أخطاء شائعة في التعارف تفسد العلاقات وتصنع الخسائر
«إنما الناس بحار، فلا تحكم على أعماقهم وأنت لا ترى إلا شواطئهم»، هذا ما قاله شمس التبريزي ونتفق معه ونضيف ونؤكد أن من أهم أسباب “الغرق” في مشاكل العلاقات بأنواعها في العمل والصداقات وعلاقات الخطبة والزواج “التسرع” بالحكم على الناس وترديد جملة “أنا دائمًا حكمي على الناس صحيح وأعرفهم جيدًا من أول لقاء”، فلا أحد منا لا يخطئ أحيانًا في حكمه على الناس، ومن حقنا على أنفسنا “مراجعة” أحكامنا عليهم وعدم التمادي فيها لمنع الخسائر ولتقليلها إذا حدثت.
نوصي بعدم التسرع في الحكم على الناس بالسلب أو بالإيجاب، فكثيرًا ما تتأثر أحكامنا بحالتنا النفسية وقتئذ وبمدى تقبلنا أو رفضنا السابق لهم، وعندما نتمهل سنفاجأ برؤية أفضل وأوسع للناس نستحقها، الحكم بالسلب مبكرًا يحرمنا من رؤية مزاياهم.
نود عندما نشعر بالإحباط أو بالغضب بعد الشعور بالصدمة وأحيانًا “بالغدر” من تعاملات مع مقربين ألا نتسرع بالتعارف مع غرباء حتى لو “بدوا” رائعين، فسنندفع وقد نراهم “التعويض” عما حدث لنا، والمؤكد أننا وحدنا “المسؤولون” عن تعويض أنفسنا عن أي خسائر في العلاقات، بالتعلم من أخطائنا أولًا “ودورنا” في صناعة خسائرنا ولو بعدم التأكد من حسن اختيارنا من “جدارتهم” ليكونوا جزءًا من حياتنا أو لتعجل منحهم الثقة أو تجاهلنا “لعلامات” تؤكد أنهم لا يستحقونها، والأكثر شيوعًا مع الأسف “تبرير” أخطائهم وأحيانًا خطاياهم بأنهم لا يقصدونها ثم تحمل الوجع القاسي لاحقًا.
تعطيل وتحريض
تقييم الناس “تأثرًا” بمظهرهم “فقط” خطأ يؤذي من يفعله ويدفع ثمنها لاحقًا سواء أعطى صاحب المظهر الرائع أكثر مما يستحق أو أبخس صاحب المظهر المتواضع حقه، فلنتشبث “بالعقل” عند التعارف وليس بالعين التي تنبهر بالمظهر أو تراه غير جيد، وبالوقت نفسه نحرص على المظهر الجيد ولا نراهن أبدًا أن الناس ستلجأ مثلنا لعقولها قبل عيونها خاصة مع تزايد الضغوط.
نحذر من رسم صورة ذهنية عن الآخرين “والرفض” النفسي والعقلي لرؤية ما يخالفها، فيتسبب في “تعطيل” منحهم ما يستحقونه من الثقة أو حرمانهم منها، ويسيء التبسط “الزائد” خاصة في المقابلات الأولى لمن يفعله ويحرض على الاستهانة به والتقليل من شأنه، والمبالغة في التواضع مرفوض “ويحرض” على تعالي الآخر إن كان سيئًا وكذلك تقديم الاحترام الزائد، ولنتذكر نصيحة الإمام علي كرم الله وجهه: “إذا وضعت أحدًا فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك”؛ ودومًا الاعتدال هو “الاختيار” الأفضل.
من أكثر الأخطاء الشائعة “الاستسلام” للشعور بالارتياح عند التعارف والإكثار من الكلام عن الأمور الشخصية، ويفعلها البعض دون تعمد ليهرب من الإحساس بالوحدة ويحكي أسراره الخاصة، وآخرون يتحدثون عن أحلامهم وخططهم في الحياة ويقدمون “للغرباء” ما يسهل لهم السيطرة عليهم ويتناسون نصيحة “هتلر” الذكية: “لا أحد يستطيع أن ينصب لك الكمائن إلا من يعرف تحركاتك جيدًا، لا تخبر أحدًا بما تفكر به لتصل بسلام”؛ فلنحتفظ بأسرارنا لأنفسنا ولا نخبر أحدًا بها، لمنع استغلالها وللفوز بتقدير الناس لنا أيضًا، فالناس “يحترمون” ويثقون بمن لا يجعل حياته كتابًا مفتوحًا “ومستباحًا” للآخرين في الواقع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والعكس صحيح، وحتى مع المقربين يجب وضع الحدود المتفاوتة، ولا نبالغ بحسن الظن بالناس أو بسوء الظن.
من الخطأ أيضًا التكلف ومحاولة الظهور بشخصية أخرى وادعاء الثقافة أو الثراء، والاهتمام المبالغ بالآخر أو التجاهل والتعامل بلا مبالاة، وفي العمل يجب ألا نتدخل في شؤون الغير أو إبداء النصائح من دون طلبها.
كذب وقنابل
نتوقف عند خطأ “تصديق” كل ما يُقال عند التعارف واختيار تجاهل أن الكثيرين من الجنسين ومن الأعمار كلها “يبالغون” في حسن تقديم أنفسهم في جلسات التعارف، ولا يكتفون بالتجميل “ويتعمدون” الكذب ويجيدونه، ويتقبله البعض “للرغبة” في التصديق أو لأن الطرف الآخر تعامل معه بلطف “زائد” وهو ما يفتقده الكثيرون.. ولنتذكر أن ليس كل ما يلمع ذهبًا والمقولة الرائعة والواقعية جدًا، “عندما يعطيك أحد حلوى، فتنبه فقد يكون تحتها خطاف”، نرفض التخويف من الناس، فالخوف يعطل ويتسبب في فقدان الثقة بالنفس وبالناس، والحذر “يحمي” صاحبه ويمنع الاندفاع في منح الثقة وهو من أكبر الأخطاء انتشارًا.
ننبه لخطأ الانخداع بشهرة أو بكلام منمق أو بمنصب مرموق أو شهرة أو الإعجاب الكبير بعد الاستماع لمعلومات جديدة والتعلق السريع بأحدهم، والتوقعات غير الواقعية والتعامل معه “كفرصة” لن تعوض، “والسماح” بالتأثر في المجاملات الزائدة أو التعاطف الكبير أو الانبهار “فلنطرده” فورًا، فالجميع يخطئ ويصيب والانبهار “يعطل” العقل، وأغلب الخسائر تأتي “بسببه” ويجعلنا “نختلق” المبررات لما نكره ونبالغ في تضخيم المزايا وذلك كله قنابل “ستنفجر” لاحقًا وتدمر الحياة “وندفع” الثمن غاليًا.
فلنتنبه، فلا نحب أحدًا ولا نكرهه “لأن” الصديق المقرب يحبه أو يكرهه، ولنجمع عنه معلومات كافية لنتعرف إليه “بعيدًا” عن رأي أو تجربة الصديق، ولنحرر عقولنا من سيطرة آراء الغير علينا.
من الخطأ التنازل عن آرائنا لإرضاء الآخرين عند التعارف لرغبتنا في التواصل معهم، فسيعتادون ذلك وسنخسر استقلاليتنا وسيتعاملون معنا “كتابعين”، ولا نرحب بالحدة عند تعارض الآراء، فنقدم أنفسنا بصورة سيئة، ونفضل الحديث بهدوء وتجنب الجدال.
ننبه لخطأ التودد للناس في التعارف بالعمل أو بغيره، والأفضل الحفاظ على مساحة خاصة وعدم إبداء التلهف مهما شعرنا بالارتياح أو بالإعجاب، ونحذر من الحديث الزائد عن النفس أو عن النجاحات والأسوأ الممتلكات، فالبعض يفعله بتلقائية وآخرون طلبًا لإعجاب الناس وفي كلتا الحالتين تأتي النتائج سلبية.
أعز نفسه من تذكر قول الإمام علي كرم الله وجهه: «ولا تأمنن لرفقة أحد حتى تراه في ثلاث، شدة تصيبك، ونعمة تصيبه، وجفوة بينكما».