الانتخابات الأمريكية.. هل ينتظر العالم المفاجأة؟!

متابعة الأحداث في وسائل الإعلام العالمية توضح أن العالم يواجه مرحلة جديدة خارج إطار كل ما نستطيع أن نتوقعه باستخدام المناهج العلمية الحديثة التي بنى الغرب تفوقه على أساسها.
تلك حقيقة يمكن أن تجعلنا نفكر بأساليب جديدة في الكثير من الأحداث القادمة، ومن أهمها الانتخابات الأمريكية التي تحتاج إلى قراءة متعمقة خارج إطار التغطية الوصفية التي تركز عليها وسائل الإعلام ومنها محاولة الاغتيال الفاشلة لترامب، وإقناع بايدن بالانسحاب.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4تفاكر.. مصطفى المرابط يناقش كتاب “الفيلسوف ابن ساعته”
- list 2 of 4الوطني والأيديولوجي في الديمقراطيات العربية
- list 3 of 4معاقبة مغتصب الأطفال بالإخصاء الكيميائي؟
- list 4 of 4زهران ممداني.. المسلم الذي كسر أسطورة اللوبي الصهيوني
هناك حقيقة مهمة هي أن عداء الشعوب لأمريكا يتزايد، وأن العدوان الإسرائيلي على غزة أدى إلى زيادة كراهية الشعوب لأمريكا، وربما لا تستطيع وسائل الإعلام أن تكشف هذه الحقيقة. فأمريكا هي التي وفرت أطنان القنابل لجيش الاحتلال الإسرائيلي ليدمر بها العمران، ويرتكب أكبر جريمة ضد الإنسانية، وظهر أمام الأمريكيين أنفسهم كيف بدا رئيسهم بايدن ضعيفا أمام النتن ياهو، فلم يستطع أن يوقف الحرب بالرغم من موافقة حماس على كل شروطه.
هذا يوضح ضعف أمريكا وعجزها، وعدم قدرتها على وقف تدفق شحنات الأسلحة لإسرائيل. لقد أراد بايدن كسب الملايين من الأصوات المؤيدة لإسرائيل ففقد أصوات ملايين الشباب الذين يرفضون مشاركة أمريكا في الجريمة، وعجزها عن وقف الحرب.
هل يشكل ترامب بديلا؟!!
لكن تحليل خطاب ترامب يكشف أن تركيزه على المال (الفلوس) هو المدخل لفهم شخصيته، وما يمكن أن يتخذه من قرارات، وقد تمكن خلال فترة رئاسته الأولى من جلب مئات المليارات لأمريكا، لكنه أيضا لا يستطيع أن يقف أمام إسرائيل، ولا أن يوقف الحرب، بل ربما يزيدها اشتعالا؛ فهو لن يتردد في القيام بأي عمل يضمن به هيمنة إسرائيل على المنطقة.
لذلك لم أتوقف كثيرا عند محاولة اغتيال ترامب الذي أعتقد أنها كانت حدثا تم تصنيعه لتحقيق أهداف ربما تكون في صالحه، قد يكون منها إثارة أنصاره وتوحيدهم.
لكن ذلك الحدث يمكن أن يكون مقدمة للكثير من الأحداث التي يمكن تتجمع فتؤدي إلى عدم قدرة أمريكا على إدارة الانتخابات، وزيادة الاستقطاب وتفكك المجتمع الأمريكي.
ما قبل الانتخابات
الصراع الداخلي في أمريكا يتصاعد، ويشير إلى فشل النموذج الديمقراطي الأمريكي الذي كان أهم ما يجذب قلوب شعوب العالم ويشكل لها صورة إيجابية، ويجعل كل فرد يتمنى الحياة في أمريكا ليتمتع بالمشاركة في الديمقراطية، لكن الآن يمكن أن يشاهد أن الاختيار أمام الناخب الأمريكي محدود؛ فهو إما أن يختار بايدن وإما أن يختار ترامب.
ما الذي دفع أمريكا إلى هذه المرحلة؟!! أعتقد أن هناك الكثير من المفكرين الأمريكيين يدركون الإجابة، ويمكن أن يحذروا المجتمع الأمريكي من خطورة تقليل البدائل أمام الناخب الأمريكي، ويبيّنوا أن ذلك يشكل بداية الانهيار للديمقراطية الأمريكية.
يمكن أن نلاحظ أن منصب رئاسة أية جامعة أمريكية يتنافس عليه عشرات الأساتذة، ليختار أعضاء هيئة التدريس واحدا منهم، فالاختيار متاح من بدائل متعددة ومتنوعة، فكيف برئاسة الدولة الأمريكية وكيف يتم تحديد البدائل أمام المواطن الأمريكي؟!
غموض المستقبل
بالرغم من أن حرية الصحافة والإعلام أهم مصادر قوة الولايات المتحدة وفخرها، وأن الصحافة الأمريكية تتباهى بأنها أسقطت رؤساء، وأجبرت أمريكا على الانسحاب من فيتنام بعد أن كشفت جرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الأمريكي هناك، فإنه من الواضح أن ذلك التاريخ قد انتهى، وأن أمريكا فقدت حرية الصحافة التي أصبح دورها تقديم تغطية وصفية للأحداث كما تصور مباراة كرة قدم أو ملاكمة.
لم تطرح وسائل الإعلام الأمريكية تساؤلات جديدة مثل هل لا تزال تلك الصيغة للانتخابات صالحة للمحافظة على مستقبل أمريكا؟ ولماذا لا يتم تغيير النظام لإنشاء أحزاب جديدة، وفتح المجال لتقديم مرشحين جدد؟
لماذا لم تفتح وسائل الإعلام الأمريكية المجال للكثير من علماء السياسة، وهم بالتأكيد يدركون خطورة هذه الانتخابات على مستقبل أمريكا، وأنها يمكن أن تكون بداية انهيار أمريكا؟ هل أصبحت هذه الوسائل تدرك الحقيقة لكنها لا تجرؤ على الكلام؟
إن العالم يجب أن يستعد لمرحلة جديدة مهما كانت نتائج الانتخابات الأمريكية، فالكثير من الأفكار التي شكلت رعبا للشعوب سوف تتغير ومن أهمها الاعتماد على قوة أمريكا الغاشمة في حماية النظم الحاكمة، وستدرك الشعوب أن التبعية لأمريكا من أهم العوامل التي ستؤدي إلى الانهيار، فأمريكا لن تحمي سوى إسرائيل، ولن تقدم مساعدات مجانية لأحد.
لذلك يجب أن تدرك شعوب العالم أن الكفاح لتحقيق استقلالها الشامل هو الطريق لبناء مستقبلها، وهذا يحتاج إلى فكر جديد يقوم على استثمار ثرواتها الطبيعية والبشرية.
ودول العالم في الجنوب الفقير يجب أن تجمع مفكريها لتقديم قراءة جديدة لواقع يتعرض للتغيير، والانتخابات الأمريكية من أهم مؤشرات هذا التغيير.
العداء لأمريكا يتزايد
ولكن لماذا لا تقوم مراكز البحوث بإجراء استطلاعات رأي عام في كل دول العالم لمعرفة اتجاهات الجمهور نحو أمريكا؟ يمكن أن نساعد هذه المراكز بتقديم ملاحظات مبدئية عن طريق الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تشير إلى أن أمريكا في طريقها إلى الانهيار، وأن هناك حالة فرح لدى الكثير من الشعوب بأن أمريكا لن تخرج من هذه الانتخابات قوية.
لكن كيف نفسر ذلك؟ لقد بالغت أمريكا في استخدام قوتها الغاشمة في ظلم الشعوب وقهرها وظهر ذلك بوضوح في مشاركتها في العدوان الإسرائيلي على غزة، وكراهية الشعوب هي نتيجة لاستخدام القوة الغاشمة، لذلك تتمنى كل الشعوب انهيار أمريكا.
