بنك أهداف الحرب.. وعض الأصابع

لوحة في وادي البقاع بلبنان يظهر بها زعيم حزب الله الراحل حسن نصر الله (نيويورك تايمز)

نفخ المفكر الصهيوني مردخاي كيدار في البوق احتفالًا باغتيال حسن نصر الله في القناة الـ14 الإسرائيلية، وصرح وزير الخارجية الأمريكي أن العالم أصبح أكثر أمانا بعد اغتياله، ولا نعرف رأيه الآن.

في لعبة عض الأصابع يضع كل طرف أصبعه في فم الطرف الآخر ليضغط عليها بأقصى قوته، ومن يصرخ أولًا ينهزم ويمنح المنتصر فرصة قطع أصبعه بيديه..

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

في لعبة الأصابع هناك خسائر ونزف وإنهاك للطرفين، ولكن التحمل والصمود يقرران الفائز.

أما بنك أهداف أي حرب فيجب أن يحقق أهدافه التي أعلنها.

نعترف بنجاح نتنياهو في اغتيال حسن نصر الله وكثير من القادة العسكريين في حزب الله وتشريد مليون لبناني والتدمير في جنوب لبنان ولا نقلل منه..

ولكنه فشل في إعادة المستوطنين إلى الشمال وزادت أعداد النازحين، ولم يوقف مواصلة إسناد الحزب لغزة..

كما لم ينجح اغتيال إسماعيل هنية في استسلام غزة وتراجع الضفة الغربية، رغم نجاح نتنياهو في تدمير البنية التحتية في غزة وهدم البيوت والمستشفيات والجامعات والمدارس وترويع وتجويع الملايين في غزة، ولكنه لم يحقق هدفه المعلن في تحرير الرهائن وسحق المقاومة..

إرادة الردع

تواصلت المقاومة في كل فلسطين وتابعنا قيام شابين (أعمارهما 19 و25 عامًا) من يافا بنزع سلاح جندي صهيوني وإطلاق النار على الواقفين بمحطة قطار وقتلوا 8 إسرائيليين وأصابوا 16، وأعد حزب الله كمينًا لقوة إسرائيلية على الحدود واعترف الصهاينة بمقتل وجرح العديد منهم، وواصلت حماس وسرايا القدس العمليات المكثفة رغم اقتراب عام على طوفان الأقصى وفداحة النزف من الدماء ومن الخسائر بأنواعها.

ضربت إيران معظم أنحاء إسرئيل بصواريخ، وأيا كانت نتائجها فقد أدخلت الصهاينة إلى الملاجئ.

وقال المتحدث باسم الحيش الإسرائيلي “أنت تساعد العدو”، مطالبًا الإسرائيليين بعدم نشر صور وأخبار أماكن سقوط صواريخ إيران.

لم يوقف نتنياهو المقاومة في لبنان كما فشل في غزة، وهي المدينة الصغيرة المحاصرة منذ أعوام طويلة فلم يكسر إرادة المقاومة ولم ينجح في تحريض بيئة المقاومة عليها وتضاعفت الرغبة في الثأر.

لأول مرة

لم ينجح نتنياهو -حتى الآن- في تحقيق أي هدف له، فحزب الله أضاف مستوطنات جديدة تحت نيرانه، وضرب هدفًا على مسافة 150 كيلومترا لأول مرة بعد اغتيال نصر الله..

أما بنك أهداف المقاومة في غزة ولبنان فركز على قتال العدو وإنهاك قواته واستنزافه عسكريًا..

نجحت غزة في الصمود، وواصلت الكمائن وتفوقت في العمليات من مسافة صفر، وفي لبنان استهدف  حزب الله مطارات وعسكرية ووقواعد عسكرية ومصانع لمواد متفجرة وقاعدة عاموس وهي القاعدة الرئيسية للنقل والدعم اللوجستي للمنطقة الشمالية.

حزب الله لم يستخدم إلا بعض قدراته، وتحتفظ المقاومة في غزة  ببعض الأوراق لإدارة الحرب ولم تظهرها كلها.

ماكرون وبايدن وكامالا

وجه الرئيس الفرنسي ماكرون رسالة إلى اللبنانيين يطالبهم بالحفاظ عليها قبل هجوم الصهاينة بأجهزة البيجر بأيام، وبعد اغتيال نصر الله أرسل إليهم وزير خارجيته، ولعله ظن أنهم سيحتضوننه كما فعلت المطربة اللبنانية ماجدة الرومي، وكما طالب ثلاثة ألاف لبناني بكتابة طلب باعادة الوجود الفرنسي أو الاحتلال الفرنسي إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

وقال الرئيس الأمريكي بايدن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: انضم حزب الله بدون سبب إلى حرب حماس!

وبعد الهجوم الإيراني أعلنت هاريس كامالا -نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن- دعم ومساندة واشنطن لإسرائيل ضد إيران بلا حدود.

يختار حزب الله بنك أهدافه بالهدوء ورفض الخضوع إلى فخ نتنياهو بالانجرار إلى الانفعال وبدء معركة واسعة مفتوحة، وإيلام العدو في ضرب مخازن الأسلحة وأماكن القيادة العسكرية مقصود مع تجنب ضرب المدنيين لنزع منه الحجة في تدمير البنية التحتية في لبنان.

كما تحرص إيران في ردودها على تجنب ما يخالف القانون الدولي وتتعمد استهداف فقط المنشأت العسكرية.

فشل وخسارة

فشل الصهاينة في عزل حزب الله عن باقي طوائف لبنان العقائدية والسياسية ومنهم من طالب كثيرًا بنزع سلاح حزب الله..

وخسر رهانه في تحريضها على المقاومة وفوجئ بالتفاف واضح حول حزب الله رسميًا وشعبيًا من الغالبية العظمى من اللبنانيين له ورأينا من السنة والدروز والمسيحيين من يفتحون بيوتهم لمن تهدّمت منازلهم في الجنوب، أو هُجّر منها تحت وطأة الهجوم الصهيوني.

وشاهدنا التسابق في إعداد وجبات الطعام لهم ومن تطوع لتقديم خدمات مجانية لهم كإصلاح سياراتهم وما شابه.

تسابق معظم اللبنانيين في التبرع بالدم حتى أعلنت بعض المستشفيات عن عدم حاجتها للمزيد من المتطوعين في تكاتف شعبي لم يتوقعه أحد.

الجميع متطرفون

كذلك اتحد غالبية الصهاينة مع نتنياهو، فوقفت المعارضة مع ما يُطلق عليه اليمين المتطرف ضد إيران وحزب الله كما ساندته في غزة، وقال زعيم المعارضة إذا كنا نستطيع اغتيال نصر الله وتدمير لبنان، فلماذا لم نفعل ذلك منذ أشهر؟

فكل من في الكيان متطرف وعنصري ويريد محو فلسطين وكل من يؤيدها من الوجود ويحرصون على تربية أولادهم على ذلك.

أعلن روني مزراحي رئيس اتحاد المقاولين الإسرائيليين السابق -بثقة زائدة- أن ما يفعلونه في لبنان اليوم، يمكنهم تكراره في الأردن، فالأردن سيكون التالي بعد لبنان.

يذكرنا تهديد قادة الجيش الصهيوني بعملية برية في لبنان بتهديدهم السابق والمتكرر باجتياح رفح، وغرقهم فيه منذ أشهر، ومؤخرا نشرت كتائب القسام كمينًا أطلقت عليه كمين بشائر النصر في رفح استهدف جنود الصهاينة، وأعلن الإعلام العبري عن وقت صعب يمرون به بعد محاولة لعملية برية إلى لبنان وفوجئوا بكمين ينتظرهم وأعلنوا عن قتلى وجرحى.

سيتواصل عض الأصابع والنزف وسيفوز أصحاب الحق، ولو بعد حين.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان