ابحث عن إسرائيل!!

نتنياهو يرفع جلسة المجلس الوزاري المصغر بسبب مشادة كلامية خطيرة (رويترز)

قصف متواصل لقطاع غزة على مدى 105 أيام متتالية واستشهاد أكثر من 24 ألف شخص، اغتيال أكثر من 365 شخصًا في الضفة الغربية واعتقال نحو 6000 رجل وامرأة وطفل، استشهاد نحو 130 لبنانيًّا في قصف إسرائيلي للجنوب، اغتيالات في لبنان وسوريا وتفجيرات في إيران، الطائرات الحربية الإسرائيلية تستهدف الإعلاميين وأفراد الدفاع المدني والطواقم الطبية، الملاحة مهددة في البحر الأحمر بسبب استهداف السفن الإسرائيلية، قصف إيراني لموقع للموساد في أربيل بالعراق، اشتباكات مع مجموعة مسلحة على الحدود المصرية الإسرائيلية.

في الوقت نفسه، مظاهرات في معظم دول العالم احتجاجًا على الممارسات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، استطلاعات الرأي تشير إلى انخفاض شعبية رئيس الولايات المتحدة بسبب إسرائيل، اجتماعات متتالية للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي، محكمة العدل الدولية تنعقد لبحث الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا بشأن إسرائيل وشكاوى أمام الجنائية الدولية، تنديد متواصل بسلوك إسرائيل من منظمات حقوق الإنسان والصحة العالمية والطفولة والأمومة وكثير غيرها.

سبب صداع العالم

لنا أن نتخيل أن ذلك الكيان الصهيوني على الرغم من ضآلته الجغرافية والسكانية، هو سبب ذلك الصداع الحاصل في العالم، عواصم ومنظمات وجمعيات وبحار ومحيطات وبضائع وناقلات، سياسيين وعسكريين ورياضيين وإعلاميين، هذا الصداع ليس وليد الأزمة الحالية المتعلقة بقطاع غزة فقط، بل كان ممتدًّا على مدى 75 عامًا هي عمر ذلك الكيان، ليس ذلك فقط، بل كان ممتدًّا منذ ما قبل إنشاء الكيان، خصوصًا في دول الغرب التي ضاقت ذرعًا بوجودهم، وكان ما كان من اضطهاد وتهجير، يذكر التاريخ في هذا الصدد أنهم عبر تاريخهم لم يجدوا مأوى آمنًا إلا في الدول والبلدان العربية، بحكم عوامل كثيرة، في مقدمتها أن هذه هي تعليمات الدين الإسلامي الحنيف.

منذ ما قبل إنشاء الكيان كانت الصهيونية تقف خلف موائد القمار في أنحاء العالم، خلف المعاملات والمصارف الربوية، خلف صناعة الخمور والمخدرات، خلف تجارة البشر، خلف غسيل الأموال، خلف عصابات الجريمة والاغتيالات، استمروا في ممارساتهم إلى أن سيطروا فيما بعد على صناعة الإعلام، صناعة السينما، صناعة السلاح، صناعة رجالات السياسة والاقتصاد، صناعة الرؤساء والقادة بشكل عام، أصبحوا نافذين في معظم العواصم العالمية، الكبرى والصغرى في آن واحد، أصبحوا رقمًا صعبًا في العلاقات الدولية.

لنا أن نتخيل أن اسم إسرائيل يطرح نفسه فورًا بمجرد وقوع حالة اغتيال لشخصية مهمة في منطقتنا العربية بشكل خاص، يطرح على الفور بمجرد وقوع قصف جوي هنا أو هناك، تحوم حوله الشبهات حين وقوع حالة أو محاولة انقلاب في المنطقة، حين حدوث تمرد مدني أو عسكري، حين وقوع انفجار أو تفجير، حين ورود أنباء عن انتشار فيروس أو ظهور وباء، ظهر اسم إسرائيل أحيانًا مع الأعاصير والعواصف ببعض الدول، اقترن أيضا بأجهزة التنصت الحديثة التي أصبحت تستخدمها بعض دول التطبيع للتجسس على المواطنين، في كل الأحوال هو اسم قرين للدماء والقتل، وأخيرًا الإبادة.

