بل أكثر الجيوش انحطاطًا

ترددت كثيرا على ألسنة المسؤولين الإسرائيليين مقولة “جيشنا هو أكثر الجيوش التزاما بالمعايير الأخلاقية في الحرب”، ولكن حقيقة هذا الجيش منذ أن كان عصابات تحولت إلى جيش نظامي أنه أداة قتل وسرقة لا ترحم.
ادعاء الأخلاق تفضحه ممارسات جيش الاحتلال في عدوانه على غزة التي تعد حلقة في تاريخ ملطخ بالدماء منذ ما قبل النشأة وحتى الآن.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsنهاية الإخوان!!
الحويني نسيج وحده 3/4 أبو إسحاق الحويني والشيخ المنشاوي في سوهاج
بسبب معدلات الإنجاب.. تركيا تدق ناقوس الخطر
يتسلى الصهاينة بقتل من يشاؤون ويسرقون ما لديهم من ذهب وأموال ويستوقفون الناس عند الحواجز وبعد فواصل من التعذيب والإهانة يسلبون ما لديهم وكأنهم يقولون لهم: لقد تكرمنا عليكم بترككم أحياء فلِم تطمعون في أكثر من ذلك؟
يظهر جندي إسرائيلي متباهيا بتحقيق “نصر شخصي” بسرقة سلسلة نسائية، ويتفاخر زميله بسرقة بعض الساعات والمقتنيات الثمينة.
ويوثق جندي إسرائيلي بهاتفه الدمار الذي أصاب جامعة الأزهر بغزة قائلًا: “لمن يسألون لماذا لا يوجد تعليم في غزة، لقد قصفناه بصاروخ”.
صحيفة «الباييس» الإسبانية أشارت إلى مقاطع فيديو تم تصويرها من داخل آليات ودبابات الاحتلال، يظهر في إحداها جندي إسرائيلي يقوم بتدمير السيارات المدنية على جانبي الطريق معلقًا: “لقد توقفت عن عد السيارات التي قمتُ بسحقها”.
هل في الأمر جديد منذ نشأة الكيان الغاصب على أرض فلسطين بتواطؤ دولي وخذلان عربي؟ كلا فلكي تنشأ إسرائيل وفي كل حروبها كانت المذابح هي السمة الغالبة لأداء الصهاينة وهي مذابح لم تفرق بين شاب وطفل وعجوز وشيخ كبير.
أما السرقة فهي الأساس وهل جاؤوا من أصقاع الأرض إلا ليسرقوا وطنا من أهله بزعم وجود حقوق تاريخية لم تكن وبزعم أنها أرض بلا شعب يحق لشعب بلا أرض أن يأخذها.
مشاهد ترحيل الفلسطينيين في غزة تعود جذورها إلى عام 1937 عندما شكلت الوكالة اليهودية أول لجنة لترحيل الفلسطينيين، وفي فترة ما بين 1945 و1947 التي سبقت إعلان قيام الكيان الصهيوني كانت الأعمال الإرهابية هي السمة السائدة وتمثلت في نسف السكك الحديدية وتدمير الجسور ونشر الألغام ونهب الممتلكات. كما لجؤوا إلى الاغتيال السياسي فنسفوا فندق الملك داود الذي كانت تشغله سكرتارية حكومة فلسطين في القدس، واغتالوا وزير الدولة البريطاني لورد موين وحاولوا اغتيال المندوب السامي البريطاني في فلسطين.
دير ياسين وغيرها
سوف تبقى مذبحة دير ياسين خالدة في الذاكرة؛ ففي التاسع من إبريل/نيسان عام 1948 قامت العصابات الإرهابية اليهودية المسلحة بحماية حكومة الانتداب البريطاني بإبادة سكان قرية دير ياسين الفلسطينية عن بكرة أبيهم، وقتلت جميع سكانها البالغ عددهم آنذاك 279 وحرقت الجرحى وكلهم من المدنيين ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
تمثلت دوافع الصهاينة لارتكاب المذبحة في أهمية موقع القرية الاستراتيجي الذي يقع على مرتفع يشرف على القدس الغربية وعلى الطريق التي تربطها بتل أبيب؛ فجاءت المذبحة مقدمة لاحتلال القدس، ولإدخال الرعب في قلوب الفلسطينيين ليرحلوا عن ديارهم وبالفعل رحل حوالي 900 ألف فلسطيني عن ديارهم.
ولم تكن دير ياسين حالة فريدة فقد بلغ عدد القرى الفلسطينية المدمرة منذ إبريل 1948 حتى نهاية حرب عام 1948 -التي أشعلتها إسرائيل- حوالي 540 قرية فلسطينية.
وصف الفرنسي جاك دو رينيه، مندوب الصليب الأحمر الدولي في القدس -وهو أول من دخل دير ياسين بعد المذبحة- الواقعة قائلا: “إن المسلحين اليهود كانوا مدججين بالسلاح، يحملون الرشاشات والمسدسات والقنابل والسكاكين الطويلة”.
وأضاف “كانت معظم السكاكين ملطخة بالدماء واقتربت مني شابة وسيمة وأرتني متباهية سكينها التي ما زالت تقطر دمًا، وكان واضحًا أن هذا هو فريق التطهير للإجهاز على الجرحى”.
وقال الطبيب اليهودي ألفرد أنجل الذي رافق ممثل الصليب الأحمر الدولي: “لقد خدمت مدة خمس سنوات في الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى، ولم أر مشهدًا مفزعًا كهذا”.
الشعب المختار لذبح العرب
في كتابه “الثورة” قال مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق الحائز على جائزة نوبل للسلام: “أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قويّ لا حدود له، وفروا للنجاة بأرواحهم. إن الأهمية الاقتصادية والسياسية لهذا التطور لا يمكن المبالغة فيها مهما قيل”.
وأضاف: “إن احتلال دير ياسين إنجاز رائع”، ووجه رسالة إلى القادة اليهود الذين نفذوا المجزرة جاء فيها: “تقبلوا تهانينا على هذا النصر المدهش، انقلوا إلى الجميع أفرادًا وقادة أننا نصافحهم ونفتخر بروحهم القتالية الغازية التي صنعت التاريخ في أرض إسرائيل، وإلى النصر كما في دير ياسين كذلك في غيرها سنقتحم ونبيد العدو، ربنا لقد اخترتنا للفتح”.
لا يشبعون من الدماء
لم تتوقف المذابح حتى وصلنا إلى الحرب الجارية في غزة التي نشهد مذابحها على الهواء ويشهد شاهد من أهلها وهو طبيب عسكري إسرائيلي بقوله لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة شملت أعمال نهب وتخريب وإضرامًا للنار بمنازل الفلسطينيين وإعدام أسرى.
هل الصهاينة متسقون مع أنفسهم عندما يقولون ما لا يفعلون ولا يرقبون في عربي إلًّا ولا ذمة؟
الإجابة نعم، فالتلمود يقول لهم: “اهدم كل قائم، لوث كل طاهر، أحرق كل أخضر”، وهم يزعمون -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا- أن الله خلق غيرهم “لتركبوا ظهورهم وتمتصوا دماءهم وتحرقوا أخضرهم وتلوثوا طاهرهم وتهدموا عمائرهم”.
ويتعلمون أن أرواح غير اليهود أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات ولولا اليهود ما خلق الله باقي البشر على صورة إنسان.
لا ينتمي ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في غزة إلى أنماط الحروب المعروفة حيث لا تكافؤ في القوة ولا مراعاة لقواعد الحرب. وينتهك الكيان بشكل شامل قواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في الحرب، وكذلك المحاربين الذين صاروا عاجزين عن مواصلة القتال مثل الجرحى والأسرى والمرضي، ويحمي الممتلكات الثقافية والممتلكات الخاصة، فهم يقتلون ويسرقون ويهدمون “باسم الرب”.
إنه كيان قام على الأكاذيب والمذابح ويواصل مسيرته على نهج لم يحد عنه يومًا في حروبه غير العادلة.