمد صبحي منذ أيام قليلة المتعلق بالانتخابات المصرية للرئاسة المزمع إجراؤها في ربيع العام القادم أثار الرأي العام المصري مع ردود فعل كبيرة؛ ففي مقطع مصوّر طالب صبحي رئيس الجمهورية بإفساح الطريق أمام مرشحين جدد لمنافسته في الانتخابات القادمة، وقال “افسح مجال للأفضل ليتمكن من الفوز بالمنصب”، وعندما تملّكت الدهشة الطرف الآخر في المقابلة قال لمحمد صبحي “تاني.. ماذا تقول؟” أعاد الممثل الشهير صاحب التاريخ الفني الطويل في المسرح والسينما والتليفزيون الجملة بنص مختلف، مشددا على الرئيس المصري إن كان يثق فيما قدمه فليفتح المجال للمنافسة في الانتخابات.
للوهلة الأولى لم أصدق ما قاله محمد صبحي خاصة في ظل الأوضاع السياسية في مصر، تصورته تصريحًا قديمًا له ربما أثناء رئاسة الرئيس المصري السابق محمد مرسي رحمه الله، فصبحي المعروف بقربه من الرؤساء لم يتعود على مثل هذه التصريحات، وله صور كثيرة مع مبارك في مناسبات عديدة ومع مرسي أيضا، ولم يُعرف له تصريح معارض للرؤساء، لذا راودني شك كبير في تصريحه، ولكن تداول مواقع إخبارية للتصريح بدّد الشك قليلا، ولم أصدق إلا حينما خرج صبحي في اليوم التالي بتصريحات لإحدى الصحف اليومية الخاصة ينفي فيه تصريحاته ويتهم المواقع بتحريف تصريحاته ويؤكد ثقته في القيادة السياسية ومحبته لها.
أجواء سياسية
وبعيدا عن نفي صبحي الذي لا محل له حيث التصريح مسجل صوتا وصورة وأدّاه بطريقة تمثيلية، مؤكدا على مخارج الحروف والكلمات وأعاد ذلك مرتين، إلا إن تساؤلات كثيرة دارت في ذهني حول أسباب تراجعه السريع عن التصريح الصادم لمن يعرف تاريخ هذا الفنان.
يأتي تصريح صبحي حول المرشح الأفضل لرئاسة الجمهورية المصرية في الانتخابات القادمة بينما لم يمر أسبوع على عودة السياسي المصري الشاب أحمد الطنطاوي مع تأكيده الترشح للانتخابات القادمة الذي تزامن مع تجديد حبس 12 من أقربائه وداعميه. وصول طنطاوي تأجل أسبوعا حرصا على مستقبليه في المطار كما قال، وبدأ عرض بعض أفكاره في تصريحات ولقاء تليفزيوني. يتواكب ذلك مع محاكمة المهندس يحيى حسين عبد الهادي بتهمة الانضمام لجماعة محظورة (الإخوان المسلمين) ونشر مقالات زعزعت السلم العام وبيانات كاذبة في ثلاث مقالات تحديد عن الحوار الوطني، والإفراج عن المعتقلين، ويحيى حسين المتحدث الرسمي السابق للحركة المدنية أحد الأسماء التي تتردد للترشح للانتخابات الرئاسية لكن الرجل لم يعلن موقفا من هذه الانتخابات.
لماذا تصريح صبحي؟ ولماذا العودة؟
محمد صبحي فنان مصري بدأ في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، ورغم ظهوره في أفلام الكرنك، أبناء الصمت، وراء الشمس، وأين المفر، في أدوار متميزة إلا أن صبحي لم يستمر في تلك النوعية من الأدوار، ثم ما لبث أن بدأ حياته المسرحية بعد أدوار قليلة في السينما ليقدم مسرحية (انتهى الدرس يا غبي) في منتصف السبعينيات التي حققت نجاحا كبيرا كعمل كوميدي. وتوالت أعمال صبحي المسرحية، وتنوعت بين الكوميديا من النوع الهزلي، إلى الكوميديا الجادة خاصة مع أعمال المؤلف المسرحي لينين الرملي إذ قدما: الهمجي، وجهة نظر، ماما أمريكا، بالعربي الفصيح، البغبغان، تخاريف، والواقع أن لقاء صبحي مع لينين الرملي قد أحدث تحولا في علاقة صبحي بالمسرح بعد مسرحيات تنتمي للكوميديا الهزلية قدم مثلها أيضا في أعماله السينمائية مثل: علي بيه مظهر، العميل 13، وأونكل زيزو حبيبي.
رغم التوجه السياسي لصبحي في أعماله مع توأمه الرملي إلا أنه لم يكن أبدا معارضا سياسيا، أو صاحب تصريحات من هذا النوع التي تتوجه مباشرة إلى رئيس الجمهورية أو النظام الحاكم، خاصة مع تراجع الكثير من الفنانين الذين شاركوا في يناير عن الإدلاء بتصريحات سياسية ما عدا قلة أبرزهم: عمرو واكد، وخالد أبو النجا، والاثنان خارج مصر. إذن فصبحي يعلم بحكم خبراته الطويلة في التعامل مع نظام الحكم في مصر أن تصريحه لن يمر مرور الكرام في الأجواء سالفة الذكر. اعتقادي أنه قال ما قال في إطار دردشة لم يتصور أنها ستصل إلى هذا الحد من ردود الفعل.
عندما اكتشف صبحي أن تصريحه انتشر وخاصة بين المعارضة فحاول أن يتدارك تصريحه فنفاه بما يؤكده، وربما هناك من حادثه تليفونيا محذرا مما قاله من أصدقائه أو من أحد أجهزة الدولة.