موقعة أمستردام.. غضب يتجه نحو الانفجار

مشجعو الفريق الإسرائيلي يرفعون الأعلام الصفراء بجانب العلم الإسرائيلي (الفرنسية)

لم تكن الأحداث التي شهدتها شوارع مدينة أمستردام أثناء وبعد نهاية مباراة كرة القدم بين فريق أياكس الهولندي ومكابي الممثل لدولة الاحتلال في دوري أبطال أوروبا سوى رد فعل اتجاه ما يحدث على مدار عام وشهر من مجازر في حق البشرية، وحرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على أهلنا في فلسطين، سواء في غزة والضفة الغربية أو في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

زاد الأمر تلك الهتافات العنصرية لجمهور فريق الاحتلال الذين هتفوا في مدرجات الملعب (الموت للعرب) في مواجهة تضامن بمعظم ملاعب العالم مع فلسطين، وانتشار اللافتات المعبرة عن تضامن شعبي يتزايد في أنحاء العالم مع حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال والعجرفة الصهيونية التي تتزايد يوما بعد آخر.

تصاعد شعبية المقاومة

لم يقتصر تصاعد الغضب بسبب المجازر في الأرض المحتلة على ملاعب كرة القدم خلال الأيام الماضية، فقد شهدت الهند أيضا نوعا من هذا التضامن من خلال المسلمين في البلاد الذين طالبوا السلطات بإيقاف التعاون التجاري بين البلدين، وقالوا إن السلطات الهندية تدعم الكيان المحتل والمجرَّم دوليا من قِبل الأمم المتحدة ودستورها، وإذا كانت السلطات الهندية ترى المقاومة عملا إرهابيا فإن غاندي المقاوم الهندي الكبير يُعَد كذلك إرهابيا.

ضرب المحتجون في الهند مثالا آخر بالزعيم الكبير نيلسون مانديلا الذي قاوم سياسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وحقق الانتصار لها.

وشهدت إسطنبول أيضا، الأسبوع المنقضي، ليلة عاصفة أمام ميناء حيدر باشا، ودعا شباب الأتراك إلى التجمع في الميناء وطرد السفينة الصهيونية من كل الموانئ التركية.

حاولت قوات الأمن التركية منع الشباب من اعتلاء سطح السفينة، لكنهم وصلوا إليها واعتصموا فيها رغم احتجاز 16 شابا، وأُجبرت السفينة على مغادرة الميناء بعد ليلة طويلة من الاحتجاجات شهدها ميناء حيدر باشا.

وشهدت ملاعب أوروبية في باريس ومدن عدة أخرى تضامنا كبيرا مع المقاومة الفلسطينية، واصبحت لافتات مثل “فلسطين حرة” تمتلئ بها جنبات ملاعب كرة القدم، وشهدت الملاعب العربية صورا للشهيد القائد يحيى السنوار، وقادة المقاومة العربية الشهداء، والصورة المفضلة للمتحدث الرسمي لكتائب القسام أبو عبيدة.

استفزاز جماهير مكابي الصهيوني

كانت ليلة موقعة أمستردام عاصفة بالنسبة للأحداث في هولندا وفي الكيان الصهيوني، فبعد المباراة التي فاز فيها فريق أياكس الهولندي بخمسة أهداف نظيفة على فريق مكابي، تصاعد الغضب والاستفزاز من جمهور الفريق المهزوم، وقام أحدهم بمساعدة آخرين بتمزيق العلم الفلسطيني من على أحد الأبنية، وكان المنزل يعود إلى شاب مغربي، قام بنداء سريع للجالية المغربية إلى منزله الذي تعرَّض للاعتداء، وهنا بدأت ليلة صعبة على الصهاينة الذين استفزوا كل المتضامنين من الجاليات العربية والمسلمة، والمتضامنين من الهولنديين مع المقاومة والحق الفلسطيني.

جاء إلى مكان الحادثة عرب من المغرب والجزائر ومصر، وأتراك، وبعض المتضامنين الهولنديين، وطاردوا الجمهور الصهيوني في شوارع أمستردام، وقذفوه في الترع، وأحرقوا العَلَم الصهيوني، ولم يتركوا أيّا منهم إلا عندما يهتف “فلسطين حرة” و”الحرية لفلسطين”، وقد أصيب العشرات منهم، وبعضهم لم تستطع السلطات الصهيونية التواصل معهم. واستشاط نتنياهو والسلطات الصهيونية غضبا، وطالبوا السلطات الهولندية باتخاذ إجراءات ضد الشباب الغاضبين، وقام الصهاينة بإرسال طائرات لنقل مشجعي فريقهم من هولندا.

استفزاز مشجعي الفريق الصهيوني لا يختلف عن استفزاز دولة الاحتلال وقادتها في حربها ضد المدنيين في غزة والضفة الغربية، وفي بيروت وجنوبي لبنان، فكلما اشتدت عليهم المقاومة وكبدتهم خسائر كبيرة في المعدات والقتلى، وجَّه الجيش الصهيوني غضبه إلى المدنيين في المخيمات والأحياء في كل مكان، فهم لا يجيدون التعامل في ميادين الحرب.

كل ما يستطيعونه قصف المدنيين في مخيماتهم ومنازلهم، ومع تصاعد الغضب ضد نتنياهو في الداخل الإسرائيلي نتيجة لاستمراره في الحرب التي يعلن قادة المعارضة أنها بلا جدوى، وأن نتنياهو لن يحقق أي أهداف له فيها، وكذلك بعد إقالة وزير الدفاع الذي يرى كثيرون أنها إقالة خاطئة أثناء الحرب، وكذلك بعد تكشف كذب الروايات الصهيونية فيما يتعلق بأعداد القتلى والمصابين.

كل هذا يزيد من الأزمة داخل الكيان وتصاعد الأزمات النفسية بين المستوطنين، كل هذا يؤثر على السلوك العنصري للصهاينة، وقد لقن الشباب المغربي والمتضامنون من الجاليات في هولندا والهولنديين جمهور الصهاينة درسا قاسيا.

بدأت سلطات بعض الدول بالاستعداد لمثل هذه الحوادث التي ربما تقع بين جماهير فرقها والجمهور الصهيوني، خاصة أن هذا الفريق كان سيحل على إيطاليا الأسبوع المقبل، ثم على جمهور غالاطا سراي في تركيا بعدها، وطالبت الجماهير التركية بعدم استضافتهم، وطالبت السلطات بنقل المباراة إلى خارج الأراضي التركية.

رغم هذا فلا يُعرف ماذا سيفعل الجمهور التركي مع هؤلاء العنصريين المغتصبين للأراضي الفلسطينية، وأيضا فريق دولة الكيان نفسه سيحل على باريس للقاء المنتخب الفرنسي، وقد تبدأ فرنسا استعدادا كبيرا مع تصاعد الغضب ضد الصهاينة نتيجة لاستمرار الإبادة الجماعية والمجازر التي يرتكبها الجيش الصهيوني بحق الأطفال والنساء والمدنيين في حربه على غزة ولبنان.

سيستمر تصاعد الغضب ضد الكيان الصهيوني في كل مكان، وسيلقى الغضب تشجيعا من الجماهير الحرة المتضامنة مع فلسطين ولبنان، مع استمرار حرب فقدت كل أشكال الشرعية القانونية والإنسانية، ومع تصاعد حالة الهستيريا لدى نتنياهو الذي يحاول بكل ما يملك من أسلحة تدميرية عدم مواجهة مصيره في المحاكمة ونهاية حياته السياسية. وإنها لنهاية لهذا الكيان اللقيط المغتصب، ولن يصبح لمستوطنيه مكان يشعرون فيه بالأمان.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان