يوري مرقدي وخيري رمضان.. لماذا “المساكنة” دون زواج، الآن؟

يوري مرقدي

تتوالى على رؤوسنا تقاليع اجتماعية، وأنماط حياتية لعلاقات غير مشروعة، وصادمة، يُراد لها الذيوع والشيوع والانتشار في مجتمعاتنا، تدميرا للأسرة، التي هي أساس المجتمع، وقيمه وتقاليده وعاداته.

أحدث هذه التقاليع الشاذة، هو الدعوة إلى “المُساكنة”، وتعني أن يجمع السكن بين رجل وامرأة وبينهما علاقة جنسية دون زواج. منذ أيام، دعا المُلحِّن والمُغنّي اللبناني يوري مرقدي (وهو من مواليد عام 1969)، صاحب أغنية أنا عربي، إلى “المُساكنة”، وصرح منذ أيام لفضائية “الجديد” اللبنانية، بأن ابنته تعيش مع صديقها في كندا من دون زواج (مُساكنة)، مُعربًا عن سعادته ومباركته لسلوك ابنته، ومُنتقدًا فكرة “الزواج” من دون مساكنة، كما كشفت زوجته خبيرة التجميل ألفت منذر، بأنهما عاشا معا عشر سنوات “مُساكنة”، قبل أن يتزوجا.

المعركة.. وفنانون بأزياء نسائية وأقراط وعقد لؤلؤ

وها هي معركة الترويج لـ”الشذوذ الجنسي” خلال مونديال 2022، لا تزال ماثلة في الأذهان، وهي المعركة التي خاضها دُعاة هذه الرذيلة قبل أشهُر، توظيفًا لنجوم كرة القدم الأوربيين، بدعم إعلامي غربي مكثف، وانتصرت فيها دولة قطر للدين والقيم والتقاليد العربية الأصيلة. كما تكررت في الآونة الأخيرة، إطلالات لبعض نجوم الغناء المصريين، في حفلات غنائية عامة بملابس نسائية.

أحد هؤلاء النجوم ممثل ومُغنٍّ (له مليارات المشاهدات على يوتيوب وتيك توك) يظهر مرتديا “بلوزة”، أو يترك نصفه الأعلى عاريا تماما، وآخر يظهر بقميص شفاف مثل “الفستان”، وبقرط في أذنه، وثالث يلتف عُقد من اللؤلؤ (اللولي) الأبيض حول عُنقه.. أما أشهرهم وأهمهم في عالم الطرب (5.8 ملايين متابع على يوتيوب فقط)، فقد زّينَ أذنه بـ”قرط”، وقد سبقهم جميعا إلى الظهور بملابس النساء مغنّي “راب” له ثمانية ملايين متابع لصفحاته التواصلية.

هذه الدعوات والتقاليع، يربط بينها جميعا استغلال النجوم من الفنانين ولاعبي “كرة القدم” اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وتوظيفهم لخدمة وترويج هذه السلوكيات والتقاليع الشاذة. هذه الفئة من المشاهير تستحوذ على اهتمام ومتابعة وشغف جمهور كبير، ومن ثم تنجذب وسائل الإعلام، لمتابعة كل شاردة وواردة تصدُر عنها. تكمن المشكلة في انقياد شباب كُثْر لهذه “النماذج”، تقليدا أعمى لسلوكياتها، ولا سيما أن بعضهم لا يدرك قيمة الفن، ولا كونه “فنانا”، يتعين عليه أن يكون قدوة حسنة في سلوكه الذي يتم تصديره إلى جمهوره.

الإعلامي “رمضان” ومرقدي.. والممثل محمد عطية والتوافق الجنسي قبل الزواج

عودة لقضية المساكنة.. ما أن طرحها “يوري مرقدي” الذي يعيش معظم الوقت في كندا، حتى سارع الإعلامي خيري رمضان، بتخصيص حلقة من برنامجه على فضائية القاهرة والناس، لمناقشة هذه “القضية” من دون التنويه إلى مرقدي، أو أن يجيبنا عن السؤال: لماذا المساكنة الآن؟ وإن كان قد زعمَ في ثنايا كلامه أن شبابنا يطرح الفكرة من وقت لآخر.

