الرعب الذي دب في تل أبيب

هل تراودنا الأحلام حينما نكتب عن انتصار المقاومة في غزة وفي جنوب لبنان، وما تحققه المقاومة من انتصارات على جبهة القتال باستمرارها لمدة عام وقرابة الشهر في مواجهة آلة القتل للجيش الصهيوني، ومن يدعمة من جيوش الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، التي لا تتوانى عن دعم الكيان وجيشه، وحتى عندما يصحو ضمير أحدهم لحظة فلا تلبث آلة الإعلام الصهيوني أن تعيده إلى حظيرتهم، وكان المثال على ذلك ما حدث مع الرئيس الفرنسي ماكرون الأسبوع الماضي؟
ما يجعلني أتساءل عن مدي الأحلام أو الواقع في ما نكتبه رسالة خاصة من صديق من اليساريين المصريين، وهو واحد ممن أثق في وطينتهم وإخلاصهم، قال لي “إنك ما زالت مندفعا وتحكم بالأمنيات وتصدق أن القصائد أقوى من الطائرات، أحب روحك وكتاباتك الحماسية”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفأر يثير الذعر في “بي بي سي” ويطيح بنجم برشلونة!
الحج.. في زمن انفلات الأسعار!
الهواء الملوث.. عدو خفي لعظام النساء بعد الستين
كان هذا التعليق الذي يعبر عن نسبة ليست قليلة بين المصريين، العرب، والمسلمين في جدوى القتال بين عصا السنوار ورشاشه وقنابله اليدوية أي المقاومة، وقدرات حزب الله، المقاومة الإسلامية في العراق، واليمن، وبين جيوش إسرائيل والولايات المتحدة، وأوروبا الجرارة التي لن تتوانى في دعم الكيان الصهيوني إذا شعروا بخطر يهدد كيانهم المصنوع.
كان صديقي الكاتب والباحث المدقق يشير إلى حجم الخسائر في الأرواح والدمار الذي لا يزال يمارسه جيش الكيان سواء في قطاع غزة أو بيروت وجنوب لبنان، ويشير أيضا إلى فارق الدعم بين جبهة المقاومة المحاطة بالتخاذل والعجز والحصار من الأمة العربية والإسلامية، وعندما ضربت له أمثلة بالمقاومة في الجزائر وفيتنام وكوبا، وأيضا بفترات تاريخية تعرضت الأمة الإسلامية لمثل هذا الخلل في موازين القوى، كان تعليقه عن الجزائر وفيتنام أن الوضع العالمي كان مختلفا وأن ميزان القوى كان فيه اعتدال نسبي إشارة إلى قوة الإتحاد السوفيتي آنداك.
القوات الجوية تمسح الأجواء
لم يمض وقتا كثيرا على حديث الصديق الكاتب حتى بدأت بعض الأخبار تنشر عن محاولة استهداف نتنياهو في منزله. تلك الأخبار التي جاءت متواكبة مع هجوم ثلاث مسيرات من جنوب لبنان على تل أبيب. وبعد تصريح مسؤول العلاقات العامة بحزب الله محمد عفيف الذي تبنت فيها المقاومة الإسلامية في لبنان عملية استهداف نتنياهو، قال عفيف أيضا إنه إذا كان قد أفلت هذه المرة فهناك مرات أخرى.
في المقابل، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الطائرة المسيرة أصابت غرفة نوم نتنياهو وأصابتها! وأشارت أخبار أخرى إلى أن عائلة رئيس وزراء الكيان تطالب بسلسلة من إجراءات الأمن، وترميم وحماية شاملة لجميع مقرات الإقامة في قيسارية وشارع غزة، وبلفور، وطالبت بتعزيز حماية الشاباك له وعائلته، وتشغيل أجهزة التشويش، وتكثيف نظام الاعتراض والتغطية الجوية التي تسمح باعتراض الطائرات المقاتلة.
جيران نتنياهو أصبحوا يخشون من البقاء قرب منزله بعد هجوم المسيرة اللبنانية، وتوقعهم تكرار المحاولة بعد تصريحات حزب الله، بينما يغير رئيس وزراء العصابة الصهيونية محل إقامته بصفة دورية حسب ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهو ما يؤكد ما أشرت إليه في مقال (المسيرة أسقطت نظرية أمن إسرائيل) الذي علق عليه الصديق الباحث أنه كلام قصائد أو أحلام.
أمس كان يوما غير عادي يؤكد أن ما يحدث في إسرائيل ضرب في عمق الفكرة الصهيونية لقد دخل أكثر من مليون مستوطن إلى الملاجئ بسبب 3 طائرات بدون طيار دخلت إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذا الدخول الذي أدى إلى مسح القوات الجوية جميع الأجواء في سماء فلسطين المحتلة.
أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن عدد الطائرات التي أحضرتها القوات الجوية أمر غير مسبوق لمواجهة طائرة واحدة، ويعكس عدم استعدادها للحرب، وقد استمرت هذه العملية طويلا بينما مليون مستوطن في الملاجئ، ورغم إعلان جيش الاحتلال اعتراضه لطائرتين إلا أن طائرة منهم لم يتم التوصل إليها لفترة زمنية طويلة، وقد أشارت بعض الأخبار إلى ثلاث انفجارات ضخمة في تل أبيب.
الرعب الذي يجتاح تل أبيب كلما حلقت طيارة بدون طيار أو صاروخ من جنوب لبنان خاصة بعد استهداف غرفة نوم نتنياهو يجعل كل قادة الكيان في رعب مستمر يبحثون عن مكان آمن في تل أبيب وغيرها من المدن التي تتعرض على مدار الساعة لقصف من الجنوب اللبناني، وفي ذات الوقت ورغم مرور 18 يوما على الحصار والمذابح الصهيونية في خان يونس ومخيم جباليا إلا أن المقاومة في غزة، لا تزال تقدم يوميا ملاحم من المقاومة وتكلف العدو الكثير من الخسائر في الجنود والآليات وآخرها مقتل اللواء قائد الفرقة 401.
ومازال نتنياهو ينتقم
ما يحدث في خان يونس ومخيم جباليا من مذابح وحرائق تمتد لإحراق المدنيين أحياء وهذه الخطة التي تهدف إلى إخلاء شمال القطاع من السكان وتهجيرهم، أو القضاء عليهم تعكس حجم ما يشعر به الكيان الصهيوني من مرارة الانكسار أمام صمود أهل غزة وبطولاتهم على مدار أكثر من عام، فالمقاومة تكبده الكثير من الخسائر.
ما تخيلوه باستشهاد القادة أنه نصر يتحول تدريجيا إلى قوة دفع ومقاومة لدى أبطال المقاومة، ونفس ما يحدث في جنوب لبنان وبيروت التي يقصفونها بأطنان لا تحصى من المتفجرات، وبدؤوا يستهدفون الأماكن المدنية حجة أن المقاومين يختبئون فيها، وذلك رغم أن المقاومين هناك في الجنوب، ولم يسمحوا لهم بالاستقرار في عدة أمتار في جنوب لبنان، وهذا أيضا قدمه فيديو للجيش الصهيوني لأحد مقاتلي حزب الله ثابتا وشرسا رغم أنه كان يحارب وحيدا من داخل أحد المنازل، ولكنه انتقام نتنياهو من المدنيين.
يجيد الجيش الإسرائيلي وقادة الكيان استخدام الإعلام بصورة فائقة حتى تحول الإعلام إلى أحد أسلحته في تضخيم ما يحققه، وتقليل ما يتعرض له من خسائر، وقد شكى مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي “أن الرقابة العسكرية تطلب منه كتابة أشياء غير صحيحة لإخفاء أشياء معينة لأسباب أمنية”، ومع ذلك يستخدم الإسرائيليون وسائل الإعلام في هدم الثقة في المقاومة وفي التهديد لكل من حماس، حزب الله وإيران.
تتوالى تصريحات القادة الإسرائيليين إعلاميا حول استمرارهم في غزة حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهو نفس ما يرددونه الآن عن سعي حزب الله للاتفاق معهم، وإصرارهم على تحطيم قدراته، وعودته إلى بعد نهر الليطاني، يحدث هذا ولا تزال الانفجارات تدوي في حيفا وتل أبيب، وغيرها من الأماكن في الأراضي المحتلة، ولا يزال الكيان الصهيوني يتوعد إيران بضربة جديدة قوية بحسب التصريحات الأخيرة لمصادر عسكرية، والتي أشار أحدها إلى دور حاسم للولايات المتحدة في الضربة على إيران.
كل هذا يعني أن نتنياهو مصمم على الاستمرار في خطته نحو استمرار الحرب على الجبهات الثلاث، مما يعني قرب الوصول إلى حرب إقليمية تنقذه، وقد بدأت تصريحات تخرج من مصر، إضافة إلى إشارات من تركيا حول اقتراب تلك الحرب.
لكن كل هذا لا يعني أن يحقق نتنياهو ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية الانتصار الذي يتصوره الواقعيون أمثال صديقي الباحث، فلا ضامن لانتصار القوى الغاشمة في حرب عنصرها الرئيسي الإيمان والعقيدة. هذان العنصران اللذان ظهرا بوضوح في فيديو استشهاد القائد البطل يحيى السنوار، وأيضا مقاتل حزب الله المقاوم، ويا لها من صدفة أن ناشرهما كان الجيش الصهيوني، وصدق الله العظيم حيث يقول “وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”.