الحرب على الجبهة الإعلامية.. المهام المنتظرة
في كلمته بمناسبة مرور عام على طوفان الأقصى دعا الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة إلى إطلاق أكبر حملة إعلامية عربية وإسلامية وعالمية لمساندة الشعب الفلسطيني لمواجهة آلة الكذب الصهيونية، مؤكدا أن كل صوت يدعم المقاومة هو جزء من معركة التحرير، وأن الإعلام له دور كبير في مواجهة التضليل الإسرائيلي.
دعوة أبو عبيدة تؤكد إدراك المقاومة لدور الإعلام، واعتباره جزءا من معركة التحرير، ولا يقل أثرا عن دور الصواريخ والقذائف، والمواجهات المباشرة، ترجمت المقاومة إدراكها لأهمية الإعلام عبر مسارات عديدة ظهرت آثارها بالفعل خلال عام كامل من العمليات، ولعل الظهور المتكرر لأبي عبيدة نفسه متحدثا عن بعض العمليات أو موجها بعض الرسائل كان من أقوى الأدوات الإعلامية للمقاومة خاصة مع تمتع بياناته بمصداقية عالية حيث كان يرفقها في الغالب بمقاطع مصورة لعمليات عسكرية جديدة للكتائب، لا يستطيع العدو إنكارها.
اقرأ أيضا
list of 4 items«هآرتس».. صرخة من الداخل.. كي لا تأكل الأفعى نفسها
«أمريكا شيكا بيكا» بين العرب وانتخابات 2024
خطة الفقاعات الإنسانية والمراقبة البيومترية في غزة!
توثيق العمليات العسكرية للمقاومة -رغم خطورة ذلك- بدءا بطوفان السابع من أكتوبر/تشرين أول 2013، وحتى الآن، ومن ثم إتاحتها لوسائل الإعلام كان بدوره عنصرا مهما في هذه الحرب، ظهور هذه المشاهد الموثقة عبر الشاشات والمواقع الخبرية، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي قطع الطريق على الكيان لترويج روايات أحادية مضللة برع فيها من قبل، تأكيدا لفرية الجيش الذي لا يقهر، كما أن ظهور هذه المقاطع المصورة رفع معنويات الشعب الفلسطيني، ورفع معنويات بقية رجال المقاومة أنفسهم، وأحدث نوعا من التنافس فيما بينهم “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.
مراسلون تحت القصف
بخلاف الناطق العسكري الذي صار أيقونة شعبية (مجهولة الملامح بسبب لثامه) والذي تنتظر الملايين كلمته، وبخلاف المثلث الأحمر الذي رسخته المقاومة رمزا لعملياتها، والذي تيمنت به بعض الجبهات الأخرى مثل كتيبة البراء بن مالك في الحرب السودانية، ومثل حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات الأردنية، وبخلاف دور قسم الإعلام العسكري، فقد تمتعت المقاومة بمتحدثين سياسيين متميزين، تمكنوا من نقل الرواية الصحيحة، ومواجهة الرواية الإسرائيلية المضللة، كما تمكنوا من مواجهة بعض المذيعين الغربيين المتبنين لتلك الرواية الإسرائيلية.
إلى جانب كتائب العسكريين المقاومين كانت هناك كتائب المراسلين الإعلاميين التي عملت ولا تزال تحت القصف، والتي فقدت حتى الآن 174مراسلا ومصورا، كان لشبكة الجزيرة نصيب الأسد بينهم، كان هؤلاء المراسلون والمصورون ولا يزالون يؤمنون بدورهم المهني في نقل مشاهد القتل والدمار والعمليات المسلحة بكل موضوعية، بعيدا عن الدعاية الإسرائيلية التي أرادت منذ البداية احتكار المعلومات، وتسويق أكاذيبها وفرضها على وسائل الإعلام الدولية، التي هددت المراسلين والمصورين بالقتل، فنجحت في تخويف الكثيرين، ودفعهم لمغادرة القطاع، ثم نجحت في قتل ذلك العدد الكبير ممن أصروا على البقاء واستكمال مهمتهم، لكنها رغم ذلك فشلت في فرض روايتها بسبب بقاء العديد من المراسلين الذي ظلوا يحملون أرواحهم على أكفهم، فهم أصحاب قضية، وقد وجدوا أن هذا واجبهم الذي لا يقدر على أدائه غيرهم.
كان لشبكة الجزيرة بشقيها العربي والإنجليزي الدور الأكبر في نقل الرواية الصحيحة للحرب، ما أفسد على الكيان خطته لفرض رواية أحادية مضللة، وثمنا لذلك قدمت الجزيرة عددا من مراسليها شهداء على أرض غزة، ولم ترهبها تهديدات سلطات الاحتلال التي أغلقت مكتبها في الضفة الغربية، وواصلت مهمتها بكل الطرق الممكنة.
في الإعلام الدولي تصدى نفر من المؤمنين بالحق الفلسطيني، وبمشروعية المقاومة للاحتلال بكل بسالة للفبركات والأكاذيب الإسرائيلية، وقد أسهم ذلك في رفع الوعي لدى الشعوب الغربية، وكان نتيجة ذلك خروج المظاهرات الحاشدة في الجامعات والشوارع الأمريكية والأوربية، وحتى في مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي نشير بكل تقدير إلى تجربة شبابية (مجموعة إسناد) التي تخصصت في التفاعل مع حسابات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية (وبشكل أخص مع الوسوم الأكثر انتشارا)، ودحض روايتها، ونشر ما يؤثر على معنويات الجمهور الإسرائيلي عبرها، ومجموعات إسناد (ISNAD) حسب تعبير القائمين عليها (تمتد من صحراء غرب أفريقيا إلى صحراء العراق ومن جبال تركيا إلى شلالات النيل الأزرق، كما أنها تضرب من المسافة صفر)، وهي تنتظر المزيد من الشباب للانضمام إليها.
مهام إعلامية منتظرة
قامت الجبهة الإعلامية الداعمة للمقاومة بدورها خلال عام مضى، لكن ما ينتظرها أكثر بالتأكيد، في ظل محاولات الكيان تسويق انتصارات وهمية بعد اغتياله لعدد من قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية مؤخرا، وضرباته الصاروخية المدمرة في جنوب لبنان وجنوب بيروت، والاستعداد لتوجيه ضربة انتقامية كبرى ضد إيران، يستهدف العدو أيضا بث روح الهزيمة والاستسلام لدى الشعب الفلسطيني والشعوب المساندة له، ويساعده في ذلك “متصهينون” فلسطينيون وعرب، يضخمون من ردود فعل بعض المتضررين من الحرب في غزة ولبنان، وإظهارهم كأنهم أغلبية الشعبين، بهدف الفت في عضد المقاومة، ودفعها للاستسلام، وهذا ما دعا أبو عبيدة لإطلاق أكبر حملة إعلامية عربية وإسلامية وعالمية لمواجهة آلة الكذب الصهيونية.
ضمن المهام المنوطة بالإعلام الداعم للمقاومة في هذه المرحلة أيضا مواجهة مخططات العدو لنشر الفتن المذهبية والطائفية والعرقية بين الشعوب العربية والإسلامية، لإضعافها، وتفتيتها، وحرف أولوياتها إلى معارك داخلية تستنزف طاقاتها وقدراتها، وتبعدها عن المعركة الأصلية، وتغطي على فضيحته يوم الطوفان التي ينبغي على الإعلام مواصلة التأكيد عليها، وعدم السماح بإخفائها، أو قلبها نصرا كما فعل العدو من قبل مع حرب أكتوبر 1973.