العرافة ليلى عبد اللطيف.. تصول وتجول على الشاشات العربية.. ما القصة؟

ليلى عبد اللطيف (منصات التواصل)

في أحدث إطلالة لها مع الإعلامي عمرو أديب (فضائية mbc مصر) منذ ثلاثة أيام، أمسكت “العرافة أو المنجمة” ليلى عبد اللطيف (مولودة في بيروت لأم لبنانية، وأب مصري)، مجموعة أوراق بيدها تقرأ منها ما تصفه بتوقعاتها لما تبقى من عام 2024، وبعده، العام التالي. بدت هذه التوقعات (المزعومة) مجرد تحليل سياسي للأحداث الجارية، لا أكثر، مع بعض المجاملات للمصريين بترديد “وعود حكومية سابقة” لم تُنفذ. اعتادت العرافة الشهيرة كلما ظهرت في فضائية عربية؛ مجاملة حكومة الدولة المالكة للفضائية، أو التي ينطلق منها البث، بالبلدي كده: شُغل علاقات عامة.

عرافة.. أم سيدة التوقعات المتنبئة؟

المُتنبئة أو سيدة التوقعات، أو خبيرة الأبراج.. هذه التوصيفات هي المحببة لـ (ليلى عبد اللطيف- 66 سنة)، فهي ترفض بشدة، وصفها بأنها، عرافة أو مُنجمة، مع أنه ليس هناك ما يُسمى “علم الأبراج”، لتكون خبيرة فيه. “الأبراج”، تنتمي إلى عالم الخرافات، والمعتقدات المتوارثة منذ القدم. وهي ملائمة للترفيه، والتندُر؛ على شاكلة “أبواب حظك اليوم”، أو طالعك هذا العام، وما شابه. كانت الصحف الورقية تهتم بها، لمنح قارئ الصحيفة، جُرعة تفاؤل (وهمية) ضمن مساحة مخصصة للتسلية، وشغل أوقات الفراغ. لذا كان باب “حظك اليوم”، مجاورا لمسابقة “الكلمات المتقاطعة” الأكثر فائدة كونها تشغل الذهن، بحثا عن حلول للألغاز، والإجابات الصحيحة لملء المربعات الفارغة في المسابقة. التوصيف الأصوب لسيدة التوقعات، هو عرافة. ذلك أن “العراف” يدعي إمكانية الرجم بالغيب ومعرفته تخمينا دون برهان.. ربما استنادا (واهيا)، إلى رؤى وأحلام، أو تفسيرات غير علمية لحركة النجوم وتأثيراتها على الأشخاص، أو ادعاء التواصل مع “أرواح الموتى”، واستنطاقها (كذبا). هذا يختلف عن التنبؤات المبنية على أُسس وحسابات علمية على غرار توقعات الطقس لفترة قادمة، مثلا.

السنوار والضيف

في إطلالتها مع “أديب” توقعت “المنجمة” أن زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، سيكون محط أنظار العالم. هذا ليس توقعا بل تقرير لما هو كائن، فالعالم كله، يتابع أخباره، فـ “السنوار”، مع القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، قادا عملية طوفان الأقصى، التي أذهلت العالم تخطيطا، وتنفيذا بما أسفر عن تغيرات هائلة، طالت الرأي العام العالمي، لصالح القضية الفلسطينية. “السنوار”، يستحوذ على إعجاب، وتقدير الشعوب العربية والإسلامية، بعد “الطوفان”، وما أبدته المقاومة- التي يقودها-، من صمود وجسارة تصديا للعدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة. في هذا السياق، فإن كلام “ليلى عبد اللطيف” مُجرد تحصيل حاصل، ولا ينطوي على أي اكتشاف.

 انقطاع التيار الكهربائي.. متى ينتهي؟

في الإطلالة ذاتها.. ادعت العرافة (ليلى عبد اللطيف)، بأن الأزمة الاقتصادية المصرية، في طريقها إلى الزوال قريبا؛ بفعل ثروات وكنوز تاريخية، ستظهر في أسوان، والأقصر، وغيرهما. هذه المناطق ثرية جدا بكنوز أثرية فائقة القيمة، دون أن يُغير هذا من الحال الاقتصادي المأزوم. مما توقعته، أن أزمة الكهرباء الحالية (تخفيف الأحمال) ستشهد فترة قاسية وأن المشكلة ستزول بنهاية العام الحالي. هل هناك أشد قسوة من انقطاع التيار لساعتين يوميا في ظل حرارة الصيف الحارقة، وبما يترتب عليه من أضرار بالغة بحياة الناس اجتماعيا، واقتصاديا، ونفسيا. لا تحتاج المشكلة إلى توقعات العرافين (ليلى عبد اللطيف أو غيرها)، فالحل بيد الحكومة إن شاءت بدلت أولوياتها، تخفيفا لمعاناة المواطنين، وطلاب المدارس والجامعات الذين يُمتحنون في أجواء ساخنة، غير مواتية. “الأزمة الاقتصادية”، بدورها، خانقة للمصريين، لكن كلام (خبيرة الأبراج) بشأنها، ليس سوى “مُخدر” ترويجا لأوهام لا طائل منها. أخشى أن تأخذ الحكومة بهذه الأباطيل والتوقعات فتتكاسل عن إيجاد سياسات بديلة وحلول جدية، وتسوء العاقبة، بعدما أنتجت السياسات الراهنة، فشلا اقتصاديا مشهودا.

أصالة نصري.. وطائرة الرئيس الإيراني

في تنبؤاتها لعام 2024، على فضائية عراقية (نهاية العام الماضي) توقعت “ليلى عبد اللطيف” حادث لطائرة إيرانية في الأشهر الأولى من العام، ووفاة شخصية غير قيادية داخل الحكومة (حوادث الطيران في إيران متكررة منذ عام 1980). عقب سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (19/5/2024) خرجت على فضائيات عديدة لتؤكد أنها توقعت سابقا الحادث ووفاة رئيسي، إلا أن فضائية واحدة لم تكلف نفسها، استعادة مقطع الفيديو، لتكشف عدم صحة ما زعمته عن سقوط طائرة الرئيس الإيراني. “سيدة التوقعات” زعمت قبل عامين أن السودان سيعيش في أمان، وهدوء، لكن استعرت حرب أهلية منذ إبريل/ نيسان من العام الماضي، ولا تزال مُشتعلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
بخصوص الوسط الفني قطعت المتنبئة ليلى عبد الطيف بعودة المُغنية السورية الشهيرة أصالة نصري إلى طليقها المخرج الفلسطيني طارق العريان، إلا أن أصالة لم تعُد، وتزوجت من رجل الأعمال العراقي فائق حسن. هذه التوقعات وغيرها للمنجمة ليلى عبد اللطيف رصدها برنامج “تقريبا- مع حسن” على قناة العربي تيوب (حلقة يوم 28/5/2024) مُستعينا بمقاطع فيديو لها، تأكيدا لما ذهب إليه مُقدم البرنامج، بأن تنبؤاتها غالبا لا تتحقق، بل يحدث عكسها تماما.

إلهاء وتغييب للعقول

إنصافا، فالبشر شرقا وغربا تواقون إلى معرفة المستقبل وما تُخبئه لهم “الأقدار”، التي لا يعلمها إلا الله. الفضائيات العربية تحتفي بالعرافة ليلى عبد اللطيف، تلبية لـ “حاجات نفسية”، لا يمكن إنكارها، لدى قطاع عريض من المشاهدين. المُشكل، هو في ترك الحبل على الغارب لها، تصول وتجول دون مقاطعة أو مناقشة لبيان فساد منطق العرافين وأسانيده بواسطة العلماء وأهل الاختصاص. هنا نكون بصدد توظيف للعرافة أو المنجمة ليلى عبد اللطيف تغييبا للعقول وإلهاء لـ “الجمهور” عن واقعه العربي المؤلم.. لا سيما أن كثيرين، لديهم قابلية مرتفعة للاستهواء، والوقوع أسرى لخرافات هذه العرافة وأمثالها، نتيجة أساليب التعليم غير الجيدة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان