أبعاد الحوار الروسي الألماني المرتقب: فرصة لإنهاء الصراع أم تعقيد جديد؟
لا شك أن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية على الساحة الأوروبية تبقى خطيرة ومريبة في ظل ما كشفت عنه التقارير من وجود 12 ألف جندي من كوريا الشمالية وصلوا إلى روسيا للمشاركة في الحرب.
رافق ذلك الخبر اعتزام المستشار الألماني شولتز إجراء محادثات بينه وبين بوتين قبل اجتماع قمة مجموعة “العشرين” بالبرازيل خلال شهر نوفمبر القادم للتباحث في أمر الحرب وسبل وقفها، وذلك وفق صحيفة “دي تسايت” الألمانية التي نقلت الخبر عن مصادر مطلعة في الحكومة الألمانية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsجريمة الاغتصاب تزيد الحالة السودانية بشاعة
سارة نتنياهو.. المرأة الشريرة في إسرائيل
الذين عادوا من الفضاء!
الحوار يحفظ لألمانيا الريادة
معروف أن آخر محادثة جرت بين بوتين وشولتز كانت في سنة 2022، بعدها وصلت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوى لها، غير أن التكهنات بشأن إجراء تلك المحادثة الجديدة لم يتم تأكيدها بشكل قاطع. ففي الوقت الذي أشارت فيه وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك إلى أن الرئيس الروسي غير مهتم بالحوار مع المستشار الألماني، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن استعداد المستشار الألماني أولاف شولتز لمناقشة تسوية الوضع في أوكرانيا مع الرئيس فلاديمير بوتين مرحب به ويعتبر إشارة مهمة..
إن نية المستشار الألماني فتح هذا الحوار هو أمر مهم للغاية ويأتي على خلفية تلك التطورات التي قد تقلب الأوضاع رأسًا على عقب. فنتائج الانتخابات الأمريكية المرتقبة في شهر نوفمبر القادم قد تسهم في إيقاف الحرب. ففي حالة فوز ترامب نتذكر الوعد الذي قطعه على نفسه بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ووقف إمداد أوكرانيا بالأسلحة، بل وهو يعتبر أن زيلينسكي نفسه جزء من المشكلة، هذا ناهيك عن قوات من كوريا الشمالية وصلت روسيا لتعزيز قوتها العسكرية .
كوريا الشمالية علي خط المواجهة
إن فتح قناة اتصال جديدة مع موسكو هي خطوة دبلوماسية في صالح المستشار الألماني، الذي يعتبر ثاني أكبر داعم لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، وقد تزيل عنه تلك المباحثات الحرج إذا تبدل موقف الولايات المتحدة في حال فوز ترامب، خاصة أن السياسة الألمانية بشكل عام لا تخرج عن خط الولايات المتحدة وهي لا تعمل بمعزل عنها.
ثم إن وجود قوات عسكرية من كوريا الشمالية قد يغير المعادلة. فبالتأكيد سيلعبون دورًا في حسم المعارك الدائرة الآن، وهو ما حذر منه زيلينسكي الذي لا يتوقف عن طلب المساعدة، خاصة وأن حاجة كوريا الشمالية للمال كبيرة، والذي سيدفعه الروس لهم بالتأكيد.
لا ترفض موسكو الحوار بطبيعة الحال، لكن هل يمكن للحوار أن يثمر عن شيء؟
في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الذي يديره حفيد أندريا جروميكو، الاسم المرموق في روسيا والذي كان وزيرًا لخارجية الاتحاد السوفيتي السابق لمدة تقترب من 30 عامًا، ورأس الاتحاد السوفيتي في الفترة من 1985 إلى 1988، يهتم المعهد بمراقبة السياسة الألمانية؛ فروسيا تعرف أن ألمانيا هي أهم دولة أوروبية بالنسبة لها، وكان هناك تعاون كبير في مجال الطاقة، حتى أن المستشار الأسبق شرودر كان رئيسًا لمجلس إدارة عملاق النفط الروسي “روسنفت” المملوك للدولة.
استغلال فوز اليمين في ألمانيا
لهذا فإن تسريبات معهد أوروبا ترى أن شولتز هو أفضل الأشرار الذين يمكن الحوار معهم، رغم وجود إمكانية لفتح حوار أيضًا مع نخبة من السياسيين الألمان في الأحزاب التقليدية الأخرى!
في سبتمبر من هذا العام، كشفت صحيفة “دي تسايت” الألمانية عن صدق التقارير الصادرة عن المركز الروسي وكشفت عن وثيقة سرية نادرة حول كيف ينظر الكرملين إلى الوضع السياسي في ألمانيا؟ وما هي النوايا التي يسعى إلى تحقيقها؟ وكانت إحداها أنه يجب استغلال نتائج الانتخابات الألمانية ونتائجها التي فاز بها اليمين المتطرف في شرق ألمانيا في سبتمبر الماضي عن طريق تعزيز الضغط عبر القنوات الموجودة لزيادة خوف المواطنين الألمان من صراع محتمل بين الناتو وروسيا، وذكرت الوثيقة كذلك أنه يجب توضيح أن هذا الصراع يتم التحريض عليه من الغرب، وخصوصًا من خلال سياسيين مثل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس.
إن الخطوة الألمانية المرتقبة قد تجيب على انتقاد بيسكوف للدول الغربية الأخرى التي رفضت إجراء مثل هذا الحوار، لأن هذا الحوار من طرف واحد قد يضغط على الدول الغربية الكبرى من أجل تطوير استراتيجية مشتركة بعيدة عن الولايات المتحدة تراعي مصالح القارة وتوضح بعناية ماذا يريد الغرب تحقيقه في أوكرانيا.
البريكس تظهر قوة بوتين
إن قمة البريكس التي انعقدت في روسيا مؤخرًا وجهت رسالة للغرب أن روسيا ليست دولة هينة بل توافق المصالح معها مهم لكافة الأقطار الأوروبية، فبوتين أظهر أنه يقف على أرض صلبة وأنه يحتفظ بمكانته العالمية رغم حصار الغرب له منذ عامين ونصف العام، فكونه يستقبل 22 زعيمًا وممثلًا من أكثر من 30 دولة يبرز مكانته وسعيه الدائم، كما يقول، إلى إعادة التوازن العالمي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الصيني الذي حضر القمة أكد في كلمته أنه سيواصل مع روسيا والدول الصديقة السعي من أجل إقامة نظام عالمي عادل، وأن التعاون بين روسيا والصين في الشؤون الدولية هو أحد أهم عوامل الاستقرار الرئيسية في العالم. من جهة أخرى، تريد الصين وروسيا وإيران استخدام مجموعة البريكس لتحدي قوة الولايات المتحدة وخاصة قدرتها على فرض العقوبات الاقتصادية على الدول.
لهذا قد تسفر مباحثات شولتز وبوتين عن بداية لحل الصراع ربما في ظل إدارة أمريكية جديدة غير إدارة بايدن التي ساهمت في إراقة الدماء!