ربح البيع “أبا العبد” ولا عزاء للشامتين

مظاهرات في إندونيسيا ترفع صور الشهيد إسماعيل هنية وتندد بالإجرام الصهيوني (الأناضول)

إن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بواسطة الكيان الصهيوني -وإن كان يؤلمنا- هو نهاية مشرفة ومتوقعة لمثل هذا القائد البطل.

نعم، هكذا تكون نهاية الزعماء الربانيين، وهي الحصول على شرف الشهادة الذي ناله مؤخرا هنية، وناله من قبل أستاذه وشيخه أحمد ياسين، وقيادات أخرى كثيرة سارت في نفس الطريق؛ حيث ذكّرنا هنية بعصر كان فيه الحاكم سياسيا عالما، فقيها مجاهدا، إماما.

قصور وفنادق هنية وأسرته

جاء الاغتيال الذي حدث في طهران للشهيد إسماعيل هنية ليؤكد للجالسين خلف شاشات الكمبيوتر، وخلف شاشات المحمول؛ أنه وأولاده وأحفاده يصيبهم ما يصيب الشعب الفلسطيني، ولا يعيشون في الفنادق للتنزه وإنفاق الأموال مثلما يردد بعض بني جلدتنا من المتصهينين، فها هم معظم أبناء وأحفاد إسماعيل هنية -الآن- يعيشون في القصور منعّمين؛ لكن ليس في قصور وفنادق تركيا وقطر، كما ادعى العملاء، وإنما هم في قصور الجنة، شهداء عند ربهم، ومعهم الآن كبير العائلة الذي لحق بهم في تلك القصور.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

“إن دماء والدي ليست أغلى من دماء أطفال غزة، ولا رجالها.. ونقول للاحتلال: مهما قتلت لن توقف مسيرة الشعب الفلسطيني وثورته، فكل اغتيال لقائد يحيي ثورة جديدة لشعبنا وأمتنا”. هذا ما قاله عبد السلام هنية، الابن الأكبر لإسماعيل هنية، وهذا يدل على القوة والبطولة والصبر في مواجهة قذارة الصهاينة.

وليس غريبا من الأعداء الشماتة في موت الأبطال، ولكن الغريب ممن لا يفهمون السياسة ولا غيرها، أن يحذوا حذوهم بالشماتة في اغتيال الشهيد، ويرددوا نفس كلام العدو الصهيوني بعد أن شتت الإعلام عقولهم، وغيّر معها بوصلة التوجه لديهم، وبوصلة الأولويات الإسلامية والعربية.

الأزهر يصف هنية بأنه شهيد مناضل

وأشد ما آلمني هو رؤية منشورات ربما تقف خلفها كتائب إلكترونية تدعي أمورا كاذبة على الشهيد، ويرددها البعض على صفحاتهم بنفس الصيغة الموحّدة، حتى يجعلوا الشعب المصري والعربي لا يتعاطف مع الشهيد؛ بسبب أنه زعيم حركة حماس التي يكرهها البعض بدون سبب، سوى نكاية في جماعة الإخوان المسلمين، ويربطون بينها وبين أعمال إرهابية لم تثبت حتى الآن، وإنما مجرد منشورات إعلامية قيلت في لحظات ما، وسارت بها الركبان؛ لكي تصل إلى مَن يفهم، ومن لا يفهم، ويرددها كأنه عالم ببواطن الأمور، ومطلع على كل الأسرار!

وقد جاء الرد على مثل هؤلاء المتصهينين العرب، قويًّا من مؤسسة الأزهر التي نعت الشهيد هنية، ووصفته بأنه شهيد مناضل قضى حياته في الذود والدفاع عن أرضه، وعن قضية العرب والمسلمين؛ قضية فلسطين الحرة الصامدة.

فهل خجل مقدمو برامج التوك شو الذين كانوا يتحدثون عن حياة إسماعيل هنية المترفة في فنادق تركيا وقطر بينما شعبه يُباد حسب ما يرددون؟ وهل علموا أن مثل هذه الاغتيالات لن تنال من عزيمة الشعب الفلسطيني المناضل الذي قدم -ولا يزال- تضحيات عظيمة لاستعادة حقوقه في إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس؟

كان شهيدا يمشي على الأرض

كما أن الدول العربية ومن بينها مصر، ودل أخرى، كانت تتعامل مع إسماعيل هنية وحركة حماس، وتحدث بينهم مفاوضات ومباحثات مستمرة، ولم تتعامل معه على أنه إرهابي، أو قائد لجماعة إرهابية، وإنما قائد لحركة مقاومة استطاعت منذ أكثر من 300 يوم أن تقف ضد الكيان الصهيوني، ومِن خلفه دول كبيرة تساعده بكل الإمكانات المتاحة من أسلحة هي الأحدث في نوعها، وفي قوة تدميرها، وأجهزة مخابرات هي الأقوى عالميا بما تمتلكه من تقنيات عالية، ولكن المقاومة صمدت وكبدت المحتل خسائر كبيرة، والجيوش العربية تراقب الوضع، ولا تستطيع حتى إدخال زجاجة مياه لطفل عطشان لا يجد ما يرويه.

مثل إسماعيل هنية يعلم منذ البداية، ومنذ التحاقه بحركة المقاومة حماس، ومنذ أنْ كان مع أستاذه الشيخ أحمد ياسين؛ أنه مشروع شهيد يمشي على الأرض، وأنه كما قال “لو خضعت كل الدنيا لن نعترف بإسرائيل”، فكان لا بد من اغتياله بهذه الطريقة الفاجرة القذرة، التي من المؤكد أن هناك أجهزة دول كبرى تقف مع إسرائيل في تسهيل هذه العملية القذرة، وحصلت أيضا على ضوء أخضر من حلفائها بالمنطقة، ومن الدول الغربية.

وللأسف، هناك مَن هو أجهل من دابة وكأنه حصل على فرقة في الصهينة يتحدث بلسان العدو عن الشهيد دون وعي، وبجهل، ودون معلومات، ولا يدرك خطورة جهله السياسي على النشء، فيقدم لهم معلومات مغلوطة على صفحات التواصل الاجتماعي، مستغلا اسمه دون أن يدرك أنه بهذه المنشورات يدين نفسه، ويظهر جهله وميوله الصهيونية.

الأم الفلسطينية ستنجب ألف هنية

وفي الوقت الذي أدانت فيه نقابة الصحفيين المصرية اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، وجدنا بعض الصحفيين -للأسف- يتناقلون منشورا واحدا وكأنه “إسكربت” تم توزيعه عليهم يتهم الشهيد بأنه كان وراء استشهاد جنودنا المصريين في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، وعندما تناقشهم في كذب ذلك تجد إجابة واحدة “رحم الله شهداء الجيش والشرطة”.

هؤلاء كالدابة التي قتلت صاحبها؛ لأن مؤسسة الرئاسة المصرية والأزهر ونقابة الصحفيين التي ينتمون إليها قد نعت الشهيد، وكانت لها مقابلات معه، ومع المخابرات المصرية باستمرار، فهل كانوا يتعاملون مع إرهابي وهم لا يعلمون وأنتم مَن اكتشفتم ذلك؟

الشهيد إسماعيل هنية واجه العديد من الاغتيالات، ونجا منها حتى جاء الأجل، وسبق هنية عشرات القيادات وآلاف الشهداء من الفلسطينيين، وسوف تنجب الأم الفلسطينية ألف هنية، أما إسماعيل هنية، فنقول له “ربح البيع أبا العبد”.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان