هل تشارك إيران في الحرب؟! وماذا ستفعل أمريكا؟!
هل تشارك إيران في الحرب التي تلوح في الأُفق إذا شرعت إسرائيل في هجوم عسكري شامل على لبنان وحزب الله؟
هل يدخل الجيش الإيراني هذه الحرب، ضد دولة الاحتلال، ويشارك فيها بقواته؟ أم ستكتفي إيران بـ”دعم” جماعات المقاومة (المحيطة بإسرائيل) بالسلاح والعتاد والخبرات؟ ما هو موقف أمريكا، عند اندلاع حرب من هذا النوع قد تهدد وجود إسرائيل من الأساس؟
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكان ناصرياً في زمن ما..!
في لبنان انقلب السحر على الساحر
ضجيج بالفناء الخلفي للبنان لا ينتظر نهاية الحرب
إن شبح اندلاع حرب إقليمية واسعة يُخيم على أجواء المنطقة، ويُنذر بانخراط العديد من بلدان الشرق الأوسط فيها. فمع تهديدات دولة الاحتلال بتدمير لبنان إذا لم يوقف حزب الله اللبناني هجماته على مناطق ومستوطنات شمال إسرائيل، مقابل وعيد حزب الله بإلحاق الدمار بمناطق إسرائيلية مهمة وحساسة؛ حذّر كمال خرازي مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، بأن إيران ستدعم حزب الله والشعب اللبناني بلا حدود، وبكل السبل إذا شنّت إسرائيل حربًا شاملة على لبنان. خرازي شدد في تصريحات لصحفية فايننشال تايمز البريطانية (الثلاثاء) على أن دائرة نيران الحرب قد تتسع لتشمل المنطقة كلها، وقد تضطر بلاده إلى الانخراط فيها. البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة بدورها كانت قد توعدت إسرائيل (يوم الجمعة الماضي)، باندلاع حرب إبادة ضدها إذا شرعت في مهاجمة لبنان.
ركام أبنية غزة وأنفاقها المفخخة
إسرائيل حاليا رهينة انشقاقات ومُلاسنات وأزمات داخلية حادة سياسية واجتماعية واقتصادية وخيارات مُعقدة نتيجة صعود رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى عنان السماء، بأهدافه المُعلنة للحرب عن سحق حماس، وتحرير أسراه، ولم يستطع جيشه تحقيق هذه الأهداف. وليس بمقدوره الهبوط إلى أرض الواقع، والاعتراف بالإخفاق العسكري، والأخلاقي لدولته في القطاع. كما لا يمتلك الشجاعة لإنقاذ جيشه، من التخبط والتيه في دروب غزة وأنفاقها وركام أبنيتها المفخخة، التي ضربت جيشه، وقتلت جنوده، وحطمت آلياته، وسمعته العسكرية، ومعنويات جنوده. هذا مع الفشل الدبلوماسي الأمريكي والأوروبي في تحييد حزب الله ترهيبًا أو إقناعه بوقف هجماته، إذ يشترط الحزب لوقف هجماته إنهاء الحرب على غزة.
نتنياهو يحلُم منذ سنوات باستدراج أمريكا إلى حرب على إيران نيابة عن بلاده؛ فالأخيرة مُصنفة بأنها الخطر الأكبر على الكيان، ولديها مقومات دولة قوية، ولها تاريخ إمبراطوري (بلاد فارس)، وهي فاعلة ونشطة في الإقليم، وقادرة على امتلاك “سلاح نووي” (أو امتلكته فعلا) في حين تريد إسرائيل احتكار حيازة هذا السلاح وحدها في الشرق الأوسط، وأن تمنع غيرها من امتلاكه.
لعل البعض يتذكر قيام طائرات إسرائيلية (أمريكية الصنع من طراز أف 15، و16)، بقصف المفاعل النووي (السلمي) العراقي (7/6/1981)؛ مما أسفر عن تدميره تماما، وقتل عشرة خبراء فرنسيين وعراقيين. الطائرات المُغيرة في طريقها لتدمير المُفاعل اخترقت المجال الجوي لدول عربية، وفشلت الدفاعات الجوية العراقية في رصدها واكتشافها، فأزالت المُفاعل، وعادت سالمة من حيث أتت.
المنشآت النووية الإيرانية
إسرائيل لوحت مرارا بالحرب على إيران، أو تدمير “المنشآت النووية” الإيرانية، لكنها غير قادرة على هذه الخطوة وحدها، ولم تجد آذانا أمريكية صاغية لهذه الرغبة، فلجأت إلى استهداف بعضها بهجوم سيبراني، واغتيال علماء إيرانيين في المشروع النووي. الولايات المتحدة الأمريكية سعت بدورها إلى بناء “تحالف بين دول عربية (خليجية)، وإسرائيل”، للحرب ضد إيران. وذلك، ترويجا لفكرة أن “الخطر الإيراني”، يهدد وجود هذه الدول، وإسرائيل، وأنه إذا وقعت الحرب فيكون التدخل الأميركي فيها تلبية لمطلب عربي بالأساس. إيران نجحت في إفشال هذه المساعي الأمريكية، بعقد تفاهمات مع المملكة العربية السعودية، بوساطة ورعاية صينية. إيران هي الداعم الأول والأهم (بالسلاح والعتاد والخبرات)، لما يُسمى “محور المقاومة”، المُحيط بالكيان الصهيوني مثل حزب الله اللبناني، والفصائل الفلسطينية في لبنان وغزة، وجماعة “أنصار الله” الحوثية اليمنية التي أرقت أمريكا وبريطانيا، وأعجزتهما عن تأمين التجارة البحرية الإسرائيلية.
“العداء” بين إيران وأمريكا (الشيطان الأكبر من وجهة النظر الإيرانية) له جذوره منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران (يناير/كانون الثاني 1979)، بقيادة أول مرشد أعلى لها (آية الله الخُميني)، وخلع الإمبراطور محمد رضا بهلوي شاه إيران، وأسرته عن حكم البلاد. في هذه الأجواء العدائية اقتحمت مجموعة من الطلاب، السفارة الأمريكية في طهران (4/ 11/ 1979)، واحتجزت موظفيها 444 يوما فشلت خلالها، عملية عسكرية أمريكية لتحريرهم. لاحقا، جرى اتفاق تسوية بين حكومتي البلدين، للإفراج عن رهائن السفارة. مما يُذكر أن أمريكا تخلت عن الشاه بعد خلعه، وهروبه من إيران، ورفضت استقباله، بينما كان في طائرته باحثا عن ملاذ آمن.
فقد أصدرت بيانا قالت فيه: “إنها ليست على استعداد لاستقبال شاه إيران، في الوقت الراهن”. هذا رغم أن الشاه المخلوع، كان مواليًا بالوراثة لها، وإيران كانت في ذلك الوقت هي شرطي المنطقة، وأقرب إلى الولايات المتحدة من إسرائيل.
النهج الصيني
هذا كله لم يمنع وجود قنوات اتصال مفتوحة على الدوام بين أمريكا وإيران، فكلاهما لا يرغب في نشوب حرب بينهما، كما أن السياسة الخارجية الإيرانية تُجيد توظيف العوامل المحيطة بها، وتعظيم الاستفادة منها، دون التورط مباشرة في “مواجهة عسكرية” مع أمريكا؛ تجنبًا لاستهلاك موارد البلاد عسكريا واقتصاديا. الجمهورية الإيرانية تسير على النهج الصيني في تقوية نفسها عسكريا واقتصاديا، مع تجنّب التورّط المباشر في صراعات عسكرية كلما أمكن ذلك، إلا إذا فُرض عليها القتال. أمريكا لن تتخلى عن الكيان الصهيوني في حربه المُحتملة ضد حزب الله أو لبنان أو غيرهما، لكنها لن تشارك مُباشرة؛ فلديها قواعد عسكرية كثيرة، وقطع بحرية في مرمى صواريخ ومُسيّرات حركات المقاومة في المنطقة. كما أن إيران لن تنخرط مباشرة إلا ردًّا لهجوم خارجي على أراضيها. أما حزب الله فهو كفيل بإسرائيل.
المجد للمقاومة.