ترامب يدرك أن العالم يتغير.. لكن هل يتمكن من مواجهة الضربات؟!
فوز ترامب فتح شهية الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين؛ لتقديم التوقعات والتنبؤات، التي توضح حالة الخوف من القادم، خاصة في أوروبا التي يمكن أن تصبح الخاسر الأكبر؛ حيث يجب أن تدفع تكاليف مشاركتها في حلف شمال الأطلسي؛ فمن يريد الحماية الأمريكية عليه أن يدفع، فالمصلحة الأمريكية فوق الجميع، ولم يعد هناك مجال للمجاملات.
خارج التوقعات!!
في دراسة نشرها في مجلة الشؤون الخارجية (فورين أفيرز) يرى بيتر فيفر: أن ما يميز ترامب أن قراراته تكون خارج التوقعات، ولا يمكن التنبؤ بها.. لكن العالم أصبح الآن أكثر خطورة مما كان عليه خلال فترة رئاسته الأولى؛ حيث أصبحت الولايات المتحدة تواجه الكثير من التهديدات، فهل يستطيع ترامب حماية مصالح الولايات المتحدة في بيئة عالمية معقدة؟!
من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، لكن بدأ بعض الباحثين يعبرون عن مخاوفهم على مستقبل الولايات المتحدة نفسها، وعلى سبيل المثال يرى لاري ديموند -في دراسة نشرتها مجلة الشؤون الخارجية بعنوان: ديمقراطية بدون أمريكا- أن ترامب في فترته الثانية سيدفع الديمقراطية الأمريكية نحو اختبار صعب.
هل تصبح أمريكا دكتاتورية؟!
ويطرح لاري ديموند سؤالا جديدا يمكن أن يكون أكثر خطورة هو: هل ستظل الولايات المتحدة ليبرالية ديمقراطية أم أن مؤسساتها ستنهار بحيث يصعب إصلاحها؟!
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل بدأ سقوط الطغاة وانتصار إرادة الشعوب من دمشق!
الصمود لا يمنع السقوط.. “بشار” طويل القامة قصير النظر!
أين الله مما يحدث لسوريا؟ وجاء الجواب!!
للإجابة عن السؤال يستخدم لاري ديموند نتائج الاستطلاع الذي أجرته الأسوشيتدبرس قبل الانتخابات بأسبوع واحد، حيث ركز الناخبون المؤيدون لترامب على قضايا الاقتصاد والتضخم والهجرة، فهل فضل الناخبون الأمريكيون مصالحهم المادية على الديمقراطية؟
أوضح الاستطلاع أن أغلبية الناخبين الأمريكيين ترى أن ترامب سيدفع أمريكا نحو الشمولية، وأن أمريكا تسير في ذلك الاتجاه، لكن كامالا هاريس فشلت في تقديم سياسات تقدم حلولا لمشاكل الأمريكيين مثل ارتفاع الأسعار والبطالة، وهذا يعني أن هاريس لم تكن تمثل البديل الأفضل، وأن حملتها الانتخابية دفعت الناخبين إلى انتخاب ترامب؛ فقد كان خطابها ضعيفا، ولم تقدم حلولا لمعاناة الجمهور.
وإذا كان الباحثون قد بدؤوا التعبير عن خوفهم على الديمقراطية الأمريكية، وطرح تساؤلات حول مستقبلها؛ فإن هناك مؤشرات على أن قضية الديمقراطية في العالم كله تتعرض للخطر؛ إذ شكل فوز ترامب فرصة لليمين في أوروبا ودولة الاحتلال الإسرائيلي لفرض رؤيته، وإبعاد الليبراليين، وتقييد الحريات، كما أن ترامب يفضل التعامل مع النظم الدكتاتورية في دول الجنوب بهدف تحقيق المصالح الأمريكية.
الحقيقة الوحيدة: العالم يتغير!
يروي بوب وودوارد في كتابه “الحرب” تفاصيل مقابلة أجراها مع ترامب عام 1989، يمكن أن تسهم في زيادة فهمنا لشخصية ترامب الذي قال: إن العالم يتغير.. وهذا هو اليقين الوحيد؛ وأضاف: إن أي شخص يقول لك أين سيكون خلال عشر سنوات هو شخص غبي؛ فالعالم يتغير، وستكون هناك أزمات وفترات ركود وحروب وارتفاعات وانخفاضات، وهي أشياء خارج نطاق سيطرتك.
وقد روى ترامب قصة ملاكم رأى أن سر فوزه أنه لم يخطط، وإنما كان يواجه الضربات، ويتعامل معها، وترتيبا على ذلك قال ترامب: لذلك عليك أن تمضي مع الضربات، ومن السيئ أن تتنبأ بمكانك في المستقبل؛ فماذا يعني ذلك؟!
لا يؤمن بالتخطيط الاستراتيجي!
إن الولايات المتحدة هي الدولة التي تطورت الدراسات المستقبلية في جامعاتها، ومراكزها البحثية، التي تشكل أهم مصادر قوتها، والتي ترتبط بجهاز المخابرات ووزارة الدفاع والبيت الأبيض، وهذه الدراسات تشكل أساسا للتخطيط الاستراتيجي؛ فهل جاء رئيس للولايات المتحدة لا يؤمن بكل ذلك، ويرى أن التنبؤ بالمستقبل نوع من الغباء؟! ولماذا يسوق بوب وودوارد هذه القصة في هذا التوقيت؟!! هل يريد أن يقول إن ترامب مجرد ملاكم في حلبة يتلقى الضربات، ويعرف كيف يرد عليها، وإنه يرى أن ذلك هو طريق النجاح والفوز، وهو الأسلوب نفسه الذي يستخدمه الحكام الدكتاتوريون في دول الجنوب الفقيرة.
لكن ما الضربات التي يواجهها؟
ينقل بوب وودوارد في كتابه الحرب عن ترامب قوله: إن هذه الانتخابات هي الأهم في تاريخ بلدنا؛ فالحرب الآن مستعرة في أوروبا والشرق الأوسط، والصراع يتزايد في تايوان وكوريا والفلبين وكل آسيا، وكوكبنا على حافة الحرب العالمية الثالثة!
ترتيبا على ذلك يقول بوب وودوارد: إن ترامب ليس فقط الرجل الخطأ لمنصب الرئاسة، بل هو غير مؤهل لقيادة البلاد؛ فهو أسوأ بكثير من ريتشارد نيكسون الذي ثبتت جرائمه، فترامب هو الأكثر تهورا واندفاعا في تاريخ الولايات المتحدة.
احتمالات الحرب الإقليمية!
هل يمكن أن نتوقع ما يمكن أن يحدث بعد فوز ترامب الذي تعتبر تصرفاته خارج نطاق التوقعات والدراسات المستقبلية؟ يرى ديفيد هيرست أن احتمالات الحرب الإقليمية أصبحت أكبر بعد فوز ترامب؛ فبن غفير يحتفل بهذا الفوز الذي يرى أنه فرصة لتحقيق النصر الكامل الذي يتمثل في نظره في التطهير العرقي للفلسطينيين، بطردهم من الضفة الغربية وغزة.
لكن ديفيد هيرست يرى أنه مهما فعل ترامب، فإن المقاومة الفلسطينية أثبتت أن إدارة الصراع ليست بيده، وليست في يد اليمين الإسرائيلي الذي يحتفل بفوزه، بل تقع في أيدي الشعب الفلسطيني الذي أصبح الخيار أمامه: إما أن لا تفعل شيئا وتموت، أو تقاوم فتموت، وهناك الملايين في العالم العربي اختارت البديل الثاني.
في ضوء ذلك كيف سيواجه ترامب الضربات؟ وهل سيستمر في تجاهل العلماء والباحثين والصحفيين كما يفعل حكام الدول الدكتاتورية في الجنوب الفقير؟!!