حرق المصحف وتجذر الكراهية والكيد للإسلام

جاءت واقعة حرق المصحف الشريف في السويد مؤخرا وهي ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة لتستفز مشاعر المسلمين لاسيما وأنها جاءت مع يوم الأضحى، والجديد في هذه المرة هو تقنين حرق المصحف سواء من خلال حكم المحكمة أو سماح الشرطة وموافقة رأس السلطة، كل هذا يشير إلى تطوير غريب ولكنه تكرر في أكثر من دولة أوربية، سواء هولاندا أو الدنمارك، ليؤكد تجذر الكراهية منذ العصور الوسطى مرورا بسقوط الأندلس والحملات الصليبية وصولا إلى الاستعمار الحديث، وما تبع ذلك من شلالات دماء وعندما حققت أوربا كل ما تريده واصلت الكيد للإسلام وأهله عبر عدة أدوات، منها التبشير وتفكيك كيان المجتمع المسلم وصولا إلى اليمين المتطرف الذي يحمل لواء هذا الإرث العدواني فضلا عن زرع كيان صهيوني في قلب الأمة.
بداية الصحوة الاسلامية
وهذا الكيد موثق عبر كتب وأبحاث وهي كثيرة ولكن نختار هنا كتابين تزامنا مع صحوة إسلامية ترافق معها صعود العداء، أول هذه الكتب، كتاب “قادة الغرب يقولون …دمروا الإسلام وأبيدوا أهله” لمؤلفه جلال العالم. والصادر عام 1974وهو تاريخ بداية الصحوة الإسلامية أو الموجة الأولي لها بعد خروج الاستعمار من العالم الإسلامي، وهنا يتناول الكاتب المؤامرات التي تعرض لها المسلمون على يد أوربا سواء في هذه الفترة أو ما قبلها.
أما الكتاب الثاني فهو كتاب صمويل هنتجنتون “صراع الحضارات “كان ذلك قبيل الألفية الثالثة وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وموجة ثانية من الصحوة الإسلامية، خاصة بعد انتصار المقاومة الأفغانية على الاتحاد السوفيتي وإخراجه من أفغانستان بقوة السلاح، وملخص الكتاب أن الإسلام هو الخطر وهو العدو الأول وعليه أكد على ما جاء في كتاب جلال العالم من الكيد الأوربي للإسلام، ثم دفع في اتجاه عجلة المخططات في هذا السياق من الحرب علي أفغانستان والعراق وما تلاه من قتل المسلمين تحت شعارات براقة تارة أو مرعبة تارة أخرى.
أما بالنسبة لليمين المتطرف فهو الأكثر وضوحا وهو يحمل هذا الإرث التاريخي لهذا الحقد التاريخي للإسلام والمسلمين، وهو أحد تداعيات هذا الإرث التاريخي والاكثر فجاجة وربما الأكثر سذاجة، لأن من قبله كانوا يقتلون باسم محاربة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان، “فكلاهما وجهان لعمله، وعليه لا نستغرب ما يقوم به اليمين المتطرف بصرف النظر عن مشاريع السياسية والأيديولوجية ولكنه يشن حرب شاملة، تشمل القتل والعقيدة والهوية وكل ما تطاله يده من إساءة للإسلام والمسلمين.
استراتيجية قديمة
ما سبق يوضح لنا نقطة هامة جدا وهي أن هناك استراتيجية غربية قديمة في الكيد للإسلام والمسلمين تأخذ أشكالا مختلفة، سواء من ينفذونها أو طرق تنفيذها من خلال حكومات وما قامت من حشد حلفاء لها لقتل المسلمين في بقاع العالم وكان نموذج أمريكا تجاه العراق وأفغانستان الأكثر فجاجة في ذلك، أما الوجه الآخر للعملة وهو اليمين المتطرف فهو يكمل المسيرة ولكن بأدوات مختلفة وأدوات أكثر فجاجة وما يصاحبه من مسرحيات حكام الغرب، باعتبار ما يمارسه اليمين هو حرية تعبير، وحتى من يستنكرون منهم ذرا للرماد في العيون أو لأهداف سياسية داخلية .
وعليه في المقابل يجب أن يكون هناك استراتيجية مقابلة للعالم الإسلامي لمقاومة هذه المخططات، وليس إجراءات سطحية فيها قدر كبير من حسن النية إن لم يكن السذاجة والمطالبة بمقاطعة البضائع وإصدار البيانات الحماسية وغيره من إجراءات، لا تلبث أن تتلاشى بمجرد مرور أيام، لكن المطلوب استراتيجية مدروسة قطباها الحكومات والشعوب للرد على الاستراتيجية المقابلة لأنه لا يفل الحديد إلا الحديد، والتأكيد على مواقف بعض الدول التي تفهم الأمور بشكل صحيح مثل تركيا على سبيل المثال، وأن يكون الدفاع عن الإسلام كعقيدة ودين وليس مواقف تتعلق بالمصالح السياسية والاقتصادية، لأن الطرف الآخر ينطلق من منطلق عقائدي في كل ما يقوم به سواء صهيونية عالمية أو يمين مسيحي متطرف.