لا أدري من هم  الشباب الذين يتحدث عنهم “رمضان”، إلا إذا كان يقصد الممثل محمد عطية الذي أعرب العام الماضي، عبر برنامج تلفزيوني، عن تأييده لـ”المساكنة” حتى يتبين للشخص هل هناك توافق جنسي مع الشريك أم لا؟ معللا رأيه بأن الزواج قديما كان بدون عقد. وقد نال هجوما كبيرا في حينه، وانتهى الأمر، فما الداعي لإثارته الآن؟

الإعلامي خيري رمضان، يتعلل بأن المساكنة فكرة مقتبسة من الغرب للتعايش قبل الزواج، بدلا من الزواج السريع الذي يؤدي إلى الفشل، مع أن المصريين ينظرون بعين الريبة إلى ما يأتي من الغرب في مثل هذه الأمور، ولهم مثل شعبي مفاده: “محدش ييجي من الغرب ويسُر القلب”.

صاحبنا “رمضان”، دافع بحماس منقطع النظير عن “المُساكنة”، مستشهدا بمساكنة لاعب كرة القدم البرتغالي الشهير كريستيانو رونالدو، لصديقة أرجنتينية منذ سنوات، وإنجابه منها من دون زواج. كما استضاف هاتفيا شخصا وصفه بأنه مُحام من الإسكندرية عمره 31 عاما، وقال عنه رمضان أثناء المداخلة إنه دارس وخبير (لا تسأل خبير في أيه؟)، وأفرد له وقتا طويلا، ليدافع المحامي أو “الخبير المزعوم” عن مميزات المساكنة، باعتبارها حلا لمشكلات الزواج، مُبدِيا عدم ممانعته أن تمارس أخته المساكنة، استنادًا إلى انتشارها بالولايات المتحدة الأمريكية. باختصار، فإن “رمضان” رغم محاولاته الظهور متوازنًا، وغير متحيز، فالخلاصة التي خرج بها المُشاهد هي أن المساكنة “حلوة وزي الفل”، وحرية شخصية، ولا شأن للمجتمع بها، مع ممارسته للتضييق على ضيفة برنامجه استشارية الصحة النفسية والعلاقات الزوجية الدكتورة سمر كشك، لأنها فندت حججه هو والمحامي الإسكندري.

بيان الأزهر والزنا الأوربي.. وتيسير الزواج بدون شبكة ومهر وفرح

إنصافًا، فإن غالبية “برامج التوك شو”، لم تُساير هذا المسلك لرمضان، واستعانت بعلماء أزهريين لبيان رأي الدين، وتمزيق هذه الدعوة الرديئة، وإن كانت المواقع الإلكترونية (خاصة المصرية)، قد سايرته، فهذه المواقع مثله في السعي إلى “التريند” أيا كان الثمن. الحلقة مُستفزة للدين والقيم والتقاليد المجتمعية، واستنفرت “الأزهر الشريف”، فأصدر بيانا حادا، يُندد فيه بـ”المُساكنة”، ويصفها بأنها “زنا أوروبي”، وأنها حرام شرعا، مع تأصيل فقهي للمسألة. لا يفوتنا أن الكاتبة عزة سلطان، من ضيوف حلقة رمضان، دعت إلى التوعية المجتمعية لتيسير الزواج بدون “شبكة ومهر وفرح كبير” مراعاة للظروف المعيشية، مع ضمان لحقوق المرأة بعد الطلاق.

تذكيرًا.. هناك قاعدة حاكمة للنشاط الصحفي مكتوبا كان أو مسموعا أو مرئيا، بأنه “ليس كل ما يُعرف أو يُقال ينشر”، فليس واجبا على الصحافة، مثلا الترويج للخرافات والشعوذة، ومثل هذه الدعوات والتقاليع الشاذة بحجة نقل الأخبار، فإن تناولتها، فلتكن المهنية حكما، تعريةً للنقائص وللأغراض الدفينة، وليس بهذه الخفة استهدافًا للتريند.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان