إسرائيل في طريقها للسقوط.. فهل ستجذب العالم معها؟!

الجيش الإسرائيلي دخل الحرب وهو يعاني أصلا من ضعف في عدد قواته
جنود إسرائيليون (رويترز)

كانت كتابة هذا المقال صعبة على نفسي، فقد كنت أريد أن أصرخ؛ لكي يسمع العالم صوتي محذرا من انهيار قريب بسبب الظلم والعنصرية وغرور القوة، فإسرائيل ترتكب جرائم ضد الإنسانية والحضارة والأخلاق، وهي تندفع في طريقها إلى السقوط، لكن من الواضح أنها ستجذب دول العالم معها.

أريد أن أصرخ ليسمع كل الأحرار في العالم صوتي، لندافع معا عن الحضارة الإنسانية، قبل أن تدفعها دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الانهيار.

سأستخدم هنا مثالا واحدا، هناك معتقل إسرائيلي اسمه “سدي تيمان” أقامه جيش الاحتلال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول ليسجن فيه الأسرى الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 9 آلاف.

الاغتصاب وإهانة الكرامة الإنسانية

يقول جوناثان كوك: إنه ليس مفاجأة اكتشاف أن القوات الإسرائيلية تستخدم الاغتصاب في معتقل “سدي تيمان” وسيلة لتعذيب الفلسطينيين، حيث تستخدم كل أشكال التعذيب ضد الأسري طوال عشرات السنين، وأتمنى أن يقرأ أحرار العالم القصص التي أنتجها الأسرى الفلسطينيون التي تكشف قسوة الجنود والمحققين الإسرائيليين وعنصريتهم.

في الأسبوع الماضي، تم اكتشاف أن قوة اسرائيلية مكونة من 9 جنود قامت بارتكاب عملية اغتصاب جماعي لمئة أسير فلسطيني، ونتيجة لذلك مات 35 أسيرا.

الدعاية الإسرائيلية الزائفة

يقول جوناثان كوك: هذا هو الجيش الذي روجت دولة الاحتلال الإسرائيلي في دعايتها الكاذبة أنه الجيش الأكثر أخلاقية في العالم بينما يستخدم الاغتصاب والتعذيب ضد الفلسطينيين. وهذا هو الجيش الذي استخدم التجويع سلاحا ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة، وقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، ودمر 70% من بيوت غزة ومستشفياتها ومدارسها، وهناك أكثر من 21 ألف طفل مفقود.

بدأت بعض التقارير التي اعتمدت على شهادات أطباء، ومنها تقرير الأمم المتحدة الذي صدر في 31 من مايو/أيار الماضي، تشير إلى الجريمة التي ترتكبها قوات الجيش الإسرائيلي في معسكرات التعذيب الاسرائيلية؛ حيث يتعرض 9400 أسير فلسطيني لعمليات تعذيب تُستخدم فيها كل الوسائل التي تشكل إهانة للكرامة الإنسانية، وأهمها الإغراق بالمياه، وتعرية الأسرى مع ضربهم، واستخدام الكهرباء والعنف والانتهاكات الجنسية والاغتصاب، والتحرش الجنسي بالنساء، ووضع أسياخ حديدية في دبر الرجال والنساء، وهي أعمال تقوم بها القوات الإسرائيلية بشكل منتظم ومستمر. ولقد ظهر الكثير من الأدلة على استخدام دولة الاحتلال الإسرائيلي للتعذيب والانتهاكات الجنسية بشكل روتيني، واعترفت المحكمة العليا بذلك عندما وجهت سؤالا إلى أجهزة الأمن عن أسباب استخدامها أساليب غير قانونية في التعامل مع الأسرى.

لأسباب دينية وعنصرية وأيديولوجية

يقدّم جوناثان كوك تفسيرا مهما أرى أنه من الضروري أن يستمع له كل الأحرار في العالم، فهناك اتفاق أيديولوجي في إسرائيل على أن الفلسطينيين ليسوا بشرا، وبالتالي فإن كل إساءة إليهم، أو انتهاك لحقوقهم مسموح بها، بما في ذلك قتل النساء والأطفال والتجويع وتدمير المنازل، وهناك سوابق قضائية تسمح للقوات الإسرائيلية باستخدام كل هذه الوسائل.

ونتيجة تأثير الحاخامات، ساد اعتقاد في المجتمع الإسرائيلي أن الفلسطينيين “حيوانات”، ومن ثَم فكل شيء مباح ضدهم حتي بما فيه اغتصاب النساء والرجال، وأدى المتطرفون الدينيون دورهم في تكريس هذا الاعتقاد في المجتمع الإسرائيلي.

لذلك يستخدم الجنود الإسرائيليون كل تلك الوسائل لأسباب دينية وعنصرية تجعلهم يشعرون بالاستعلاء والاستكبار علي الفلسطينيين، ويتمتعون بانتهاك حقوقهم، ويتعاملون معم على أساس أنهم لا ينتمون إلى البشر.

لذلك يرى الجيش الإسرائيلي أن تجويع أهل غزة أمر طبيعي، ذلك أن هناك أسبابا دينية يعتنقها هذا الجيش، تدفعه إلى تجويع أهل غزة، وقتل الأطفال الفلسطينيين بإطلاق الرصاص على رؤوسهم، وهذه الأسباب الدينية تجعل المجتمع الاسرائيلي يتقبل قيام الجنود باغتصاب الأسرى الفلسطينيين، وإهانتهم جنسيا بمن فيهم الأطفال.

ظهور الفساد الأخلاقي.. لماذا؟!

وهذا التعامل مع الفلسطينيين مستمر منذ زمن طويل، كما أوضح الكثير من التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان، التي أكدت أن الجنود الاسرائيليين يقومون باغتصاب الأسرى الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال، وأنه يتم السماح للجنود الإسرائيليين بارتكاب كل الفظائع ضد الأسرى بما فيها الانتهاكات الجنسية.

وهكذا لم يكن الفساد الأخلاقي للجيش الإسرائيلي نتيجة للرغبة في الانتقام من الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن هذا الفساد تشكل عبر مدى زمني طويل، وأسهم الحاخامات والمتدينون المتطرفون في تشكيله، لكن 7 من أكتوبر جعل الحقائق تظهر، ودفع المجتمع الإسرائيلي إلى الانتقام بشكل غير إنساني من الفلسطينيين، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

أوروبا يجب أن تختار!

يقول جوناثان كوك: من الواضح أن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي نتيجة لدوافع عنصرية، لذلك أصبح على الدول الأوروبية أن تختار بين الاستمرار في مساندة النظام العنصري الإسرائيلي، وأن تقبل بالأعمال التي يرتكبها النظام الإسرائيلي كنظام عنصري (أبارتايد)، وهذا يعني المشاركة في عمليات إبادة الفلسطينيين والتطهير العرقي، وانتهاك حقوق الإنسان، أو التوقف عن مساندة هذا النظام العنصري.

كما أصبح على كل العواصم الغربية أن تعلن موقفها بوضوح، فلم يعد هناك شيء يمكن إخفاؤه. وعلى كل العواصم أن تختار بين دعم نظام عنصري يرتكب جريمة إبادة، أو التوقف عن ذلك الدعم.

إن غرور إسرائيل بقوتها سيدفعها إلى الاستمرار في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية حتى تسقط وتزول، لكن يبدو أنها ستجذب الكثير من دول العالم إلى الانهيار والسقوط.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان