الثانوية العامة.. أزمة كل عام في مصر
يعيش طلاب الثانوية العامة في مصر تحت ضغوط هائلة، بسبب الأهمية المفرطة التي يوليها المجتمع والأهل لنتائج الامتحانات النهائية. تُعدّ هذه الفترة مفصلية في حياة الطالب، حيث تُحدد نتيجتها الكلية والجامعة التي سيلتحق بها، مما يزيد من الضغط النفسي الذي قد يصل أحيانًا إلى حد الكآبة أو حتى التفكير في الانتحار، نظرًا لتزايد التوقعات من الأهل والمجتمع لتحقيق نتائج ممتازة، مما يُضاعف من حالة القلق والتوتر.
رؤية الأهل لمستقبل أولادهم بناء على نتائج الثانوية العامة فقط غير واقعية، وتفتقر إلى النظرة الشاملة لقدرات أبنائهم ومهاراتهم. حيث يُركّز هذا التصور المحدود على جانب واحد فقط من شخصية الطالب، متجاهلًا العديد من الجوانب الأخرى المهمة مثل المهارات الشخصية، والقدرة على الابتكار، والأنشطة اللاصفية. هذه النظرة المحدودة تفرض عبئًا نفسيًا كبيرًا على الطلاب، حيث يشعرون بأن حياتهم ومستقبلهم مرهونان بأداء امتحان واحد.
أحاسيس الثانوية العامة تلاحقنا مدى الحياة
تتراكم الضغوط الكبيرة على طلبة الثانوية العامة، وتتعقد، وتؤدي إلى حوادث انتحار مؤلمة، سببها عجز الطلاب عن الإجابة عن أسئلة بعض المواد أو الرسوب في الامتحانات، إذ يجد البعض صعوبة في تحمل الضغوط النفسية الكبيرة في بيئة مليئة بتوقعات مرتفعة من قبل الأهل، الذين يرغبون في تحقيق أداء متميز لأبنائهم مقارنة بالآخرين.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالشرق الأوسط.. هل يتغير كما تعهد نتنياهو بعد الطوفان؟!
ترامب وعصر الترحيل للفارين من الطغاة والحروب!
هل أمريكا قوية.. أرجوك فكر بعمق قبل أن تجيب!
هذه المقارنات تؤثر في نحو مباشر أو غير مباشر في انعدام التركيز، وتزيد مستويات القلق والتوتر، وتجعل الطالب يشعر وكأنه في سباق لا نهاية له، مما قد يدفع البعض إلى مغادرة قاعة الامتحان قبل الانتهاء من الإجابة عن الأسئلة جميعها.
لماذا يتوجب على مجتمعنا تعريض أبنائه للاختبارات العاطفية الصعبة خلال فترة هشة مثل هذه؟ وهل ستظل هذه الأحاسيس السلبية، أو أشباح الحرب النفسية، تلاحقهم بقية حياتهم، بغض النظر عن نجاحهم أو فشلهم؟
طلاب يغيّرون طريقهم
كثيرًا ما يقع أهالي الطلاب في خطأ فادح، إذ يضعون أبناءهم في دوامة ضغط رهيبة، يشعرونهم بأن حياتهم كلها يتحكم فيها الدرجات التي يتحصلون عليها في الثانوية العامة. ما يشكل ضغطًا رهيبًا على الطلاب، قد يشعرهم بالفشل وعدم توفيقهم في الامتحانات، أو حصولهم على درجات منخفضة، وهذا ما يؤدي للأسف إلى وجود بعض حالات الانتحار التي نقرأ عنها في ذلك الموسم الضاغط.
يقوم الأهل بين فترة وأخرى بمقارنة أبنائهم بالآخرين بشكل قاسٍ في الجلسات العامة، مما يؤدي إلى استخدام تلك الدرجات كمادة للتنمر والتفاخر بين العائلات، على الرغم من أنها ليست بالضرورة مؤشرًا دقيقًا على النجاح.
مفردات النجاح في الحياة تختلف كثيرًا عن مجرد الأرقام والدرجات، وهذا ما نراه في الحياة الجامعية والعملية، وتزخر الحياة بأمثلة لأشخاص لم تسر الأمور معهم كما خططوا، فتجد العديد من طلبة كليات القمة كالطب والهندسة يعانون في سنواتهم الجامعية الأولى، لكن ما إن يتحولوا إلى كليات أخرى، حتى يبدؤوا في الازدهار والتفوق، لأنهم ببساطة اختاروا ما يتناسب مع قدراتهم وأحلامهم.
هذه التحولات ليست مجرد حكايات عابرة، بل هي قصص نجاح حقيقية، فالكثير من طلبة كليات القمة يغيّرون مسار حياتهم المهنية أو ما يسمي “كارير شفت”، ومنهم من يعمل في مجالات مختلفة تمامًا، مثل الفن أو البورصة أو حتى المقاولات.
من رسام كاريكاتير إلى صانع أشهر الشخصيات الكرتونية
هناك العديد من المشاهير الذين أجروا تغييرات مفاجئة في حياتهم المهنية، مثل والت ديزني، صانع أهم الشخصيات الكرتونية وأشهرها في العالم.
بدأ ديزني حياته المهنية رسام كاريكاتير في إحدى الصحف، لكنه طُرد من وظيفته بحجة أنه “لا يمتلك أفكارًا مبتكرة، ويفتقر إلى الخيال”. لم يستسلم ديزني، بل عرض أفكاره على العديد من أستوديوهات الرسوم المتحركة، ولم يتوقف حتى حصل على الفرصة التي كان يحلم بها بفضل إصراره وإبداعه، أنشأ ديزني عالمًا سحريًا مليئًا بالشخصيات التي أحبها الملايين حول العالم، من ميكي ماوس إلى سنو وايت وبيتر بان. أصبحت إبداعاته جزءًا من ثقافة العديد من الأجيال.
من فنان إلى رئيس
ومن ناحية أخرى، نجد رونالد ريغان، الذي بدأ حياته المهنية ممثلًا في هوليوود، ظهر في أكثر من 50 فيلمًا خلال ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته.
ومع مرور الوقت، تحوّل اهتمامه من الشاشة الفضية إلى السياسة، مدفوعًا بشغفه في الخدمة العامة. بعد نجاحه حاكمًا لولاية كاليفورنيا، اكتسب ريغان شهرة السياسي المحافظ وذي رؤية واضحة.
في عام 1981، شغل منصب رئيس الولايات المتحدة، حيث خدم لفترتين متتاليتين، وترك بصمة عميقة على السياسة الأمريكية والدولية.
قصة والت ديزني ورونالد ريغان شهادات حية على أن التحولات المهنية الجريئة يمكن أن تؤدي إلى نجاحات غير متوقعة، وأن العزيمة والقيادة يمكن أن تجد طريقها في مختلف مجالات الحياة.
إذن، معايير النجاح في الحياة تختلف كثيرًا عما نعتقد. ليست الدرجات النهائية هي الحكم الوحيد على المستقبل، بل القدرة على التكيف واختيار الطريق الذي يلائم الفرد.
في نهاية المطاف، علينا أن ندرك أن كل شخص هو قصة فريدة، وأن النجاح له طرائق متعددة لا تحصى.