من هنا يجب أن نوقن بأن هذا الكيان النشاز أو اللقيط، الغاصب للأرض الفلسطينية، ليس بالأمر السهل أو الهين، فقد وجد دعمًا بلا حدود من قوى عظمى في العالم لأسباب كثيرة، وجد دعمًا بالمال والسلاح، وجد دعمًا في العواصم العالمية والمنظمات الدولية، وجد دعمًا غير أخلاقي وغير إنساني في معظم الأحيان على حساب الحق العربي، وجد ولا يزال الدعم العسكري بأحدث أسلحة القتل والدمار مع حماية غير مسبوقة على كل الأصعدة ودون خجل، خصوصًا من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، اللتين ترفعان على الدوام شعارات زائفة تتعلق بالعدالة وحقوق الإنسان، بل وحقوق الحيوان.

هذه هي الحقيقة، ابحث عن إسرائيل وعن الصهيونية العالمية في كل المساوئ التي لحقت بالعالم قبل إنشاء الكيان وبعده، لم تهدأ منطقتنا العربية بشكل خاص يومًا ما منذ إنشاء الكيان، وبدا أيضًا واضحًا أن العالم -كل العالم- مقبل على ما هو أسوأ بفعل ممارسات ذلك الكيان، كل المؤشرات تؤكد أن الصراع ممتد، بل وسوف يتشعب إلى ما هو أبعد من كل التوقعات، لأسباب تتعلق بأطماع الصهيونية العالمية من جهة، ومخططات داعميها من جهة أخرى، هؤلاء الذين يجاهرون بأهمية دور ذلك الكيان في تحقيق مآربهم.

نبت شيطاني خطير

لن يستوعب المقام هنا سرد تاريخ المجازر الصهيونية بالمنطقة، سواء في فلسطين أو مصر أو سوريا أو لبنان، كما لسنا بصدد رصد حجم الاغتيالات التي نفذها هذا الكيان في دول العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، ذلك أن المجازر التي يرتكبونها حاليًّا في قطاع غزة وحده كفيلة بإصدار أحكام دولية تقضي بإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها هربًا من جحيم الاضطهاد، على الرغم من أننا نعي تمامًا أن تلك البلدان لن توافق على استقبالهم مرة أخرى، وفي مقدمتها الدول الداعمة لهم الآن، وإلا كانت ولاية واحدة مثل كاليفورنيا في الولايات المتحدة قادرة على استيعابهم، بدلًا من كل تلك التكلفة التي يتحملها المواطن الأمريكي سنويًّا دعمًا وحمايةً لهم.

يجب أن نوقن بأننا في العالم العربي أمام نبت شيطاني خطير، كان يوجب على كل دول المنطقة التكاتف والوحدة من أجل الخلاص منه، وذلك من خلال دعم المقاومة الفلسطينية على أقل تقدير، ذلك أن الأسباب نفسها التي ترتكن إليها القوى الكبرى في دعم هذا الكيان، هي نفسها التي تحتم علينا رفض وجوده، فهم يدركون مخاطر وجوده على المنطقة كما ندركها تمامًا، لذا فهم يصرون على استمراريته، ومن أجل ذلك كان يجب أن نعمل بكل قوة على مواجهة هذه السادية الصهيونية والماسونية في آن واحد، حتى لا نظل نبحث عنهم في كل مصائب الكون، وربما كانت المقاومة الفلسطينية هي القدَر الذي ساقته لنا العناية الإلهية كي نتخلص من ذلك الكابوس، والشواهد على ذلك كثيرة.. وما ذلك على الله بعزيز.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان