كيف يغيّر اختيار السنوار وجهة حماس في المرحلة القادمة؟
“القتال لا التفاوض” قد يصبح شعاراً للمرحلة المقبلة من الصراع بين حماس والصهاينة، بعد اختيار حركة حماس ليحيى السنوار رئيسًا جديدًا لها خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، هذا الاختيار يعكس دلالات هامة ويبعث برسائل قوية إلى الداخل والخارج مفادها أن القرار في المرحلة المقبلة سيكون عسكرياً بامتياز وأن لغة القوة هي لغة المرحلة، وأنه لا يمكن التفاوض أو الحوار مع شخص تصفه إسرائيل ب “الشبح” الذي يصعب التكهن بمكانه أو الوصول إليه.
دلالات اختيار السنوار
“إن قتلتم هنية، جئنا لكم بعدوكم الأخطر”، هذا ما يفهمه الساسة الصهاينة الآن، فاختيار السنوار بعد أيام قليلة فقط من اغتيال الشهيد هنية، ومبايعته بالإجماع، يدل على قدرة حماس على التكيف والتحرك بسرعة لمواجهة المتغيرات، مع تماسك وثقة وقدرة على السيطرة، فهذا الاختيار، جاء بعد أن تشكلت لدى المقاومة قناعة تامة بأن إسرائيل لا تنوي إنهاء الحرب، وأن التفاوض ليس سوى أداة يستخدمها نتنياهو لإسكات الداخل الملتهب المطالب بتحرير الأسرى، فالمفاوضات لم تكن إلا وسيلة للمراوغة وكسب الوقت، في ظل استمرار القصف والمجازر، حتى وصل الأمر إلى اغتيال المفاوض نفسه.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحلم شباب إفريقيا على طريقة “القط الصيني”!
«بهاء طاهر».. أن تنتمي إلى الحرية
الجازي وعبقرية الموت والرأي العام: التغيير قادم!!
حالة من الذهول تسيطر على الكيان الصهيوني بعد بزوغ هذا التحدي الجديد، إذ إن إسرائيل تدرك جيداً أن السنوار الذي قاد عملية طوفان الأقصى، وانتهك السيادة الإسرائيلية بين ليلة وضحاها، وجعل القضية الفلسطينية تتصدر عالمياً كل القضايا الأخرى، ليس رجل مفاوضات وأن الحوار يتم في الميدان وعلى أرض المعركة.
ولا ننسى أن اختيار حماس يحيى السنوار رئيساً لها، ليس مجرد تغيير في القيادة، بل هو إبراز شخصيات يعتبرها الإسرائيليون من أخطر أعدائهم، وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأكبر: كيف ستتعامل إسرائيل مع هذا الواقع الجديد وما هي الخطوات التي ستتخذها في مواجهة هذا التحدي المتزايد؟.
لعل إسرائيل الماضية في سياسة التعنت بقيادة نتنياهو، فتحت على نفسها أبوابا يصعب إغلاقها، إذ إنه مع حالة الرعب والترقب التي تعيشها حالياً، خشية الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، أشعل حزب الله جبهة الشمال بقصفة مواقع عدة في مدن فلسطينية محتلة أمس، مما أسفر عن قتلى وإصابات بين الإسرائيليين، وزادت حماس من تعقيد الوضع واختارت يحيى السنوار رئيساً للحركة
إستراتيجية التصعيد والاحتواء
من المتوقع أن تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال الفترة المقبلة، بتكثيف جهودها لتحليل استراتيجية السنوار وتحديد تأثيرها المحتمل على العمليات المستقبلية لحماس، وهذا يشمل مراقبة التحركات العسكرية والاتصالات التي قد تريد من خلالها معرفة نوايا حماس تحت قيادة السنوار.
وقد تختار إسرائيل، تصعيد الضغوط العسكرية والسياسية على حماس كرد فعل مباشر على هذا الاختيار، والسنوار بصفته قائدًا ميدانيًا ذا خلفية عسكرية قوية، سيدرك أنه من المتوقع أن تقوم إسرائيل بعمليات عسكرية مستهدفة، يذهب ضحيتها الأبرياء، ويتم تبريرها من الصهاينة تحت بند قصف مواقع المقاومة.
كما أن إسرائيل قد تسعى إلى زيادة الضغط الدولي على حماس من خلال تعزيز التحالفات مع الدول الغربية والعربية، مستندة إلى أن السنوار يمثل قفزة نحو تصعيد المواجهة، وستعمل على توضيح أن حماس تحت قيادة السنوار تمثل تهديدًا أمنيًا متزايدًا وتستدعي ردود فعل دولية قوية.
ورقة السنوار قد تستخدمها إسرائيل أيضاً في الملف الداخلي ومن خلال وسائل الإعلام لتشويه صورته بشكل أكبر وتسليط الضوء على تهديداته، مما يساعدها على تبرير أي تصعيد عسكري أو إجراءات قمعية ضد حماس، مع تهدئة الجبهة الداخلية بتبرير استمرار الحرب كجزء من وسائل الدفاع والتهديد المتزايد.
وفي حين أن السنوار معروف بمواقفه المتشددة، قد تحاول إسرائيل أيضًا استكشاف فرص التفاوض غير المباشر عبر وسطاء دوليين، ليس رغبة في وقف الحرب طبعا ولكن لكسب المزيد من الوقت، ومحاولة لكسب الرأي العام.
الرؤية الإستراتيجية للسنوار
يحيى السنوار ليس شخصًا عاديًا في صفوف حماس؛ فهو أحد مؤسسي جناحها العسكري، (كتائب القسام) ولعب دورًا محوريًا في بناء قدراتها القتالية، اعتقلته إسرائيل عام 1988 وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل عملاء إسرائيليين، خلال سنوات سجنه، تطورت رؤيته السياسية ونمت خبراته في العمل التنظيمي والقيادي، ثم أطلق سراحه في صفقة تبادل الأحرار عام 2011، وعاد مباشرة إلى قلب المشهد السياسي والعسكري للحركة.
اختيار يحيى السنوار كرئيس لحركة حماس يعكس رغبة القيادة في تأكيد توجهاتها المقاومة وتعزيز حضورها في الساحة السياسية الفلسطينية والإقليمية، فالسنوار يتمتع بشخصية قوية وقدرة على توحيد الصفوف وتجاوز الخلافات الداخلية، وهو ما تحتاجه حماس في هذه المرحلة الحرجة، كما أن خلفيته العسكرية تضمن استمرار دعم الجناح المسلح للحركة وتطوير استراتيجياته الدفاعية والهجومية.
من المتوقع أن يركز السنوار على تعزيز القدرات العسكرية لحماس وتطوير استراتيجيات المقاومة الشعبية، كما سيعمل على تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للمقاومة، وربما سيتخذ خطوات عسكرية استباقية أكثر قوة ضد قوات الاحتلال المتمركزة في محاور القتال بغزة بشكل مفاجئ ومربك للعدو الصهيوني، إذ إن خطواته كانت دائماً تسبق توقعات واستخبارات جنرالات الحرب في إسرائيل، لا يمكن التكهن بخطواته المقبلة.
اختيار يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس يمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ الحركة، إنه اختيار يعكس توجهات حماس نحو تعزيز المقاومة والوحدة الداخلية، التحديات كبيرة، ولكن بتوجيه السنوار، قد تتمكن الحركة من تحقيق إنجازات جديدة وتعزيز موقفها في الصراع المستمر من أجل الحقوق الفلسطينية، ويبقى السؤال: كيف سيواجه السنوار هذه التحديات وما هي الاستراتيجيات التي سيعتمدها؟ هذا ما سنراه في قادم الأيام.