المستوطنون.. خنجر في قلب فلسطين

في خدمة المستوطنين بمدينة الخليل (الفرنسية)

تتزايد شراسة الاستيطان، ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط، قام المستوطنون بـ1490 اعتداءً في الضفة الغربية.

أعلنت هذا الرقم هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.

كما اقتحم مستوطنون الجدار الأمني الفاصل مع غزة لإقامة مستوطنة وأبعدهم الاحتلال بالقوة، وقامت حركة “نحالا” الاستيطانية بتسجيل 700 عائلة تريد بناء 6 مستوطنات في غزة خلال عام رغم الحرب الحالية.

الاستيطان هو إقامة غريب “ودخيل” على موطن لا يخصه، مهجورًا كان أو به أشخاص آخرون.

طالبت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك بفرض السيادة والحقوق القومية للشعب اليهودي على الضفة الغربية، ورفضت مغادرة إسرائيل غزة، وقالت: لا يوجد شعب فلسطيني.

هيمنة وجرائم

يشجع الاحتلال الاستيطان لاستخدامه خط دفاع ضد أي هجوم “محتمل” من الفلسطينيين، ويقوم بتسليحهم لزيادة الهيمنة اليهودية.

تتراوح “جرائم” المستوطنين بين القتل وحرق البيوت والسيارات، واقتلاع الأشجار وحرق أشجار الزيتون وقت الحصاد، ومنع المزارعين من جمع الثمار، وتجريف الأراضي الزراعية، وإبعاد أصحابها عنها، وحرمانهم من مصادر المياه للزراعة وللحياة ومن وسائلهم “المشروعة” لتأمين الرزق، وإجبارهم على العيش في أماكن ضيقة ومزدحمة أو الهجرة، وحصار منازل للتضييق على سكانها، وتسميم الأغنام و”الاستيلاء” على منازل فلسطينيين والعيش بها عنوة تحت “حماية” جيش الاحتلال، والهجوم على منازل وحرقها ونهب ممتلكاتها مع الهتاف: الموت للعرب، ومهاجمة رعاة الأغنام وهدم مساكنهم وخيامهم لتوسيع الاستيطان، ومضاعفة صعوبة الحياة على الفلسطينيين ليغادروا فلسطين.

وإفشال محاولاتهم لاستراداد أرضهم وبيوتهم بالقوة، وتقديم أنواع الدعم المادي واللوجستي للمستوطنين الذين يشكلون مصدرًا “رئيسيًّا” لاستمرار الاحتلال “وتوطينه”، ودفع الفلسطينيين إلى اليأس إذا لجؤوا للقضاء، فغالبًا يحكم بالبراءة للمستوطن المعتدي، ونادرًا جدًّا ما يحكم بعقوبات “رمزية” للغاية.

رأينا “فيديو” لأسرة فلسطينية تخاطب مستوطنًا، قائلين: هذا بيتنا الذي سرقته وتقيم به، فيرد عليهم بوقاحة فجة: إن لم أفعل؛ “فسيسرقه” غيري!!

أغنية للحرق!!

في يونيو/حزيران 2021، حرق المستوطنون حيًّا تاريخيًّا قرب الحرم الإبراهيمي لتهويده ومحو هويته. وفي مارس/آذار 2023، احتفلوا بحرق بلدة “حوارة” في الضفة الغربية، وغنوا أغنية تقول كلماتها: نور وفرح وسعادة، إنهم يحرقون شاحناتهم وطرقاتهم وسيارتهم وسيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء، وإجلاء نساء ومسنات، فلن تتعرف على حوارة أبدًا.

وفي عام 2023، تجاوز عدد المستوطنات عام 2022، وزاد بنسبة 180% على السنوات الخمس السابقة في القدس والضفة الغربية الذي شهد أعلى نسبة استيطان وأكبر رقم منذ توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وأصبحت إدارة الاستيطان تتبع وزارة الدفاع، وتحت سلطة وزير المالية سموتريتش، ليسهل ضم الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى مستوطنات، وتضاعف عنف المستوطنين ضد “أصحاب الأرض” وزاد تهجير الفلسطينن من منازلهم، وسجل عام 2023 أعلى نسبة عنف منذ عام 2006، وبدأت الأمم المتحدة “تهتم” بتسجيل عنف المستوطنين!! وازداد بعد السابع من أكتوبر.

كلاب وخمر

تنغص المستوطنات الصهيونية حياة الفلسطينيين وتُضاعف صعوبات حياتهم اليومية؛ حيث تكثر “نقاط التفتيش” المفروضة عليهم رجالًا ونساءً وأطفالًا ومُسنين قبل التنقل داخل الضفة الغربية والقدس، وتمنعهم من “الاقتراب” من الأراضي الزراعية بالقرب من المستوطنات. وقد أقامت إسرائيل أكثر من 200 مستوطنة في الضفة منذ عام 1967 حتى عام 2017.

يتعرض فلسطينيو الضفة والقدس “يوميًّا” لعنف المستوطنين الذي يختلف نوعه وحدته، ويلقى دعمًا “غير مشروط” من شرطة إسرائيل وجيشها مهما بدت غرابته، مثل مستوطن يطلق النار على أطفال يذهبون إلى مدارسهم!! وآخر أصر على مهاجمة أطفال المدارس بكلاب متوحشة، فأجبرت الشرطة “الأطفال” على السير في طريق آخر يبعد عن منازلهم!! ومستوطنين يشربون الخمر ويرقصون في المسجد الأقصى في تحدٍّ لمشاعر الفلسطينيين!

اللص يعترف

تختلف “حيل” إسرائيل لإنشاء المستوطنات، فأحيانًا تصدر أوامر عسكرية، ومرات تعلن مناطق بأنها أراضي دولة، أو محمية طبيعية أو مخصَّصة لإطلاق النار، ثم تصادرها و”تمنحها” لمستوطنين ليعيشوا فيها بعد “طرد” سكانها.

كما قام المستوطنون بمساعدة سلطة الاحتلال بـ”مواصلة” العنف ومهاجمة بيوت فلسطينيين ليتمكنوا من الاستيلاء عليها وسرقة ممتلكاتهم، وتقوم السلطة بحمايتهم ومنحهم “الأمان” والشرعية والحق في استعمال كل أنواع العنف ضد الفلسطييين، فمنذ قيام الكيان عمد إلى تشريد الكثير من الفلسطينيين وبناء مستوطنات واستغلال الأراضي الزراعية والمياه والمعادن لصالح المستوطنات.

تمزيق و”تدفيع الثمن”

تم بناء الجدار العازل بطول 713 كيلومترًا، 85% منه داخل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، لـ”تمزيقها” وزيادة صعوبة التواصل بينها، وإضعاف الاقتصاد الفلسطيني.

يحلو للبعض “اختزال” عنف المستوطنين في جماعة “تدفيع الثمن” المتشددة، رغم أن كل المستوطنين والصهاينة جميعًا “يتنفسون” كراهية الفلسطينيين، ويُرضعونها أطفالهم الذين تتسع ابتساماتهم وهم يؤدون الأغاني التي تدعو لقتل الفلسطينيين، ويكتبون على الصواريخ المتجهة إلى لبنان: من أطفال إسرائيل لقتل أطفال لبنان، وكتابات “تطفح” بالكراهية.

أثبتت دراسات إسرائيلية أن جماعة تدفيع الثمن جزء “أصيل” من العقيدة الاستيطانية الإسرائيلية و”تنفرد” فقط عن بقية المستوطنين بكتابة عبارة “تدفيع الثمن” بعد جرائمها، وبجوار الكتابات العنصرية التي “يجيدها” المستوطنون والإعلام العبري.

ومنهم مذيع في القناة 12 الإسرائيلية وصحفي وصاحب عبارة “كل كلب بييجي يومه”، الذي رافق جيش الاحتلال في جولة على الحدود مع لبنان حيث “تباهى” بمشاركته في تفجير مبني بقرية لبنانية!!

تقدّم إسرائيل إغراءات لزيادة المستوطنين من راغبي الهجرة إليها، فتقدّم لهم الإسكان “الأرخص” وحوافز مالية، فضلًا عن التحفيز الأيديولوجي بالطبع.

ويعتقد المستوطنون أن الضفة الغربية وغزة ملك لهم، ويطالبون بضمهما إلى إسرائيل.

لا تقل بعد الآن: مستوطنة ومستوطنون، وقل: مغتصَبة ومغتصِبون. ولا تفعل مثل “ضيف” قال على قناة العربية إن (حماس) يجب أن تغيّر اسمها؛ لأنه “أصبح مرتبطًا بالارهاب”!!

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان