هل المنطقة على شفير حرب بعد القصف الإيراني للكيان وانتظار الرد؟

الحياة بإسرائيل في الفترة التي تسبق الذكرى الأولى لطوفان الأقصى. مروحيات بلاك هوك تمر فوق شاطئ تل أبيب والممشى الخشبي أثناء غروب الشمس في 5 من أكتوبر/تشرين الأول 2024 في تل أبيب (غيتي)

 

جاء الرد الإيراني الأخير على الكيان المحتل بإطلاق الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، وغيرها من الصواريخ؛ ردًّا على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحسن نصر الله، زعيم حزب الله، مفاجأة للجميع بعد أن احتفظت إيران بحق الرد.

هذه الصواريخ جعلت الكيان يعيش ليلة من أسوأ لياليه؛ حيث هرب نحو 8 ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ بأوامر من قيادة الكيان، ووصلت نحو 80% من الصواريخ إلى أهدافها -وفق التصريحات الإيرانية- مما أثبت الفشل الاستخباراتي للكيان مثلما حدث في 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في معركة “طوفان الأقصى” التي قامت بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فبدأ منذ ذلك الحين الهجوم الصهيوني على قطاع غزة بالقصف والتدمير والإبادة.

المرجفون في المدينة

ومن المؤسف أن القاعدين والمرجفين في المدينة من بني جلدتنا والمحسوبين على العروبة والإسلام عندما فاجأهم الرد الإيراني قالوا عنه “مسرحية”، وأن العملية متفق عليها بين الطرفين؛ حفظًا لماء الوجه.

وتناسى هؤلاء أن المسرحية التي يزعمونها جعلت نتنياهو وأعضاء حكومته يلجؤون إلى المخابئ هم وجميع الشعب الإسرائيلي، وأُغلِقت المطارات في دول عدة من بينها دولة الكيان.

بل إن الرئيس الأمريكي جو بايدن طالب الجيش الأمريكي بالوقوف مع الكيان المحتل لصد هذا العدوان؛ مما يؤكد أن الموضوع ليس مسرحية تمثل فيها إيران دورًا، وتتوزع الأدوار فيما بينها وبين إسرائيل وأمريكا، تكون فيه إيران هي بطل المسرحية، وهم يقومون بأدوار ثانوية.

إن عقيدة جيش الاحتلال ترفض أن يكون في موقف ضعف تجاه أي دولة في الشرق الأوسط، ولن يسمح بأن يظهر بشكل المهزوز الذي ينتظر من إيران ضربه، ولكنه فشل كما قلنا مخابراتيًّا وعسكريًّا في محاولة التصدي للرد الإيراني.

وقضى الأحرار غير المؤدلجين عقائديًّا في الوطن العربي والعالم الإسلامي ليلة سعيدة بعد أيام من الإحباط الذي حدث بعد اغتيال حسن نصر الله، وموقعة “البيجر” التي حدثت في لبنان؛ مما جعلنا نتوقع اختراق حزب الله، وضرب مقدرات المقاومة هناك.

وسمعنا مَن يسخر من الضربة الإيرانية في الأول من أكتوبر، ويتهمها بالمسرحية ممن يطلقون على أنفسهم “مثقفين”، كما قالوا من قبل على طوفان الأقصى في 7 من أكتوبر العام الماضي مسرحية، وعلى نصر 6 من أكتوبر عام 1973 مسرحية أيضًا؛ لأنهم يعيشون في انهزامية نفسية كبيرة، لن تفلح أقوى الانتصارات في إصلاح هذه النفوس المريضة.

حزب الله والمقاومة

مهما اختلفنا مع إيران في مشروعها السياسي والديني؛ إلا أن عداوتها للكيان واضحة للكافة لا تحتاج إلا للنظر إلى الأمور التي تحدث بتجرد شديد، بعيدًا عن معارك السنّة والشيعة التي يحلو للبعض استدعاءها كلما حدث ردّ من أذرع المقاومة التابعة لإيران في لبنان وسوريا والعراق وغيرها على الكيان الصهيوني.

فحزب الله -قد تختلف أو تتفق معه- هو حركة مقاومة ضد الكيان الصهيوني، استطاع تحرير لبنان عام 2000، وهزيمة إسرائيل عام 2006، وأجبرها على الانسحاب من الجنوب اللبناني.

لذا، فإن وقوفنا في جانب حزب الله المقاوم لا يعني اعتناقنا مذهبه، فالأمر هنا مختلف؛ لأن أي حركة مقاومة تقف في وجه العدو، وأي مسلم حر ومحايد سيجد نفسه تلقائيًّا يقف في خندقها نفسه، بغضّ النظر عن هويتها الدينية ما دامت تستطيع الوقوف ضد الكيان المحتل.

ويبدو أن الضربة الصاروخية الإيرانية ضد الكيان المحتل لها تأثير كبير على قيادات الكيان الذين أعلنوا عن ردّ قوي ضد إيران، وما بين الرد والرد على الرد قد تبدو المنطقة على شفير حرب إقليمية كبرى لا يعلم أحد إذا ما بدأت كيف ستنتهي.

ولكن المؤكد أن خريطة الشرق الأوسط السياسية والديموغرافية ربما ستتغير، وهذا ما تؤيده الإدارة الأمريكية عن طريق حليفتها إسرائيل؛ بل إنها تقف مع الكيان في ضرورة الرد على إيران، وهو ما قد يؤدي إلى رد آخر من إيران التي حذرت الكيان أنها سترد ردًّا قاسيًا قد يصل إلى البنية التحتية، وأمور أخرى لم توضحها.

موقف دول الخليج وروسيا والصين

ومع الغارات المستمرة على لبنان، ومحاولة التوغل البري في جنوبي لبنان من قِبل جيش الاحتلال، ووقوف المقاومة اللبنانية ضد هذا التوغل، إلا أن النتيجة غير معروفة بعد الضربات التي تلقاها حزب الله، ولكن الحقيقة المعروفة أن الحرب مع حزب الله ليست نزهة، فالتضاريس في لبنان تختلف عن قطاع غزة المسطح تقريبًا.

المؤكد أن حدوث حرب إقليمية سيجعل الدول العربية في موقف صعب؛ حيث توجد قواعد أمريكية ربما تخرج منها غارات وصواريخ ضد إيران ولبنان، وهو ما يجعل إيران ربما تستهدفها مباشرة، أو من خلال أذرع المقاومة في المنطقة.

وربما تنحاز دول إلى الحرب مباشرة، وأخرى سوف تُجبَر على دخول هذه الحرب؛ لظروف إقليمية مختلفة، وفقًا للتحالفات والأضرار المتوقعة لكل منها، وسوف تكون لحركات المقاومة الدور الأكبر في التصدي للكيان المحتل، ومن المؤكد أنه في حال حدوث حرب ربما ستتوسع، فلا أحد يضمن نهايتها، ومَن مِن دول المنطقة ستنجر إليها.

أمّا عن المواقف المتوقعة لروسيا والصين، فربما تقدّم روسيا مساعدات عسكرية ولوجستية لحليفتها إيران، أما الصين فسوف تستفيد اقتصاديًّا، وسوف يؤدي ذلك إلى حدوث نزوح بالملايين، كما يحدث في لبنان حاليًّا؛ حيث نزح أكثر من مليون لبناني من الجنوب إلى الشمال في ظل ظروف صعبة جدًّا.

وربما تكون النقطة الفاصلة في كل هذه التوقعات هي ضرب المشروع النووي الإيراني من قِبل الكيان المحتل، وقتها لن نعلم إلى أين تذهب المنطقة!

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان