كلمات وقنابل: كيف تبرر وسائل الإعلام الغربية الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية؟!

دراسة تغطية وسائل الإعلام الغربية للعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان تبرهن على صحة النظرية التي طورتها عن تحيز وسائل الإعلام، وكان الهدف الرئيس لهذه النظرية هو أن تبدأ دول الجنوب مرحلة جديدة من الكفاح ضد الاختلال في تدفق الأنباء، والدعوة إلى بناء نظام إعلامي عالمي جديد.
هذه النظرية توضح أن تحيز وسائل الإعلام الغربية يؤدي إلى تقييد حرية الإعلام، ويشكل انتهاكا لحق الجمهور في المعرفة، ويقلل من قدرات الصحفيين على تغطية الأحداث، والبحث عن الحقائق؛ لذلك يجب أن يقود الصحفيون كفاح الشعوب ضد التحيز والتضليل والظلم دفاعا عن وظيفتهم ودورهم التاريخي وصورتهم الذهنية.
أكثر تأثيرا من القنابل!
لذلك أوجه دعوتي إلى كل الباحثين الأحرار في مجال الإعلام خاصة في دول الجنوب؛ لدراسة تغطية وسائل الإعلام الغربية للجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان، وكيف تقوم بتبرير المذابح والإبادة الجماعية والتهجير القسري وتدمير العمران.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4كردي فقط أم سوري فقط؟
- list 2 of 4بعد تدخل الرئيس.. انتخابات مصر لا نريدها فرصة ضائعة
- list 3 of 4الفاشر.. حين تتقاطع الجغرافيا بالنبوءة والتاريخ
- list 4 of 4أوروبا على صفيح ساخن.. فضيحة فساد أوكرانيا تهز برلين وتربك زيلينسكي
لقد توصل جوناثان كوك إلى حقيقة مهمة هي أنه كلما قامت إسرائيل بتوسيع حربها في الشرق الأوسط؛ قامت وسائل الإعلام الغربية بتكثيف حربها على عقولنا؛ فهذه الوسائل تستخدم اللغة بشكل أكثر تأثيرا من الأسلحة التي يرتكب بها جيش الاحتلال الإسرائيلي المذابح في غزة ولبنان، والجمهور يتعرض لحملة دعاية تستهدف تبرير الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية.
يضيف جوناثان كوك أن إسرائيل ترتكب جرائمها، وتقوم بعملية إبادة جماعية للشعبين الفلسطيني واللبناني، بينما تستخدم وسائل الإعلام الغربية الكلمات لإخفاء تلك الجرائم.
فكر داخل الإطار!!
وسائل الإعلام الغربية تقدم تغطيتها للأحداث باستخدام أساليب تضلل الجمهور، وتدفع الفرد إلى التفكير داخل الأطر التي حددتها للتغطية، وهذا يؤدي إلى التلاعب باتجاهات الجماهير. يمكنك أن تنظر مثلا إلى تغطية هذه الوسائل الآن للعدوان الإسرائيلي على لبنان؛ حيث تركز هذه الوسائل على أن الجيش الإسرائيلي يستهدف وقف إطلاق الصواريخ التي يطلقها حزب الله، وإعادة المستوطنين إلى بيوتهم.. بذلك تدفع هذه الوسائل الجمهور إلى التفكير داخل الإطار الذي حددته، وتبرير قتل النساء والأطفال وتهجير السكان، بأن حزب الله يقوم بإخفاء الصواريخ في بيوتهم.
نشر الدعاية الإسرائيلية
بذلك تحولت وسائل الإعلام الغربية إلى وسائل لنشر الدعاية الإسرائيلية؛ ففي تغطيتها للعدوان على لبنان تستخدم الحجج نفسها التي استخدمتها في تبرير تدمير المستشفيات والمدارس والجامعات في غزة؛ بحجة وجود مقرات لحماس تحت هذه المباني، وهكذا تقبل الجمهور الغربي تدمير البنية التحتية في غزة، وارتكاب الكثير من المذابح، وهذا يوضح اعتماد وسائل الإعلام الغربية بشكل مكثف على المصادر الإسرائيلية، وأنها متحيزة لإسرائيل، ولم تقم بالتأكد من صحة المعلومات، وهذا يؤثر في وظيفة الصحفيين في البحث عن الحقائق، وتوفير المعلومات الصحيحة والمعرفة لجمهورهم.
من له الحق في الدفاع؟!
تردد وسائل الإعلام الغربية بشكل مستمر أن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، ولم تحاول مناقشة هذه الحجة، أو طرح سؤال مهم هو: من يملك الحق في الدفاع عن نفسه؟ أليس من حق الفلسطينيين واللبنانيين الدفاع عن أنفسهم؟!!
يقول جوناثان كوك إن الحقيقة هي أن إسرائيل هي التي تقوم بالاعتداء بشكل مستمر على لبنان، في الوقت الذي كان يحرص فيه حزب الله على عدم الرد، وعدم إطلاق الصواريخ، وإن عدد الاعتداءات التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي تفوق مئات المرات عدد الاعتداءات التي قام بها حزب الله.. لكن وسائل الإعلام لا تنشر الحقائق عن الصراع لكي تبرر العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان وغزة، فهي لا تريد أن يعرف الجمهور أن إسرائيل هي المعتدية.
لقد تعرض حزب الله للسخرية من جانب الجمهور العربي لأن صواريخه غير مؤثرة، ولا تلحق أية خسائر بإسرائيل، ومن الواضح أن حزب الله كان يقصد ذلك حتى يتجنب الحرب، كما أنه أعلن كثيرا أن صواريخه سوف تتوقف إذا أوقفت إسرائيل عدوانها على غزة، وإبادة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، فمن يملك حق الدفاع عن النفس؟!!
من يطبق القانون الدولي؟!
تقوم وسائل الإعلام الغربية بتجهيل الجمهور بعدم نشر قرارات محكمة العدل الدولية التي أكدت أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وأنه يجب وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.. ولم يحدث أن أوضحت وسيلة إعلامية غربية لجمهورها أن حزب الله أقرب إلى تطبيق القانون الدولي من الدول التي تقوم بإمداد إسرائيل بالأسلحة التي تستخدمها في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا.
بحجة العداء للسامية!!
من الحجج التي تستخدمها وسائل الإعلام الغربية لتبرير العدوان الإسرائيلي أن العرب يتبنون سياسة غير رشيدة ومعادية للسامية تستهدف قتل اليهود؛ لذلك يستحقون ما يتعرضون له؛ وبذلك يرتبط تحيز هذه الوسائل بالعنصرية. فاستخدام هذا المبرر يشعل نيران الكراهية، ويفتح المجال لاستمرار العدوان الإسرائيلي. كما تردد هذه الوسائل اتهام حزب الله بالإرهاب.
كما توضح تغطية وسائل الإعلام الغربية للأحداث أنها تستهدف التأثير في عواطف الجمهور الغربي؛ لدفعه إلى تأييد العدوان الإسرائيلي، وتقوم بإخفاء الحقائق عن تاريخ الصراع، وتمهد لدفع الولايات المتحدة إلى دخول الحرب، بترويج الكثير من القصص الزائفة التي قام جهاز الدعاية الإسرائيلية بفبركتها مثل قطع رؤوس الأطفال والاغتصاب الجماعي، فهل كسر التحيز لإسرائيل الحدود بين الإعلام والدعاية، وهل يمكن أن يدمر مستقبل الإعلام؟!
