نهاية… وبداية

نزيف الإجرام الإسرائيلي في غزة لا يتوقف (الأناضول)

(1) المقاومة مستمرة ما دام الاحتلال قائما

يبدو أن حكومة نتنياهو أسكرها الانتصار الكاسح على محور المقاومة في غزة ولبنان، وهي تهدد الحوثيين بضربة قاضية وتفكر في ضرب إيران على اعتبار أنها الداعم والمحرك لمحور المقاومة.

الصورة قاتمة، محور المقاومة خارت قواه نتيجة القوة الغاشمة التي يمتلكها جيش الاحتلال والتي دمر بها غزة وبلدات في لبنان وقتل آلاف الشهداء وأصاب أضعافهم، وأمريكا شريك كامل فهي تمده بالسلاح والذخيرة والمعلومات الاستخبارية والدعم اللوجيستي والدبلوماسي.

إيران تقف في مفترق طرق بعد أن أصبح الطريق إلى طهران مكشوفا، المليشيات المسلحة العربية التي كانت بمثابة درع يحمي أمنها القومي ضعفت قواها ودُمّر جزء كبير من قوتها، والنظام السوري الحليف سقط وفقدت طهران ما ظلت لعقود تعمل عليه، لتعود إلى حدودها الطبيعية، عام 2024 كان عاما صعبا للجمهورية الإسلامية والأصعب سيكون القادم وماذا ستفعل لتتجاوز هذه الخسائر وتسترجع صورتها بوصفها قوة إقليمية فاعلة.

في غزة الأمر مأساوي ومحزن، الصور التي تنقلها الكاميرات عن الخراب في غزة وجثث الشهداء الملقاة في الشوارع التي تنهشها الكلاب الضالة مؤلمة جدا، يشاهدها المجتمع الدولي العاجز عن وقف وحشية إسرائيل التي يقودها شيطان الانتقام والطمع الذي استولى على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي تركت لها أمريكا الحبل على الغارب دون حسيب أو رقيب.

كل يوم يستشهد عدد من الفلسطينيين في غزة وتهدم منازل على رؤوس ساكنيها، رغم القرارات الأممية المتعددة والخاصة بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، لكن لا حياة لمن تنادي، إسرائيل عازمة على القضاء على حماس وتركيع غزة والاستيطان في الضفة الغربية والتوغل في سوريا لمساحات غير محددة، وبالتأكيد فإنها ستحتفظ بوجود عسكري في الجنوب اللبناني. تبدو الصورة مع نهاية 2024 انتصارا كاسحا لإسرائيل وخسارة فادحة لمحور المقاومة وشعورا بالقهر يستوطن قلب كل عربي، لو تخيلت للحظة أن العالم سينتهي اليوم فستكون فاجعة كبرى، الحق خسر رجاله ومعركته، والباطل ساد وجنوده يزدادون قوة وبطشا، لكن الحياة ستستمر، أيام قليلة ويبدأ العام الجديد، يحمل في طياته أحداثا قد تغير الأمور كلها، مثلما حدث لليهود في زمن هتلر، حين كانوا يعيشون كابوسا مرعبا ويخشون أن يعتقلوا ليموتوا في أفران الغاز، لم يكن أحد يتوقع حينها أن يزول الحكم النازي ويخسر هتلر الحرب التي راح ضحيتها الملايين وينتحر هربا من العقاب.

إذا تم القضاء اليوم على حماس حتى آخر مقاتل منتسب إليها، فإن مقاومة المحتل الصهيوني ستظل هدف كل فلسطيني يحلم بوطن يعيش فيه بكرامة وحرية وأمان، وإذا بقي طفل فلسطيني واحد فسيكفي لاستمرار شعلة المقاومة مضاءة وما تفعله إسرائيل فعله قبلها وأكثر هتلر، وكانت النهاية: ذهب هتلر وبقي الشعب اليهودي لكن للأسف فهو يمثل اليوم دور الجلاد لا الضحية.

(2) أوروبا.. قيادات ضعيفة واقتصاد متعثر ومخاوف من الحليف الأمريكي

ليست الصين وحدها القلقة من رئاسة ترامب، قادة الاتحاد الأوروبي أكثر قلقا، تصريحات ترامب غير مطمئنة فيما يخص الاقتصاد والدفاع العسكري، فهو يريد أن يربح من الحلفاء والمنافسين على حد سواء، الاتحاد الأوروبي يفتقد القادة الأقوياء داخليا وخارجيا وهذا يبدو واضحا في أهم دولتين في الاتحاد: فرنسا وألمانيا، فهناك حالة من عدم الاستقرار السياسي في الدولتين وتخبط في القرارات الرئاسية. معظم دول الاتحاد الأوروبي تعاني من تصاعد اليمين الشعبوي الذي يبحث عن نجاة سريعة لا خلاص جماعي كما كان الحال من قبل.

لم تعد روسيا وحدها مصدر خطر وقلق لدول الاتحاد الأوروبي، بل أصبحت أمريكا ترامب أيضا مصدر قلق لها. عام 2024 أظهر الضعف الأوروبي، فلقد بدت دول القارة منقسمة إزاء حرب غزة ومجرد ظل باهت للموقف الأمريكي، وحين أرادات بعض دولها القيام بدور أكثر حيادية ونزاهة لم يكن له أي مردود على المسرح الدولي، وتحولت قياداتها إلى مجرد ظاهرة صوتية.

أوروبا تنتظر بلا حول ولا قوة قرارات ترامب وموقفه من الحرب الأوكرانية التي تعتبرها البلدان الأوروبية صراعا وجوديا، وليس مجرد خلاف بين دولتين على الحدود، وذلك لما سيترتب على نتائجها من تغيير جيوسياسى في أوروبا ومكانة الاتحاد الأوروبي الدولية. الموقف أيضا ينسحب على روسيا، لم يكن عام 2024 الأفضل لها، فلقد انتهى بخروج مفاجئ من سوريا على أثر سقوط نظام الأسد الذي ظلت تدعمه سنوات في مقابل العودة إلى المنطقة واستعادة دور الاتحاد السوفيتي السابق، كما أن الحرب الأوكرانية كبدتها خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة وتريد أن تحسمها العام المقبل مع ترامب. الكل ينتظر ما سيحمله عام 2025 لأوروبا وروسيا.

(3) الصين..

التنين الصيني يتابع في هدوء التغيرات المتلاحقة في الشرق الأوسط وأوروبا وعينه على حلفائه روسيا وإيران وكيف تراجع نفوذهما في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام بشار الأسد المفاجئ، ويستخلص العبر من هذا الحدث.

الصين تتوقع أن يكون عام 2025 عام المواجهة المباشرة مع أمريكا، ترامب يريد أن يغلق ملفات الحروب المفتوحة في الشرق الأوسط وأوروبا، ليركز على تنفيذ قواعد جديدة للتعامل مع حلفائه في أوروبا وجيرانه في كندا والمكسيك وأن ينهي ترحيل المهاجرين غير الشرعيين في الفترة الأولى من حكمه، لكن يظل ملف تقليم أظافر الصين هو الأهم لدى الإدارة الأمريكية والتعامل مع تصريحات بكين حول حتمية استعادة تايوان إلى الوطن الأم.

هنري كيسنجر عميد الدبلوماسية الأمريكية الراحل تحدث في لقاء تلفزيوني عن مخاوفه من اندلاع حرب بين بلاده والصين وقال تحديدا: لا أحد يعلم شيئا عن أسلحة الصين وكذلك أمريكا، فكلاهما لديه أسلحة لم تختبر بعدُ فائقة التقنية والقدرات. الجيش الصيني هو الثالث في الترتيب العالمي بعد أمريكا وروسيا، لكنه أكثر الجيوش غموضا، ولقد اتهمت أمريكا الصين مرارا بأنها لا تعلن عن ميزانية الجيش الحقيقية، والجيش الصيني لم يختبر قدراته القتالية في حرب طويلة ومفتوحة على عكس أمريكا أكثر دول العالم انخراطا في الحروب.

الصين تفتخر دوما بقدرتها على حل المشاكل دبلوماسيا، لكن حين تفشل الدبلوماسية تصبح الحرب اختيار الضرورة للقادرين عليها. كثيرون يعتبرون العام القادم امتدادا للعام المنتهي وربما يكون أكثر صعوبة، لكن لديّ أمل كبير في أن يكون عام تغيير إلى الأفضل في أوطاننا، وأتمنى أن يكون عام سلام. ونلتقي على خير العام القادم بإذن الله.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان