حسن شاكوش.. فضائيات تنتعش على الفضائح وأسرار البيوت

"شاكوش" وزوجته (يمين) والمذيعة بسمة وهبي (وسط)

 

ضجة إعلامية كبرى مثيرة للأسى والحزن والكآبة على السقوط المهني المريع لوسائل إعلامنا المصرية (إلا نادرًا). أتحدث عن الصخب والصراخ الدائر على الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، نشرًا لتفاصيل وأسرار الخناقة الزوجية لمُغني المهرجانات حسن شاكوش مع زوجته ريم طارق. أطراف المعركة يتناوبون تبادل الاتهامات الشائنة والفضائح.. حسن شاكوش في مواجهة زوجته ووالدها طارق السيد، مع دخول طليق سابق لزوجة شاكوش على خط المعركة، بما زادها اشتعالًا. والد زوجة شاكوش، قرر منذ أيام عقد مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء -آه والله مؤتمر صحفي- حيث زفت إلينا وسائل إعلامنا المبجَّلة على مدار الأيام الثلاثة الماضية “البشرى” العظيمة بنبأ هذا المؤتمر الصحفي الخطير لإعلان أسرار مثيرة عن هذا الخلاف، قبل أن يتراجع الرجل، لمعاناته من متاعب صحية.

شيرين عبد الوهاب والمعركة الإعلامية مع زوجها

كأننا أمام إعادة إنتاج لمشاهد خناقات المغنية والممثلة المصرية شيرين عبد الوهاب (صاحبة أغنية آه يا ليل) مع زوجها حسام حبيب، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما افتتحت معركة إعلامية مع زوجها بـ”إطلالة تلفزيونية”، انهالت خلالها بسيل من الاتهامات لزوجها بضربها وتعذيبها وتخويف بناتها، وتفاصيل وأسرار زوجية لا تعنينا، بقدر ما تُسيء إليها وزوجها وبناتها. هذه المعركة الإعلامية التي استمرت أيامًا عديدة، بينها وبين زوجها مع دخول أسرتيهما إلى ميدان المعركة، وتبادل الاتهامات بالابتزاز والاستغلال المالي، وإدمان المخدرات.. انتهت إلى إيداع “شيرين” لمدة في مصحة لعلاجها من إدمان المخدرات، ثم عادت إلى زوجها ليعيشا في “تبات ونبات”، أو هكذا نتمنى حتى لا يُصدّعا رؤوسنا بصراعاتهما.

الصحافة.. ومرضاة مُحرك البحث غوغل والترند الملعون

هذا السقوط المهني لوسائل إعلامنا، وانشغالها بمثل هذه الخناقات الزوجية والتفاهات لشاكوش وشيرين وأمثالهما، يرجع في جانب منه إلى أن “مواقع التواصل الاجتماعي” وقد أصبحت عملاقة في سنوات قليلة، استأسدت، وانصاع الجميع لقوانينها في كل المجالات تقريبًا. ذلك أن كثيرين منا ينفردون أغلب ساعات اليوم في عُزلة شبه تامة، عمن حولهم في العمل والمنزل، لمتابعة هذه المواقع، عبر الهاتف الجوال المتصل بالإنترنت (وأحيانًا الحاسوب) الذي صار صديقًا لصيقًا لصاحبه. “الصحافة” تستهدف بالمحتوى المُقدَّم منها، قطاعًا من الجمهور، ومن ثَمَّ، استغلت مواقع التواصل هذا الاستهداف لـ”الجمهور” الذي لا يكاد يفارقها، وحوّلت “صحافتنا” المكتوبة والمسموعة والمرئية -إلا قليلًا- إلى مجرد “عبد” يسعى إلى مرضاة محرك البحث الشهير غوغل، لمسايرة “الترند”.

 هيمنة التواصل الاجتماعي.. وفخ الصحافة الصفراء وأسرار المشاهير

صحافتنا المكتوبة (الورقية والإلكترونية) والإذاعية والتلفزيونية، الساعية إلى الترند الملعون، في ركضها لاجتذاب المتابعين لصفحاتها بأي وسيلة، انسلخت عن الرصانة والمصداقية والحياد والموضوعية، بعيدًا عن المهنية، وراحت تنزلق بسرعة إلى فخ “الصحافة الصفراء” التي تنتعش وتتعيش على الفضائح والإثارة والهزل والإسفاف وأسرار المشاهير، لزيادة التوزيع والمبيعات والإعلانات. مع تزايد هيمنة “مواقع التواصل الاجتماعي” على الجمهور (قارئًا أو مستمعًا أو مشاهدًا)، صارت تتقاسم مع “غوغل” وغيره، كعكة الإعلانات. لهذا، فحصيلة الإعجابات والمشاهَدات والمشارَكات للمحتوى الإعلامي على “صفحات التواصل” تعني انتشارًا وإعلانات ودولارات، وكلما زاد الإقبال على الصفحات، تضاعفت المكاسب المالية للوسيلة الإعلامية.

اتهامات غير ثابتة الصحة وأمور شخصية.. لماذا يتم تداولها إعلاميًّا؟

ثمة أسئلة مشروعة تطرح نفسها: إذا علم “المواطن” بأسباب الخلاف بين حسن شاكوش مُغني المهرجانات وزوجته، أو لم يعلم، فماذا يعود عليه أو على الوطن؟ ما الفائدة إن كان “شاكوش” قد استولى أو سرق من زوجته إيصال أمانة بنصف مليون جنيه (الضمان لمؤخر الصداق) أو أنها استولت أو سرقت مليون جنيه من منزله العامر، عند طردها أو مغادرتها؟ هذا مع التسليم بأن الاتهامات المثارة على الشاشات والمواقع والصفحات، لم تثبت صحتها بحق أي منهما، وحتى لو ثبتت، فهي أمور شخصية و”أسرار بيوت” محظور تداولها، ولا تعني غيرهما.. فلماذا يتم تناقلها إعلاميًّا؟ ما القيمة “الصحفية” لمؤتمر صحفي يعقده والد زوجة حسن شاكوش -مع كامل احترامنا لشخصه- كي يحتفي به الإعلام؟ هل “صِهْر شاكوش” سيعلن انتهاء حرب الجنرالات في السودان، أو الحرب الروسية الأوكرانية، أو تخفيض سعر الدولار مثلًا؟ ماذا يعنينا إذا كانت زوجة حسن شاكوش (ريم طارق) قد تزوجت قبله وطُلّقت من زيد أو عبيد، وأخفت أمر هذه الزيجة عن زوجها أو أبلغته؟ ماذا نستفيد إن كان حسن شاكوش قد تزوج امرأة أخرى في التجمع الخامس أو لم يتزوج؟

شاكوش.. وبنت الجيران وموسيقى إلكترونية

لا يفوتنا أن حسن شاكوش -وإن كنت لا أستمع له- هو مُغني مهرجانات، وهذا النوع من الغناء يعتمد على موسيقى إلكترونية ومؤثرات صوتية، وكلمات لها مدلول شعبي متعلق بالعلاقات الاجتماعية، على شاكلة (بنت الجيران) و(صاحبي) وغيرهما. هذه المهرجانات تجد رواجًا في الأوساط الشعبية، وعلى قناة “حسن شاكوش” بموقع يوتيوب، وقد لاحظت أن أحد فيديوهات أغانيه حاز 270 مليون مشاهَدة، وكثير غيره تخطت مشاهداته 100 مليون، وغيرها بعشرات الملايين. من هذه الزاوية، فإن “شاكوش” يكون مهمًّا للإعلام، لأن جمهوره ومتابعيه بعشرات أو مئات الملايين، مِن ثَمَّ يتلهفون على أخباره، وكل ما يُنشر عنه يعود على “وسائل الإعلام” الناشرة بالنفع، زيادةً في جمهورها وعوائدها المالية. هل يجوز لوسائل الإعلام الاستسلام لهذه المغريات، بالانزلاق إلى نشر أسرار الخلافات الزوجية والتطرق إلى الحياة الخاصة لشاكوش وأمثاله؟ قطعًا الإجابة بالنفي، فهذا لا يجوز دستورًا (المادة 57) وقانونًا وشرعًا ومهنةً وخُلقًا. على وسائل إعلامنا التحلي بأخلاقيات المهنة وضبط ممارساتها ذاتيًّا، فإن فعلت، تحفظ لنفسها الهيبة والمصداقية والتأثير.

نسأل الله السلامة لمصر المحروسة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان