لؤلؤة الدبلوماسية القطرية.. وضمير غزة الأبية

الوزيرة لولوة الخاطر تلتقي الفريق الإغاثي للهلال الأحمر القطري في مدينة العريش المصرية (مواقع التواصل)

لولوة، تخفيف لاسم لؤلؤة، واللؤلؤة هي الدرة الثمينة، ونشاط عرب الخليج في مرحلة ما قبل النفط كان صيد اللؤلؤ من عمق مياه الخليج العربي، وتجارة اللؤلؤ كانت نشطة ومصدر دخل ورزق السكان، وهي موروث يتفاخر به الخليجيون رغم الثراء والحداثة في بلدانهم حاليًّا.

والسيدة والدبلوماسية والوزيرة القطرية لولوة الخاطر، هي لؤلؤة مكنونة، درة ثمينة، بنت عرب الخليج الأصيلة، لا يطاول قامتها العالية بمواقفها القوية كثيرون في الشرق والغرب.

هى سيدة الدبلوماسية والذكاء والحنكة واللباقة والعلم والثقافة والمواقف الوطنية والعربية القومية المُشرّفة التي ترفع رأس كل عربي ومسلم وكل إنسان حر في هذا العالم.

لسن كلهن لولوة

كثيرات هن السيدات، وبينهن من يتقلدن المناصب، ويجلسن على الكراسي، ويظهرن على الشاشات، ويطلقن التصريحات، لكن لسن كلهن لولوة، ولا تجد بينهن أمثال لولوة، ذلك أن لؤلؤة قطر ودرتها المكنونة ووزيرة التعاون الدولي فيها هي مسؤولة نادرة في هذه المرحلة في رجاحة عقلها وإقدامها وشجاعتها.

وبجانب تميزها في وطنها، فقد اكتسبت بعدًا شعبيًّا عربيًّا إسلاميًّا دوليًّا واسعًا بوجودها في غزة، وتصديها للعدوان ودفاعها عن المظلومين، بكلماتها الشديدة القوة، بمجابهة المحتل الغادر الغشوم بكل ثبات ورأس مرفوع، بتحركاتها لإغاثة ومساعدة أهل غزة.

لقد صارت بحق ضمير غزة الأبية الصامدة، وكأنها غزية وُلدت ونشأت وعاشت في أرض النضال والكفاح والتضحيات والاستشهاد.

نعم هى قطرية، لكنها عربية متشربة قضايا أمتها وفي القلب والمركز والمفصل منها قضية فلسطين العادلة المشروعة، فهي تقول في هذه القضية وفي مختلف القضايا العادلة لأمتها العربية والإسلامية ما يعجز عن قوله نظراء لها ومسؤولون على اختلاف مناصبهم ومواقعهم وسياسيون ومثقفون ومحللون وكتاب رغم أن دور هؤلاء أن يقولوا قولًا سديدًا لكنهم يجبنون ويتخاذلون عن الصدع بكلمة الحق، كما أن بينهم وبين الفعل سنوات ضوئية.

كعبة المضيوم

هي لؤلؤة الدبلوماسية القطرية، دبلوماسية الصراحة والوضوح والمباشرة والعلاقات الطيبة مع كل العالم والوساطات الخيرة في مناطق الأزمات والصراعات، دبلوماسية العروبة والإنسانية والدفاع المطلق عن قضية العرب الأولى والأساسية والتاريخية وهي فلسطين المغدورة وشعبها المظلوم، فلا أحد يتبنى القضية ولا أحد يدعم الشعب الفلسطيني ولا أحد يتفهم المقاومة ويتفاعل معها كما تفعل قطر بلد لولوة وملاذ كل صاحب حق وكعبة كل مضيوم كما قال وفعل أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة، قائد وباني نهضة هذه الدولة الفتية الذي شيد أركان حداثتها ورفع اسمها في العالم.

لولوة الخاطر هي ابنة نجيبة نابهة واعية مخلصة في مدرسة العمل الجاد والتفكير المبدع التي أسسها الشيخ حمد وعلى نهجها وهديها تسير قطر فتبني مجدًا وعزًّا وشموخًا لأبنائها وللعرب.

زيارة لولوة لغزة

لولوة الخاطر الاسم الوحيد بين العرب الذي ظل يرابط أمام الجانب المصري في معبر رفح أيامًا، وتذهب من العريش إلى رفح وبالعكس، تزور الجرحى الفلسطينيين في مستشفيات مصرية، وتنسق المساعدات وتشرف على إدخالها إلى غزة، ثم تجتاز المعبر إلى الجانب الفلسطيني وتتجول في غزة الجريحة فتُضمد الجراح وتُعزي أسر الشهداء وتُطبطب على الأطفال والنساء وتُشجع الإعلاميين على مواصلة نقل الحقيقة المخضبة بدماء الشهداء وغدر العدوان ومجازر الفاشية والعنصرية وإرهاب المحتل المجنون بالقتل العشوائي والتدمير الشامل والإبادة الكاملة والتطهير العنصري الحاقد الأسود.

 الكلمة التاريخية

لولوة الوزيرة القطرية والقامة العربية القومية المسلمة المحافظة والإنسانة الحرة المدافعة عن كل مظلوم بغض النظر عن عنصره ولونه وعقيدته وجهت أقوى رسالة دعم تاريخية لغزة وفلسطين كلها وستخلد هذه الرسالة الوثيقة المسجلة صورة وصوتًا يوم 26 نوفمبر الماضي في كتاب عزة وصمود وبطولة وجسارة وتضحيات غزة.

هذه الكلمة لم يقل مثلها ولا أقل منها ولا سطرا واحدا فيها أحد من المسؤولين العرب، ومن أسف أن الغيرة أكلت قلوب بعض مرضى العقول والقلوب وبعض المتصهينين وبعض المتزلفين المنافقين فسعوا للتقليل من قيمة ما فعلته لأجل غزة ومكوثها للإشراف على إدخال المساعدات، ليس لساعات ولا ليوم واحد، إنما لأيام اقتربت من أسبوع، وهؤلاء الأفاكين مثل غثاء السيل سقطوا سريعًا، فلم تصمد سخافاتهم أمام بحر شعبية ومحبة لولوة.

جاءت إلى غزة ليس بحثًا عن لقطة أو شهرة أو اصطناع موقف إنما لتأكيد مصداقية قطر وسياساتها تجاه مساندة الشقيق الفلسطيني في وجه العدوان الشنيع والمجازر الإجرامية والدفاع عن حق الشعب المقهور في العيش بأمان في دولته المستقلة.

قطر البلد صاحب الوجه الواحد والميزان الواحد في السياسات والمواقف والتوجهات، فلا وجهين ولا ازدواجية ولا حديث أمام الكاميرات ثم حديث آخر مناقض له في الغرف المغلقة لهذا تكتسب احترام وتقدير العالم الذي يثق في وساطتها ودورها في حل الأزمات وتهدئة الصراعات، وهذه الثقة ساهمت في التوصل إلى هدنة غزة، أما مساعيها لوقف العدوان فهي متواصلة لم تتوقف لحظة واحدة.

الكلمة التي ألقتها لولوة في غزة هي نص شديد القوة في الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني والأخلاقي والمعنوي لغزة الصمود الأسطوري في وجه أبشع عدوان في هذا القرن، لكم الله أيها الغزيون يا من تواجهون المجازر غير المسبوقة وحرب الإبادة والتطهير العنصري والحقد الصهيوني المسموم.

لولوة تجري في عروقها دماء العروبة والشعور القومي المتدفق والحماس والنخوة والأصالة والشهامة، وهذا قليل من صفات كثيرة اكتسبتها من بلدها الذي يُثبت كل يوم أن أوزان الدول وتأثيراتها ليس بالضرورة أن تكون بالجغرافيا وعدد السكان ولا حتى بالتاريخ، وإنما بالحاضر القائم على استقلالية القرار وتعظيم السيادة الوطنية وعدم الارتهان لأحد مهما كانت سطوته والمصداقية والإخلاص في السياسات والتحركات والعلاقات.

موقف قطر لصالح غزة لن يُنسى، ولؤلؤتها وجه مشرق لهذا البلد العربي الأصيل.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان