نتنياهو.. الملك المنتصر أم صانع الخراب الثالث؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الفرنسية)

كما هو مكتوب في التوراة “سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم” هذا ما قاله نتنياهو، وأضاف: لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببًا في تكريم شعبكم، وسننتصر.

نجح نتنياهو في تقديم نفسه في إسرائيل والغرب وأمريكا بأنه أفضل من يحمي إسرائيل، ويتمتع بعلاقات قوية معهم، ويتكلم الإنجليزية بلكنة أمريكية، ويعرفون جيدًا رفضه لإقامة دولة فلسطينية، وتصريحه في 2019: لن يتم إنشاء دولة فلسطينية كالتي يتحدث عنها الناس، لن يحدث.

وقالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة: نتنياهو لم يؤمن أبدًا بالسلام في الشرق الأوسط.

لعنة وخراب

في 28 أكتوبر 2023 قال أبو عبيدة إن زمن انكسار الصهاينة قد بدأ، ولعنة العقد الثامن ستحل عليهم، وقبله أشار حسن نصر الله إلى الخراب الثالث في عام 2008 وفي عام 2023 وفي آخر خطاب له.

تخوف إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق من قرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الثمانين لتأسيسها في حوار مع صحيفة “يديعوت أحرنوت” عام 2022.

يجيد نتنياهو تقديم نفسه كمنتصر، بل ومن يجسد “الخير” في مواجهة الشر، كما أعلن في حديثه الأخير في الأمم المتحدة، وأظهر خريطته التي تشكل الخير والرخاء!! مقابل خريطة الشر.

اغتيالات ولكن

تباهى نتنياهو وغالانت وبن غفير ورئيس أركان جيشه “بقائمة” الاغتيالات الطويلة بدءًا من هنية وقادة عسكريين من (حزب الله) وحسن نصر الله والسنوار وانتهاء بهاشم صفي الدين، واعتبروا كلًا منها بمثابة انتصار “وقضاء” على (حماس) أو (حزب الله).

وذكرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية أن قتل القادة ليس إجابة “فعالة” لمشكلة سياسية واستراتيجية في الأساس.

وأثبت “الواقع” استمرار المقاومة في غزة ولبنان وتصعيدها، حتى شكا نتنياهو في حديث لتليفزيون فرنسي من هجوم (حزب الله) على بيته قائلًا: هل تتخيل هجومًا على غرفة نوم رئيس فرنسا وزوجته؟!

نقر ونرى ونعترف “بفداحة” الأثمان المدفوعة من الدماء والجرحى والمصابين بإصابات حرجة، وبالتدمير شبه التام لكل مقومات الحياة “الأدمية” في غزة، ومضاعفة الاعتقالات واعتداءات المستوطنين على فلسطينيي الضفة الغربية.

توريط إسرائيل

وفي الوقت نفسه “نرى” ما يحدث في إسرائيل من تراجع حاد في الأمن، ففي استطلاع للرأي اتضح أن 70% من سكان الشمال الذين نزحوا بسبب صواريخ (حزب الله) أعلنوا أنهم لن يعودوا إلى المستوطنات بعد انتهاء الحرب.

وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” أن (حماس) تمتلك ما يكفي من المقاتلين والأسلحة لتوريط الجيش الإسرائيلي في حرب بطيئة وطاحنة، “ولن” يربحها، وأن تكتيكات حرب الشوارع التي تنتهجها (حماس) في شمال غزة تجعل هزيمتها أمرًا صعبًا.

وكتب ديفيد روزنبرغ في “فورين بوليسي”: منذ الثمانينات لم تنته حروب إسرائيل مع القوات غير التقليدية بانتصار حاسم، وتضاءلت قدرتها على ردع أعدائها، وأصبحت تعتمد على التدابير الدفاعية كالجدران والأسوار العالية وأنظمة الإنذار المبكر، ودفعت ثمنًا باهظًا لهذه السياسات في 7 أكتوبر.

ويعتقد الإسرائيليون أن بقاء بلادهم أصبح الآن موضع شك، ومع أن إسرائيل ردت سريعا على هجوم (حماس)، فقد فهمت إيران ووكلاؤها حجم “فشلها” الاستخباري والتنظيمي.

فارس بلا رأس

كتب محلل الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان في صحيفة “هآرتس”: خلال سلطة نتنياهو كان الجيش الإسرائيلي سائقًا من دون عنوان، فارسًا بلا رأس، وخلال الحرب على (حزب الله) و(حماس) فشلت الحكومة الإسرائيلية، وشهدت إسرائيل انهيارًا كاملًا لنظم السياسات وتنفيذها، فلم يردعوا، ولم ينذروا، ولم يدافعوا، ولم يحسموا، ولم ينتصروا.

وكتبت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: العديد من الجنود الإسرائيليين مرهقون، ويقتربون من نقطة الانهيار مع اقتراب الحرب من شهرها الحادي عشر.

ومن المؤكد أنهم لم يتحسنوا بعد مضي أكثر من عام على الحرب.

بينما قال وزير الدفاع الأمريكي إن تقاعس إسرائيل عن حماية المدنيين في غزة سيؤدي إلى رد فعل عنيف يمتد لأجيال وإلى ظهور المزيد من المسلحين المناهضين لإسرائيل في المستقبل، والرافضين للتعاون معها.

وقال يهود كوهين والد أسير إسرائيلي لدى (حماس): ابني وباقي الأسرى يستمرون في الأسر ليظل نتنياهو في منصبه، لقد “خانتنا” الدولة.

سارق البيت

يحاول نتنياهو دائمًا الظهور بمظهر القوي المنتصر، “وتخذله” كثيرًا لغة جسده التي تظهر توتره، وكشفت وثائق مسربة عن تقديم الجيش البريطاني عبر اللواء 77 مشورات في الحرب النفسية لجيش إسرائيل، في الوقت الذي تزايدت فيه أعداد الجنود الرافضين للعودة إلى الخدمة في غزة.

وأكد جنود إسرائيليون لتليفزيون “سي إن إن” الأمريكي رفضهم للتوسع بالتوغل البري في لبنان، فالتضاريس الجبلية حيث يوجد مقاتلو (حزب الله) تجعل القتال صعبًا، وأن مزايا امتلاكهم أسلحة أكثر تطورًا وتقدمًا وعددًا أكبر من القوات والمعلومات الاستخباراتية لا تحدث فرقًا كبيرًا في القتال جنوب لبنان.

ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن نتنياهو يعيش في بيت استولت عليه أسرته من طبيب فلسطيني اسمه توفيق كنعان، وقال أوجين أونيل: لن يصبح سارق البيت مالكًا له مهما فعل.

وأكد المؤرخ الإسرائيلي يوفال نوح هراري في صحيفة “هآرتس” أن النصر ليس لمن يقتل أكثر، أو يأخذ المزيد من الأسرى، أو يدمر المزيد من المنازل، أو يحتل المزيد من الأراضي، بل لمن يقترب من تحقيق أهدافه السياسية.

أطلق البعض على نتنياهو “سابقا” لقب الملك وسيد الأمن، “وتغير” الوضع فقد فشل في إعادة الأسرى، وفشل في منع صواريخ (حزب الله)، وفشل في إعادة سكان الشمال، وتزايدت أعداد النازحين، وفشل في اعتراض صواريخ إيران واليمن والعراق، وتضاعفت الهجرة من إسرائيل، وفشل في القضاء على (حماس)، ونجح فقط في القتل والتدمير، فهل اقترب الخراب الثالث؟ هذا ما ستجيب عنه الأعوام المقبلة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان