بأرقام إسرائيلية.. اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة كلام فارغ
طالما تحدث الكيان الإسرائيلي عن اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة، والإعلان عن مشاريع وخطط لم يتم الكشف عنها أو حتى ملامح منها عن كيفية تولي إدارة شؤون قطاع غزة بعد القضاء على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
حسابات اليوم التالي لم تظهر إلى العلن حتى الآن، رغم أن إسرائيل وحلفاءها تحدثوا كثيرًا عن ما بعد “حماس”.. فهل تمتلك إسرائيل القدرة على العودة وإدارة الحياة في القطاع؟ وهل سيتحمل اقتصاد الكيان الإسرائيلي هذا العبء؟
اقرأ أيضا
list of 4 items“موقعة البيجر”.. كيف ولماذا؟
لماذا تسعى تركيا لعضوية البريكس الآن؟!
“الدولة العميقة” تختبئ خلف مقاعد البرلمان!
الاقتصاد الإسرائيلي تكبد خسائر باهظة جراء الحرب الممتدة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على غزة، كلفت احتياطياتها من النقد الأجنبي حوالي 5.6 مليارات دولار، ما دفع تل أبيب إلى البحث عن بدائل لتغطية عجز الموازنة المتوقع بلوغها 8 مليارات دولار خلال العام الجاري، التي من بينها زيادة الضرائب.
ووفق البنك المركزي الإسرائيلي تراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد نهاية إبريل/نيسان حوالي 5.63 مليارات دولار حيث وصل إلى 208 مليارات، كما تراجعت الاحتياطيات بحوالي 41% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق وزارة المالية الإسرائيلية، بلغت استدانة إسرائيل بسبب الحرب في غزة حوالي 43 مليار دولار عام 2023، وامتدت إلى عام 2024، لتشمل 304 مليارات دولار إجمالي الدَّين العام الإسرائيلي حتى نهاية 2023، و21 مليار دولار ديون إضافية، و6 مليارات دولار إجمالي القروض عام 2022، فيما بلغت نسبة الدَّين إلى الناتج المحلي حوالي 62.1%، وسط توقعات ببلوغ هذا الدَّين مستوى 67% عام 2024، وجمعت إسرائيل 8 مليارات دولار من بيع سندات دولية منذ أكتوبر حتى إبريل الماضي.
ويتوقع مراقبون أن يكون عام 2025 ضائعًا اقتصاديًا، مع ارتفاع عجز الموازنة وهو ما سيفضي في النهاية إلى مزيد من التدهور في نسبة الدَّين العام مقارنة بالناتج المحلي، وربما مزيدًا من خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل.
هذه الأرقام مدخل بسيط لاستعراض مدى قدرة إسرائيل على تولي إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب الدائرة حاليًا في القطاع، في حالة سيطرتها على غزة والقضاء على “حماس”.
مدى إدارة إسرائيل لغزة؟
وبعيدًا عن الحسابات السياسية المعقدة، وعدم الخوض في التحليل العسكري الذي يظهر بوضوح الفشل الإسرائيلي في إدارة الحرب وخسائرها العسكرية على الأرض، وإعلان أسر مجموعة جديدة من جنود الجيش الإسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة، بما يعني فضح الجيش الإسرائيلي في مزاعمه بالسيطرة التامة على شمال غزة.. بعيدًا عن ذلك كله، هناك مجموعة نقاط مهمة تحدد مدى إمكانية إدارة الكيان الإسرائيلي لغزة.
منذ أيام قدرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تكلفة فرض الحكم العسكري على قطاع غزة بنحو 5.4 مليارات دولار سنويًا، كما قدرت تكلفة إنشاء ممر إضافي طريق مباشر بين إسرائيل والقطاع بنحو 40.4 مليون دولار، كما تصل تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة من بنية تحتية ومستشفيات ومدارس وطرق، إلى أكثر من 40 مليار دولار، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وأعتقد أن الوضع الحالي يتطلب 3 أضعاف هذا الرقم، فضلًا عن تكلفة البنية التحتية للحكومة العسكرية الإسرائيلية التي ستتولى إدارة القطاع، وأيضًا حاجة إسرائيل إلى قطاع إداري كامل يتولى إدارة غزة، قد يصل في أقل تقدير إلى 1000 موظف، وما يترتب على ذلك من رواتب وأمور أخرى.
وأيضًا، من حيث القوة العسكرية، ستكون هناك حاجة إلى فرق هجومية ودفاعية إسرائيلية داخل الأراضي الغزاوية، وهو ما يتطلب تقليص عدد الكتائب في القيادة الشمالية (لبنان وسوريا) والقيادة الوسطى (الضفة الغربية)، بالإضافة إلى زيادة كبيرة في نطاق الاحتياط للتوظيف العملياتي، ولا نعتقد أنه سيكون قرارًا صائبًا، فضعف الجبهتين يعني تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل.
ومن تحليل التبعات المالية لتشكيل حكومة عسكرية في قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة، لن يتحقق وستكون الكلمة للفلسطينيين فقط، كما جاء على لسان رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية “اليوم التالي للحرب سيكون وفق ما يقتضي مصلحة شعبنا الفلسطيني.. وستقرره حركة حماس مع باقي الفصائل الفلسطينية”.
أزمة غير مسبوقة
إسرائيل ليست قادرة على تحمل العبء. ستتضرر قدرة الجيش على الاستعداد لاحتمال فتح جبهة شمالية، وكذلك الاستعداد لإحباط الهجمات في الضفة الغربية وبقية أنحاء دولة إسرائيل.
كما أن السيطرة على غزة تعني أزمة غير مسبوقة في الميزانية، ما سيضر بشكل كبير بالخدمات المقدمة للإسرائيليين أنفسهم، كما ستثقل كاهل الميزانية.
إسرائيل كما كذبت، وما زالت، في سيطرتها على قيادة دفة الحرب في غزة وأنها ألحقت بـ”حماس” خسائر فادحة، وتلوّح باستمرار لمهاجمة رفح وتدميرها، هي تكذب أيضًا في مقدرتها على إدارة غزة، فهي لا تملك أي موارد تمكنها من إدارة القطاع، ومن المستبعد أن تمدها أمريكا بمساعدات، كما هو في حالة الحرب، فقد تكلفت واشنطن مبالغ طائلة في هذه الحرب، بخلاف ما خسرته في تمويل أوكرانيا في الحرب مع روسيا، ومن هذا الاستنتاج يمكن أن نقول إن “اليوم التالي لانتهاء الحرب على غزة” لا يعدو كونه مجرد كلام فارغ.