عندما تحدث «الملثم» بعد غياب!

أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام
أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام

أعاد صوت أبو عبيدة الروح إلى الملايين من المتمسكين بالأمل في انتصار الحق والعدل والمقاومة في المعركة ضد طغيان وغطرسة القوة المتمثل في الكيان الصهيوني ورعاته في الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وقد سبقت كلمة المتحدث العسكري لكتائب القسام تصريحات نتنياهو رئيس وزراء العصابة الصهيونية عن تغيير اسم عملية الاجتياح لغزة من (السيوف الحديدية) إلى (حرب القيامة) وأكد أبو عبيدة أن معركة غزة المستمرة منذ عام هي معركة الحق وأصحابه، وحرب استنزاف تستمر ضد الاحتلال وأن المقاومة باقية ما بقى العدوان والاحتلال.

أجادت كتائب القسام ومتحدتها الذي غاب عنا طويلًا اختيار توقيت هذا الظهور في الذكرى الأولى لانطلاق عملية طوفان الأقصى التي قال عنها أبو عبيدة إنها أكبر عملية للكوماندوز في العصر الحديث، وعندما أطل أبو عبيدة في الخامسة مساءً من يوم الطوفان توقف العالم كله انتظارًا لما يقوله وتعلقت قلوب المؤمنين بالمقاومة بشاشات التليفزيون والمواقع الإخبارية ليعيد بكلمته الروح ويستنهض الهمم التي ربما شابها بعض الفتور من طول مدة الحرب، لكن أبو عبيدة أعلنها لكل هؤلاء ولكل العالم “أننا كبدنا العدو الآلاف من القتلى والجرحى والمئات من الأليات والدبابات ومستمرون في هذه الأرض طالما بقي المحتل وتوسع طغيانه وغطرسته ومهما توحش في علمياته”

التصفية والاغتيال لا يجديان

أبو عبيدة الذي ذاعت شهرته منذ ظهوره الأول في بداية عملية الطوفان صاحب كاريزما جماهيرية لما يتمتع به صوته الذي يحمل الصدق دائمًا، صوت هادئ تسبقه الحقائق والكلمات الدقيقة التي لا تحمل تهويلًا ولا مبالغة تلك الميزة التي تميز بيانات جبهات المقاومة في محورها بأذرعها الأربعة فلسطين، لبنان، اليمن، والعراق، ويتفوق بها على قادة الكيان الصهيوني الذين يبالغون كثيرًا في تصريحاتهم الإعلامية.

عندما تحدث (الملثم) عن عمليات الاغتيال التي طالت قادة المقاومة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ممثلة في الشهيد القائد إسماعيل هنية وصالح العاروري وغيرهما العشرات من قادة المقاومة في فلسطين، وكذلك الشهيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وعلي الكركي القائد العسكري، وغيرهما العشرات من قوة الرضوان – يتباهى نتنياهو وعصابته بتصفيتهم- قال أبو عبيدة إن الاغتيال والتصفية لا تنهي المقاومة للمحتل وإلا لتوقفت المقاومة باغتيال عز الدين القسام منذ 90 عامًا، واغتيال القائد التاريخي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين منذ عشرين عامًا، وما استمرت هذه المقاومة التي لم تتوقف ضد الاحتلال عام واحد طوال عمره القصير، وقال أبو عبيدة “إن عمر هذا الكيان أقل من عمر أي حجر أو حذاء أو باب في أرض فلسطين” أي أنه زائل مثل غيره من فترات التاريخ الزائلة فالكيان ليس جغرافيا بل فترة زمنية.

يبدو أن نتنياهو كان يتابع كلمة أبو عبيدة فخرج في اليوم التالي لكلمته ليتباهى بتصفية قادة حزب الله وحسن نصر الله وخليفته مشيرًا إلى هاشم صفي الدين وخليفته في إشارة إلى على كركي، وقال نتنياهو إنه أضعف قدرات الحزب، هذه التصريحات التي جاءت بينما لا يزال جنوده وجيشه يتكبدون الخسائر في جنوب لبنان وأثناء تصريحاته، وكان نتنياهو يعبر عن هزيمته الداخلية التي يشعر بها فهو لا يجد أي إنجاز عسكري يتباهى به سوى التصفيات من خلال الاغتيال للقادة والأبطال في حركات المقاومة.

وحدة محور المقاومة

ينساب صوت أبو عبيدة خلال كلمته ليسرد أحداث عام كامل من استنزاف قدرات العدو وجنوده عبر أربع جبهات للمقاومة الإسلامية الشجاعة على طول هذه الجبهات موجهًا التحية للأبطال في لبنان الذين يكبدون العدو خسائر فادحة على مدار عام كامل وتتزايد هذه الخسائر مع محاولات الغزو البري لجنوب لبنان، و قال أبو عبيدة إن جبهات الإسناد في لبنان، والمقاومة اليمنية متمثلة في جماعة أنصار الله والمقاومة الإسلامية في العراق كل هؤلاء الذين يساندون غزة والضفة الغربية ووصل مدى صواريخهم إلى إيلات وحيفا، وتل أبيب هم قوة المقاومة ووحدة هذه الجبهات هي سبيل تحرير فلسطين.

كان الدعم الإيراني والهجمات الإيرانية على الكيان الصهيوني في الأول من أكتوبر محل تقدير في كلمة المتحدث العسكري لكتائب القسام، ودعا أبو عبيدة علماء الأمة إلى نبذ الطائفية مؤكدًا دور العلماء في وأد تلك الفتنة التي لا يستفيد منها إلا أعداؤها.

لم ينس أن يوجه تحيته إلى الشهيد الأردني البطل ماهر الجازوي الذي نفذ عملية المعبربين الأردن والكيان وفتح جبهة للعمليات الشعبية في كل الأرض العربية والإسلامية، كلمة أبو عبيدة جاءت جامعة ساردًا فيها كل أحداث العام البطولي للمقاومة في غزة والضفة الغربية، والقدس، وكل جبهات المقاومة في محور الإسناد، هذه الإشارات التي يحاول فيها أبو عبيدة أن يسد الشقوق في جدران المقاومة وينبذ محاولات الصهاينة ومن ولاهم من أنظمة في المنطقة، ووسائل إعلامية غربية أو عربية لمحاولة شق صف المقاومة.

لم يتغافل المتحدث العسكري لكتائب القسام الأنظمة العربية المطبعة والمتعاونة مع الكيان الصهيوني، والتي تدعم الكيان سواء بفتح طرق لمده بالمساعدات، أو تمرير صفقات استيراده لمنتجات وأسلحة، أو بتعرضها ومهاجمتها للطيران الذي يهاجم الكيان، وكانت كلمته الموجهة للشعوب العربية للضغط عل تلك الحكومات من أجل إيقاف تعاونهم مع العدو الإسرائيلي.

الدعاء لا يكفي

في نبرة حزن على الخذلان الذي يشعر به أهلنا في فلسطين سواء في غزة أو الضفة الغربية، وفي القدس والمسجد الأقصى كان عتاب أبو عبيدة الخجول لكل الأمة العربية والإسلامية فقال إن الكلمات والدعاء لا يكفي وكان تذكير علماء الأمة بكبار العلماء المجاهدين في التاريخ الإسلامي مثل العز بن عبد السلام وابن تيمية، وغيرهما من علماء الأمة الذين كانوا يقدمون كل العون للمسلمين في حروبهم، وناشد علماء الأمة وجمهورهم أن يتقدموا للجهاد والمقاومة وأن يعيدوا مفهوم المقاومة لجمهور المسلمين، الجهاد بالنفس والمال وكل أشكال المساعدة.

إشارة أبو عبيدة إلى الخطر المحيط لمسرى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وما يحاك له وتحذيره العلماء بألا ينتظروا أن يأتيهم خبر هدم المسجد مهم ليستيقظ المسلمون مبكرًا، وكانت إشارته إلى ذلك عندما تحدث عن أسباب ما حدث في السابع من أكتوبر في بداية كلمته الملهمة.

عتاب المقاومة الفلسطينية لأشقائها الذين يقفون معهم متضامنين بالكلمات، أو من يلعبون دور الوسيط لا يظهر كثيرًا في تصريحات قادة المقاومة وهم يقدرون كل جهد أي ما كان مقداره، ولكن كلمة أبو عبيدة تحمل شعورًا بالخطر، وشعورًا بالخذلان، وهو احساس الكريم المعطاء الذي لا يشكو بل يعتب على الخذلان، فالقضية ليست فلسطينية بل قضية الأمة العربية والإسلامية

كلمة أخيرة

” يا كل أحرار العرب، يا كل أحرار الأمة، يا كل أحرار العالم أن المقاومة الفلسطينية باقية ما كان هناك احتلال ، ولن نجعل المقاومة ومحورها يقفون وحدهم في مواجهة الغطرسة والغرور لنتنياهو وعصابته، ولم تجدي كل مصانع السلاح الأمريكي والأوروبي في إيقاف المقاومة، فانهضوا للضغط عليهم من أجل أيقاف حرب الإبادة على فلسطين، أما المتخاذلون المطبعون المتصهينون الذين نبتوا في أراضينا فلن يطول أجلهم وسينتهون” وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان