هل يطبق نتنياهو “بروتوكول هانيبال” للاستمرار في الحرب؟
يعدّ “قانون هانيبال” من أبرز القوانين المثيرة للجدل التي تطبقها إسرائيل فيما يتعلق بأسراها لدى حركة حماس، وهو قانون هدفه ضمان عدم ترك أي جندي إسرائيلي أسيرا حال وقوعه في أسر العدو، حتى لو قُتل أثناء محاولة فكّ سراحه!
و”بروتوكول هانيبال” مصطلح يستخدَم للإشارة إلى استراتيجية عسكرية إسرائيلية تُطبق في حالات الخطف، أو أسر الجنود، وقد تم تبني هذا البروتوكول بشكل غير رسمي في الجيش الإسرائيلي في السبعينيات من القرن الماضي، لا سيما بعد حادثة اختطاف الجنود من قِبل حركات المقاومة.
إسرائيل واستخدام القوة المفرطة
والهدف الأساسي لهذا البروتوكول هو محاولة منع الخاطفين من نقل الجنود المختطفين إلى مواقع آمنة عبر استخدام القوة العسكرية بأي ثمن، ويتضمن اتخاذ تدابير متطرفة، مثل شنّ هجمات، أو إطلاق نيران مكثفة على الخاطفين، أو المنطقة المحيطة بهم، حتى وإن كان ذلك قد يهدد حياة الجندي المخطوف.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل بدأ سقوط الطغاة وانتصار إرادة الشعوب من دمشق!
الصمود لا يمنع السقوط.. “بشار” طويل القامة قصير النظر!
أين الله مما يحدث لسوريا؟ وجاء الجواب!!
بمعنًى آخر، يضع البروتوكول أولوية للحيلولة دون نجاح عملية الخطف، حتى وإن كان ذلك يعني قتل الجندي المختطَف أثناء محاولة تحريره، أو مهاجمة الخاطفين، وفق القاعدة الإسرائيلية “جندي قتيل خير من جندي أسير”.
وقد تعرّض “بروتوكول هانيبال” لانتقادات شديدة من قِبل العديد من منظمات حقوق الإنسان، وبعض السياسيين في إسرائيل.
ويعتبِر العديد أن هذا البروتوكول ينتهك حقوق الإنسان؛ حيث يُحتمل أن يؤدي إلى قتل الجنود المختطفين أثناء محاولات إنقاذهم، وكذلك قد يسبب إصابات أو خسائر في صفوف المدنيين في المناطق المحيطة.
وقد استُخدم بروتوكول هانيبال في عدة حالات؛ ولكن لم يكن يتم الإعلان عنه بشكل علني، وكان يُعتبر بمثابة سياسة سرية للجيش الإسرائيلي في حالات معينة.
وهذا القانون (الذي استُخدم بشكل موسع خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة) يسمح للجيش الإسرائيلي باستخدام الوسائل الممكنة كافة -بما في ذلك القصف المكثف- بهدف منع حماس من احتجاز الجنود الأسرى، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل الأسير.
تسريبات نتنياهو
وفي الآونة الأخيرة، تزايد الجدل حول “بروتوكول هانيبال” بعد تسريبات لحديث جرى في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كشفت فيه عن موقفه من موضوع الأسرى، وهذه التسريبات التي سُربت عبر وسائل الإعلام تُظهر أن نتنياهو أبدى في حديثه عدم اهتمامه الحقيقي بعودة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس؛ بل كان يعتبر أن استمرار الحرب مع الفلسطينيين هو الهدف الأسمى الذي يجب أن يسعى لتحقيقه، مهما كانت التضحيات.
هذا الموقف أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية والدولية، حيث اعتُبر بمثابة كشف عن رؤية استراتيجية مغايرة للقبول بمبدأ السلام، أو التفاوض من أجل إنهاء الصراع.
تتجلّى فضيحة التسريبات في سياق تفاعل رئيس الوزراء مع مطالبات الأسرى وعائلاتهم، فقد ظهرت في التسجيلات محادثات بين نتنياهو ومستشارين له؛ حيث تحدّث عن عدم أهمية العودة السريعة للأسرى، بل عبّر عن أن الحرب المستمرة توفر لإسرائيل مساحة للتفاوض، وربما تجني من ورائها مكاسب أمنية واستراتيجية أوسع.
ومن ضمن التسريبات ما تمثل في مهام مكتب رئيس الوزراء نتنياهو بإقناع الجمهور الإسرائيلي بعدم وجود فرصة لإبرام صفقة تبادل أسرى، وتضمنت التسريبات أيضا تقديرات بتراجع عدد الأسرى الأحياء في غزة إلى 51 مجندا فقط.
بل جاء كذلك في تلك التسريبات أن حركة المقاومة (حماس) سوف تنقل الأسرى ومعهم يحيى السنوار إلى داخل الحدود المصرية عبر الأنفاق، وهو ما ثبت كذبه، حيث استشهد السنوار وهو يقاتل إلى آخر لحظة، ولم يكن معه أي أسرى إسرائيليين كما كانوا يروّجون أنه محمي بهم، ويتخذهم دروعا بشرية.
تلك التسريبات تضع علامات استفهام حول المدى الذي قد تصل إليه الحكومة الإسرائيلية في تعاطيها مع قضية الأسرى، وتؤكد أن أولويات الحرب قد تطغَى على مشاعر العائلات المنتظرة لعودة أبنائها.
حيث يوجد خلاف داخل إسرائيل بين السلطة العسكرية التي ترى ضرورة عقد صفقة تبادل أسرى، والسلطة السياسية ممثلة في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرى ضرورة استمرار الحرب رغم تظاهرات أهالي الأسرى يوميا وهم يطالبون بعقد صفقة.
موقف أهالي الأسرى الإسرائيليين
أما موقف أهالي الأسرى الإسرائيليين من هذه التسريبات فكان محطّ نقاش واسع في إسرائيل؛ حيث أعرب العديد منهم عن استيائهم الشديد من تصريحات نتنياهو.
واعتبرت بعض العائلات التي تأمل العودة السريعة لذويها المحتجزين، أن الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع قضيتهم كقضية أمنية بحتة، دون الاهتمام بالجانب الإنساني للموضوع.
وعلى الرغم من ذلك، هناك مَن يرى أن الموقف الإسرائيلي العام يتبنَّى فكرة أن عودة الأسرى يجب أن تكون جزءًا من صفقة كبيرة تشمل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، تظهر التسريبات كاشفة للتوجهات التي تحكم السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الصراع الفلسطيني، فبدلا من أن تكون العودة السريعة للأسرى أولوية إنسانية، نجد أن الحكومة الإسرائيلية تفضّل إبقاء الأزمة مفتوحة؛ بحيث تظل ورقة ضغط في يدها في إطار الصراع المستمر.
وفي خضم هذه الفضيحة، يظل السؤال الأهم: هل ستتمكّن إسرائيل من تجاوز هذه الأزمات الداخلية، أم أن موقفها سيستمر في تأجيج مشاعر الغضب والإحباط لدى العائلات؛ مما سيؤثر في استقرارها السياسي الداخلي؟
وهذا الموقف يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تسعى بالفعل إلى تحقيق السلام في المنطقة، أم أن الهدف النهائي هو إدارة صراع طويل الأمد على حساب حقوق الأسرى، وحياة المدنيين من أهلنا في فلسطين.