نتنياهو وحزب الله.. والرهان على ترامب
مع إعلان فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب على مُنافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كاملا هاريس، برئاسة الولايات المتحدة لأربع سنوات قادمة (تبدأ يوم 20 يناير المقبل) أطل الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بخطاب تلفزيوني مُسجل، حدد فيه ملامح المرحلة المُقبلة، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الهمجي، على لبنان، المستمر منذ 50 يوما تقريبا. فيما أعرب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، عن ابتهاجه بعودة ترامب رئيسا لأمريكا.. على خلفية العلاقة الجيدة بينهما. مؤملا في أن يكون سندا له في حرب الإبادة التي يشنها على غزة، ولبنان. متناسيا أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، أغدق على إسرائيل دعما شاملا غير مسبوقٍ، اقتصاديا، وعسكريا، وسياسيا، ومعنويا.
الشيخ نعيم قاسم.. والميدان
وسائل الإعلام العربية، والعبرية، على السواء، ازدحمت بالتحليلات السياسية، ترقبًا، واستشرافا، لكيفية تعاطي ترامب، مع “الحرب الإسرائيلية على غزة، ولبنان”، وما إذا كان عازما على وقفها، أم العكس. إلا أن الشيخ نعيم قاسم، في خطابه أمس.. لم يذهب بعيدا عن المنطق، والحكمة، عندما قلل من أهمية نتائج الانتخابات الأمريكية، بالنسبة للمقاومة اللبنانية (حزب الله).. رافضا الرهان والتعويل على ترامب، لوقف العدوان الإسرائيلي على بلاده. فالرجل، يصف أمريكا بالشيطان الأكبر، ويعول على الميدان، و”صواريخ، ومُسيرات” المقاومة التي توعد بأنها ستصل، وتطال كل مكان في إسرائيل، بحيث لن يكون فيها مكان آمن. وشدد على أن الخيار الحصري للمقاومة هو منع الاحتلال من تحقيق أهدافه.
ترامب.. وتوسيع مساحة إسرائيل
عمليا، ليس هناك فارق جوهري بين ترامب، وبايدن، فكلاهما يلتزم بأمن الكيان الصهيوني، باعتبار هذا الالتزام سياسة أمريكية ثابتة لا تتغير (حتى الآن). بايدن، وفر الغطاء السياسي، والحماية من المحاسبة لإسرائيل، (وقادتها)، على جرائم التجويع، والتدمير، والمجازر الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة على مدار 400 يوم. مع الخداع والتضليل، بـ “مساعي كاذبة”، لوقف إطلاق النار، وإبرام صفقة لتبادل الأسرى. أما ترامب، فيتميز بالوضوح والصراحة.. بل والوقاحة أحيانا، فهو يري “مساحة إسرائيل”، صغيرة، تحتاج إلى “توسع”.. مفهوم أن هذا التوسع، لن يكون إلا على حساب الأراضي العربية في فلسطين المحتلة، وربما الأردن، وغيرهما. ترامب تعهد بإنهاء الحروب القائمة، بكلام عام دون تفصيل.. الأمر الذي يصعُب معه، توقع مساره وسلوكه العملي عند توليه مقاليد الرئاسة بعد نحو شهرين.
على مقاس المصالح الإسرائيلية
للتذكير، فإن “نتنياهو”، أعلن الحرب على لبنان، قبل 45 يوما.. بعد تصفية العديد من قيادات المقاومة، والأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله. وصرح بأن الهدف، هو إعادة سكان الشمال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى مستوطناتهم، التي نزحوا منها تحت ضغط حرب الإسناد لغزة التي انخرط فيها حزب الله منذ يوم 8 أكتوبر من العام الماضي (اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى). وسرعان ما توسع نتنياهو، في لائحة الأهداف، بنزع سلاح حزب الله، ودفعه لما وراء نهر الليطاني شمالا، واستباحة لبنان، برا، وبحرا، وجوا في أي وقت دون قيود.. وتغيير منطقة الشرق الأوسط، وإعادة تشكيلها، على مقاس المصالح الإسرائيلية.
مأزق التورط في جنوب لبنان
لتحقيق هذه الأهداف، شرع جيش الاحتلال طوال أكثر من شهر مضى، في اجتياح الجنوب اللبناني بريا دون جدوى، فلم يفلح في احتلال قرية واحدة. بل، وخسر أكثر من ألف جندي وضابط ما بين قتيل وجريح، و45 دبابة ميركافا جرى تدميرها.. حسبما، أعلن الشيخ قاسم في خطابه، لافتا إلى إنكار الاحتلال لحقيقة خسائره. على صلة بهذه الخسائر، في المعارك البرية.. تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قبل أسبوع، بأن الحرب على لبنان حققت أهدافها، بتصفية قيادات حزب الله، وتدمير 80% من قدراته الصاروخية. غالانت، يعلم جيدا، أنه يكذب.. لكنه يشعر بمأزق التورط في جنوب لبنان، فالمقاومة ألحقت بجيش الاحتلال، الهزيمة عامي 2000، و2006، وأرغمته على الانسحاب مدحورا. كما أن غالانت، مُدرك لمخاطر “الاستنزاف” في الجنود والعتاد، الذي يعاني منه جيش الاحتلال (في غزة، والجنوب).. بما يُدمر معنويات أفراده. لذا، سعى إلى إنهاء الحرب، وسبق له الاعتراف علنا، بأنه لا يمكن استعادة الأسرى لدى حماس، دون صفقة. لينتهي الأمر بقرار نتنياهو، إقالة غالانت، قبل يومين. عزل وزير الجيش (مثل غالانت)، أثناء الحرب، نادرا ما يحدث في أي مكان في العالم.. لأنه يعني، فشل الوزير في الحرب. علينا تذكر، أن كليهما (نتنياهو، وغالانت)، مجرما حرب.. تشاركا في قتل الأطفال والنساء وارتكاب المجازر، والمحارق في قطاع غزة، ولبنان.
استهداف مطار بن غوريون.. وحرائق مستوطنات الشمال
عودة لحزب الله، فقد ترافق مع بث خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، تكثيف الضربات (140 صاروخا حسبما أعلن جيش الاحتلال)، على الكثير من المناطق، في الأراضي المحتلة، طوال يوم أمس (الأربعاء)، فاندفع أكثر من مليون إسرائيلي إلى الاحتماء بالملاجئ. واستهدف الحزب بصواريخ ذكية “قاعدة تسرفين” المخصصة للتدريب العسكري، بالقرب من مطار بن غوريون جنوب تل أبيب.. بما أسفر عن توقف حركة الطيران بالمطار، لبعض الوقت. محللون عسكريون، لفتوا إلى أن هذه الضربة تحمل رسالة بأن استهداف “المطار”، ممكن.. لكن الجيش الإسرائيلي، قال إن صاروخا طال المطار بالفعل. كما اشتعلت حرائق هائلة في بعض مستوطنات الشمال الإسرائيلي، نتيجة القصف بقذائف الحزب.
“المقاومة”، ورغم افتقادها لدعم رسمي عربي، أو إسلامي (فعلي)، باستثناء إيران. فإن عزائم مقاتليها، وسواعدهم في الميدان.. هي الكفيلة بردع العدوان الإسرائيلي ولجمه. من هنا، وكما أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، فالمقاومة لا تستجدي وقف العدوان.. بل تفرضه على العدو.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsلماذا كان السقوط سريعا؟
دون حكم ديمقراطي رشيد.. أوطاننا في خطر
الاقتصاد السوري.. عجز تجاري سلعي وخدمي مزمن
المجد للمقاومة.