الإيمان بالله في مواجهة الكوارث.. دعوة لإنقاذ البشرية

تأمل معي ما يحدث في العالم لتكتشف نذر الخطر التي تهدد الحضارة الانسانية كلها، فرائحة الموت تنتشر في كل مكان على أرض الكوكب الحزين، والاستقرار أصبح وهمًا يستخدمه الحكام ليخدعوا به شعوبًا تعاني الجوع، بعد أن فقدت الحرية.
والمسلمون هم أكثر من يتعرض للظلم والقهر في هذا العالم، بعد أن تم الربط زيفًا وزورًا بين الإسلام والإرهاب، وتم نشر الكراهية ضدهم باستخدام نظام إعلامي عالمي سيطرت عليه شركات تنهب ثروات الشعوب، وتدمر قدراتها على تحقيق التنمية والتقدم.
ويمكنك أن تسأل نفسك: هل يمكن أن يستمر هذا العالم؟ وكيف يمكن إنقاذ الحضارة الجميلة التي استطاعت الإنسانية أن تبنيها طوال القرون السابقة.
الظلم وانهيار الحضارة!!
أهم النتائج التي يمكن أن تكشفها الدراسة المتعمقة للتاريخ أن الظلم سبب انهيار الحضارات، لذلك يمكن أن تتوقع الكوارث عندما يتزايد الظلم، ويستكبر الطغاة، ويتزايد غرورهم بما يمتلكون من قوة.
تلك الحقيقة يمكن أن تدفعنا إلى مراجعة جادة لمنظومة الأفكار التي فرضها الغرب، والتي كانت من أهم أسباب الظلم الذي تعرّض له المسلمون، حيث تم تصويرهم بأنهم أعداء العلمانية والحداثة وما بعدها.
لكن الكوارث التي تتعرض لها البشرية الآن تفرض على البشرية الشعور بالتواضع، فلم يعد هناك مجال للاستكبار والطغيان والغرور أمام كوارث تهدد البشرية بالفناء.
يجب الآن أن تسأل نفسك: هل تستطيع دولة مهما بلغت قوتها أن تقف أمام زلزال أو بركان أو إعصار أو وباء؟ فإن كانت لا تستطيع، فيجب أن تعيد تقييم ما تمتلكه من قوة، وتدرك أنها لا تغنيها شيئًا أمام قوة الله، فلا جيوشها تستطيع الصمود لحظة أمام جنود الله، ولا أسلحتها مهما بلغت قوتها يمكن أن تواجه زلزالًا أو إعصارًا، وكل ما بنته من ناطحات سحاب يمكن أن يتحول في لحظة إلى ركام، ويستغيث الناس ولا مجيب، فلا يصبح أمامهم سوى التعلق برحمة الله.
ولكن لماذا يتعرض المسلمون للكوارث؟!
أكتب هذا المقال والحزن يملأ نفسي على ما تعرّض له أهلي وإخواني وأحبابي في المغرب وليبيا، وقد يسأل العلمانيون العرب المتغربون: لماذا يتعرض المسلمون لهذه الكوارث؟!
وتلك نظرة قاصرة، فكل دول العالم تتعرض لكوارث متتابعة ومتنوعة، والخطر يحدق بالجميع، ويهدد البشرية كلها.
لكن هذه ليست إجابة كافية للسؤال، فالمحن والخطوب يجب أن تدفع المسلمين إلى يقظة القلب والعقل والضمير، فقد استسلم الكثير من المسلمين للاستعمار الثقافي الغربي الذي دفعهم إلى التعلق بالأسباب المادية، واللهاث لامتلاك المال، والتفاخر بالثراء على الفقراء، ونسيان الوظائف التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يقوم بها المسلم في حياته التي يعلم أنها ستنتهي بقدر الله عندما يأتي الأجل الذي لا يملك الإنسان منه فرارًا، ولا يستطيع أن يتحصن منه فيما شيّده من بروج.
على أضواء الرعد والبرق يجب أن نعيد تحديد أهداف حياتنا، فليس أمامنا سوى أن تتعلق قلوبنا برحمة الله، فهو وحده الذي وهبنا الحياة، وهو الذي ينتزع أرواحنا عندما يشاء.
وعلينا أن نعترف بأن الكثير من المسلمين تجاهلوا تلك الحقيقة الساطعة تحت تأثير الاستعمار الثقافي الغربي الذي يجب أن نكافح للتحرر منه، لنستعيد وعينا وقوة إيماننا ووظيفتنا الحضارية.. فإن كانت الحياة ستنتهي بالموت حتمًا، وإن كانت المنازل الجميلة التي أنفقنا أعمارنا في تشييدها يمكن أن يتم تدميرها أمام أعيننا، فلا سبيل أمامنا سوى أن نملأ قلوبنا إيمانًا بالله، وأن نقوم بوظيفتنا في تحرير البشرية من العبودية لغير الله.
وعندما نستيقظ وننتفض ونستعيد الوعي بهويتنا ووظيفتنا الحضارية، فإننا يمكن أن نتقدم لإنقاذ البشرية بالمعرفة التي أكرمنا الله وأعزنا بها.
الإسلام وحده هو الذي يمكن أن يقدّم حلولًا جديدة خارج إطار صندوق الرأسمالية المتوحشة، والغرب المغرور بقوته، وأول تلك الحلول وأهمها العودة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى، والكفاح لتحقيق العدل، فإن 80% من البشر يعضهم الفقر بأنياب الرأسمالية، والنهب الاستعماري، بينما هناك الكثير من الثروات في باطن الأرض تكفي ليتمتع البشر كلهم بحياة كريمة، فلا ينبغي أن يموت الناس من الجوع، ليموت الرأسماليون من التخمة، وينفقوا المليارات على إنتاج أسلحة تُستخدم في إبادة البشر.
حتى نتحرر من الخوف!
إن كانت تلك الكوارث توضح لنا أن من لم يمت برصاصة، فسيموت غرقًا في مياه الفيضان، أو تحت الركام والدمار الناتج عن الزلازل، أو أمام مستشفي يرفض علاجه بسبب فقره، فلماذا نخاف؟!
وإن كان الموت قادمًا حتمًا، فلماذا نخضع لطواغيت العصر الذين يستخدمون الأسلحة في إذلالنا وقهرنا؟ ولماذا لا نقوم بوظيفتنا الحضارية في تحرير البشرية من الظلم والطغيان، وإنقاذ الحضارة الإنسانية الجميلة؟
إن قمنا بدورنا التاريخي فسيغنينا الله من فضله، ونتمكن من استخراج كنوز أرضنا، وسيكشف الله لنا هذه الثروات، فنستخدمها في تحقيق الغنى، وعندما نموت سيرضى الله عنا، ويدخلنا جنته بفضله وكرمه.. إن الإيمان بالله هو طريقنا الوحيد لبناء المستقبل، وإنقاذ البشرية.