كل إسرائيل.. في الملاجئ!
في ليلة الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بينما يتطلع العالم إلى الرد الإيراني الذي حذرت منه الولايات المتحدة وتوقع الكيان الصهيوني حدوثه تلك الليلة، كان محطة أحد القطارات الداخلية في حي يافا بقلب تل أبيب يشهد العملية الأكبر في تاريخ تل أبيب، فقد ترجل فدائيان من الخليل إلى تلك الساحة حاملَين أسلحة رشاشة، وانهالا على الموجودين في الساحة ليسقط أكثر من 30 شخصًا بين قتيل وجريح.
عملية فدائية لم تشهد تل أبيب مثلها خلال سنوات طويلة، ربما كانت العملية الثانية فيها منذ نشأة الكيان اللقيط، وتمثل هذه العملية تطورًا كبيرًا في العمليات الاستشهادية التي يقوم المقاومون بها، أول ما يخطر بعقلك هو المكان، كيف وصل الشابان إليه؟ وكيف حصلا على الأسلحة الرشاشة؟ لقد أبدعا في طعن أحد الجنود الصهاينة واستوليا على سلاحه، ثم انتقلا إلى تلك الساحة التي تُعَد محطة القطار الداخلي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsعام من البلطجة الإسرائيلية.. وماذا بعد؟
ما بين الاقتصاد اللبناني والإسرائيلي!
إيران تودع الصبر الاستراتيجي!
لقد أصاب الفدائيان قلب إسرائيل بضربة قاتلة، نتج عنها 8 قتلى وأكثر من 20 مصابًا بينهم حالات كثيرة حرجة وخطرة، وبينهم أحد أفراد الشرطة الإسرائيلية، هذه العملية التي تجيء ردًّا على المجازر الصهيونية المتتالية في قطاع غزة والضفة الغربية التي بلغت أكثر من 1300 مذبحة منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وبينما كانت الشرطة الإسرائيلية تحيط بالمكان وسيارات الإسعاف تلملم أشلاء القتلى والمصابين، جاء الرد الإيراني القوي والكبير، حسب رئيس وزراء عصابة الصهاينة بنيامين نتنياهو.
الرد الإيراني المتأخر
250 صاروخًا انطلقت من كل الأراضي الإيرانية باتجاه فلسطين المحتلة، ليتحول ليل تل أبيب إلى نهار بفعل الصواريخ الباليستية الإيرانية.
يهرول كل سكان الكيان الصهيوني إلى الملاجئ خوفًا ورعبًا من انفجار الصواريخ القادمة من إيران في سرعة فائقة، تخطت سرعة صواريخ الرد الإيراني الأول في 18 من إبريل/نيسان الماضي، ردًّا على ضرب القنصلية الإيرانية واغتيال الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، وقد جاءت استعراضية إلى حد ما، فلم ينتج عنها تأثير كبير سواء على البنية التحتية أو من حيث ما خلفته من إصابات.
جاءت الضربة هذه المرة مختلفة رغم محاولات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني التهوين من آثارها على الكيان الصهيوني، لكن التعليمات التي أصدرها المتحدث العسكري الإسرائيلي بعدم تصوير أي آثار للهجمات أشارت إلى تأثير الضربات الصاروخية الإيرانية التي طالت كل أراضي فلسطين المحتلة من تل أبيب الى عسقلان، ومن يافا إلى الجليل.
الكيان وقادته في الملاجئ
80 صاروخًا نجحت في استهداف أماكن عسكرية واستراتيجية للكيان، ظهرت حرائق في أماكن كثيرة منها مصفاة غاز في عسقلان، ثلاثة مطارات عسكرية أصيبت مدرجاتها وقواعد عسكرية إسرائيلية عدة، كل سكان إسرائيل نزلوا إلى الملاجئ بينهم القادة السياسيون والعسكريون، ونُشر فيديو لنتنياهو وهو يهرول نحو أحد الملاجئ تحت الأرض -هذا الملجأ الذي سيكون الأخير في نهاية مشواره- رغم أنه يخطط لأن تكون الحرب الإقليمية أو العالمية هي الملجأ الأخير له هروبًا من وحل غزة، وحتى وزير الدفاع وقادة الجيش الصهيوني دخلوا إلى الملاجئ بينما كان المفترض أن يقودوا التصدي للهجمات الإيرانية.
بينما كل إسرائيل في الملاجئ كانت إيران تضرب بعنف والسماء تمتلئ بالصواريخ، حاولت القبة الحديدية أن تفعل شيئًا أمام هذا الهجوم الإيراني، وتصدت بوارج القوات الأمريكية لبعض الصواريخ الإيرانية، ولكن حسب إيران فإن 80% من الصواريخ قد وصلت إلى أهدافها وحققت نجاحات، بينما يشير الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة إلى نجاح 10% فقط من هذه الصواريخ.
أيًّا ما كانت النتيجة والخسائر التي حققها الرد الإيراني المتأخر كثيرًا منذ اغتيال الشهيد إسماعيل هنية على أراضيها ثم ما حدث في لبنان وصولًا إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ أيام في بيروت مع نخبة من قادة الحزب، فإن الرد الإيراني ربما يحمل المنطقة إلى آفاق جديدة في تلك الحرب الدائرة منذ عام يكتمل بعد خمسة أيام.
الحرب الإقليمية
الكيان الإسرائيلي سيجد في الرد الإيراني الفرصة التاريخية لإشعال المنطقة في حرب إقليمية تكون مفرًّا لنتنياهو من مأزق غزة، وفي تصوري أن نتنياهو كان يحاول بدخول القوات الإسرائيلية برًّا إلى الجنوب اللبناني أن ينتقل ليس لفتح جبهة في الشمال لكن لاستفزاز إيران على التدخل، ليجر بعدها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي إلى التدخل، حاول جيش الاحتلال الدخول إلى الجنوب اللبناني منذ يومين ولا تزال محاولاته قائمة منذ صباح اليوم، وتكبد في المحاولات خسائر خاصة في محاولة صباح الأربعاء الثاني من أكتوبر الجاري التي أعلن عن إصابات كثيرة نتيجة هذه المحاولة.
جاء الرد الإيراني كقطرة ماء للشعوب العربية والإسلامية التي شهدت عربدة سلاح الجو الإسرائيلي في سماء أرجاء الوطن العربي ليلة أول أمس، فقد هاجم لبنان في قصف متتابع منذ أسبوع وشدد القصف في تلك الليلة، وقصف حي المزة في دمشق وأصاب بنايات ونتج عن القصف أربعة شهداء ومصابين، ثم طال القصف اليمن عابرًا أجواءً عربية لم تعترض أو تندد بهذا العبور لمجالها الجوي.
شهدت الأراضي المحتلة والعديد من عواصم الدول العربية وكذلك طهران احتفالات بالضربة الإيرانية التي أسكتت الكثير من المقولات حول أن إيران لن ترد، وإن ردت فهو بالاتفاق مع أمريكا وإسرائيل، وبعيدًا عن الأفراح والترهات التي يعلنها أو يقولها البعض، فنحن أمام مرحلة جديدة في الصراع بين محور المقاومة والكيان الصهيوني.
رغم تهديد إيران بعد انتهاء هذه الجولة التي قالت عنها إنها المرحلة الأولى في الرد على اغتيال إسماعيل هنية وحسن نصر الله بأن أي رد من جانب الكيان سيواجَه برد تدميري، وإبلاغ الولايات المتحدة عبر الوسيط السويسري أن تتجنب هي وحلفاؤها دعم الكيان في الرد على الرد الإيراني وإلا تعرضت مصالحهم للتهديد.
رغم كل ذلك فإن الكيان الصهيوني ونتنياهو لن يتأخروا في الرد على إيران، وبدأت تهديدات نتنياهو ووزير الدفاع بعد خروجهما من المخبأ، بل حدد الكيان مصافي البترول ومواقع إيرانية استراتيجية هدفًا للرد، وهو واقع لا محالة، وفي تلك الحالة سيكون على المنطقة كلها أن تستعد لحرب إقليمية ربما تمتد إلى حرب شاملة، هذا ما يتمناه نتنياهو وفي أمنيته نهاية، “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.