إسرائيل.. هل أصبحت دولة منبوذة؟
طلبت أستراليا من السياح الإسرائيليين تقديم ما يتعلق بخدمتهم العسكرية وطالبتهم بالإجابة عن أسئلة عن ارتكابهم جرائم حرب، ونشرت “هيئة البث الإسرائيلية” امتناع سياح إسرائيليين عن زيارة أستراليا “خوفًا” من المساءلة عن دورهم في جرائم حرب.
وتكرر تعرض إسرائيليين “لأول مرة” منذ نشأة إسرائيل لمضايقات في بعض الدول ومنها هولندا وكوستاريكا وفيتنام وغيرها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsهل غادر لبنان محور المقاومة بشكل كامل؟
الكلمة والسيف
لا إعمار أو مقاومة.. الهدنة تقترب في غزة والسلام يبتعد!
أنفقت إسرائيل مليارات “لتحسين” صورتها في العالم منذ نشأة الكيان في 1948، وقدمت نفسها بأنها الدولة الديمقراطية والمتحضرة والمتقدمة “الوحيدة” في الشرق الأوسط، وتعيش وسط “وحوش” يريدون القضاء عليها وعلى العالم “الحر” مناصرتها.
منبوذة دوليًّا
ندد ياريف أوبنهايمر الرئيس السابق لحركة “السلام الآن” الإسرائيلية بالفيديوهات التي ينشرها جنود إسرائيليون يتباهون فيها بجرائمهم في غزة، وأكد “قلقه” من تحول إسرائيل إلى دولة “منبوذة”؛ فالعالم يراها وستعزز معاداة السامية عالميًّا.
وقالت فرانشيسكا ألبانيزي مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين: ستصبح إسرائيل منبوذة بسبب هجومها المستمر بلا هوادة على الأمم المتحدة وفلسطين.
والمنبوذ هو الذي يتعرض للاحتقار وللرفض وللاستبعاد؛ ليعاني العزلة لاحقا، والدولة المنبوذة قد تتعرض لعزلة دولية أو عقوبات من هيئات أو دول ترفض تصرفاتها.
طالما تباهت إسرائيل بتقدمها التكنولوجي وإذا بها بعد حرب إبادة غزة تتعرض “للنبذ” تكنولوجيًّا.
وحذر ديفيد روزنبرج الخبير الاقتصادي في هآرتس من خطورة عدم ترحيب عالمي بالعلماء الإسرائيليين؛ إذ ترفض المجلات العلمية نشر أبحاثهم العلمية، ولا يُرحَّب بهم في المؤتمرات، وتُحظَر عليهم المنح والزمالات.
وقال: إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة ومكروهة وسيضر ذلك صناعة التكنولوجيا ويؤدي إلى صعوبة جمع الأموال لتزايد الانتقادات لها.
وتعرض كتاب إسرائيليون لمنع نشر مقالات لهم عن حرب غزة في مجلات غربية، وتم إلغاء عروض ومعارض لفنانين إسرائيليين.
مارقة وإجرامية
كتب ديفيد هيرست الكاتب البريطاني: إسرائيل اليوم أبشع البشعين، وهي منبوذة أكثر من غيرها في العالم، وقد خسرت الرأي العام في الغرب وتآكل الإجماع اليهودي والقلق لدى داعميها، كل هذا يشير إلى هزيمة استراتيجية لإسرائيل.
وقال ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق لاري جونسون: إسرائيل أكثر دولة ممارسة للإرهاب عالميًّا، وأصبحت أكثر عزلة، وأقل احتراما، وجعلت نفسها منبوذة، كان يجب ألا يحدث ذلك بغض النظر عن تفسير هجمات حماس في 7 أكتوبر.
كتب توماس فريدمان في نيويورك تايمز: هناك تحول في نظرة اليهود الأمريكيين إلى إسرائيل؛ فصورتها في العالم هي دولة منبوذة، والشباب اليهودي لا يؤيدونها خلافًا ليهود الداخل.
ويؤكد كلام فريدمان تصريح الحاخام الأكبر السابق لليهود في النمسا موشيه فريدمان بأن إسرائيل دولة مارقة ومنبوذة وإجرامية.
وقال كريس نينهام نائب رئيس تحالف “أوقفوا الحرب” في بريطانيا: عالميًّا تقف إسرائيل معزولة وأصبحت دولة منبوذة بسبب حرب غزة.
تدمير الشرعية
تكرر خروج جماعي لعدد من الدول في الأمم المتحدة عند إلقاء مندوب إسرائيل لكلمته في مناسبات، وهو ما لم يحدث من قبل إلا من “بعض” الدول العربية فقط.
وأيدت دول قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت، وأكد الكاتب البريطاني جوناثان فريدلاند في “الغارديان” أن هذا القرار سيكون له تأثير كبير، وسيدعم دعوات فرض حظر أسلحة على إسرائيل، وفتح تحقيقات ضد شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية “ويُسرع” من اعتبارها “دولة منبوذة”، ونتنياهو يسير نحو تدمير شرعية إسرائيل الدولية.
وأعلنت بعض الدول الالتزام بقرارات الجنائية الدولية ومنها كندا وبريطانيا، وهدد رئيس كولومبيا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا “وقعا” تحت يديه.
نتنياهو المقامر
يُقال إن ما قبل الحرب ليس كما بعدها، وهو ما فات على نتنياهو الذي تصفه الصحف العبرية بالمقامر، ولا شك أنه لم يكن يفكر في أن إسرائيل ستصبح “بفضله” دولة منبوذة.
من أسباب تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة؛ انضمام عدد مهم من مشاهير الممثلين في أمريكا وبريطانيا، وبعض الكتاب والمطربين ونجوم الرياضة، وناشطين سياسيين بارزين، وبعض مشاهير التيك توك من الشباب من مختلف دول العالم، إلى تأييد غزة.
وذلك رغم خطورة هذا الموقف عليهم “لنفوذ” اللوبي اليهودي في أمريكا والغرب، ومنهم من طالب بمقاطعة إسرائيل، ولهؤلاء تأثير في متابعيهم وهم بالملايين في أنحاء العالم. وكذلك كثرة المظاهرات ضدها في الجامعات بالعالم.
ودومًا أهم التحذيرات تأتي من الداخل، خاصة التي تُقال “علنًا”، وممن تولوا المسؤولية سابقًا في الأماكن الحيوية.
قال ياروم آرياف الرئيس السابق لشعبة الميزانيات في جيش إسرائيل: لقد تحولنا من دولة نموذجية إلى دولة مصابة بالجذام وقذرة ومنبوذة وفاحشة وخطيرة.
وأكد يهودا شاروني المراسل الاقتصادي لموقع “والا” العبري أن إسرائيل أصبحت منبوذة في الاقتصاد الدولي، ولم تعد جاذبة للمستثمرين.
وقد بدأ انسحاب الاستثمارات الأجنبية، ولكن الخطر الأكبر هو في العقوبات التي تصدرها الحكومات، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وتتسع عزلة إسرائيل فتشمل القيود على التجارة معها، وتصل إلى الأوساط الأكاديمية، وتمتد إلى العلاقات الدبلوماسية.
رفض وكراهية
تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة لن يقضي عليها عسكريًّا، ولن يقلل من “طموحاتها” التوسعية المعلنة وغير المعلنة؛ ولكنه بلا شك سيضرها اقتصاديًّا وسيزيد من الهجرة منها ويقلل الهجرة إليها، وقد بدأت تشكو من هجرة “الأدمغة” المتميزة منها، ومغادرة رؤوس الأموال، وتبرؤ السفن في البحر الأحمر منها.
وسيقل تأثير دفاع الإعلام الغربي والأمريكي عن وحشيتها، وسيكبر الرفض الشعبي في أمريكا والغرب لدعم إسرائيل ماديًّا وعسكريًّا من أموال دافعي الضرائب هناك.
وسيزداد الضغط على تصدير الأسلحة إليها ولو بعد حين، “وتتآكل” تدريجيا قدراتها على النمو، وتتراجع معنويات جيشها وتضعف تكنولوجيًّا.
وكل ذلك سيقلل من فرص “بقائها” وسط محيط شعبي عربي يرفضها ويتوارث كراهيتها جيلًا بعد جيل، وتساعدهم إسرائيل بتنامي عدوانها واستباحتها لغزة والضفة واقتحاماتها المتكررة للقدس وتهويدها ما استطاعت وتهديدها الدائم لدول المنطقة.