المجازر مستمرة والجامعة العربية ستتحرك

بيت عزاء الشهيد الأردني منفذ عملية معبر النبي ماهر الجازي
بيت عزاء الشهيد الأردني مُنفذ عملية معبر اللنبي ماهر الجازي (رويترز)

لا يزال الكيان الصهيوني يؤكد لكل ذي عقل في العالم أنه يمضي نحو الإبادة الجماعية لشعب فلسطين في كل الأرض المحتلة، وأي ادعاء آخر يصدقه العالم حول الحرب على حماس هو ادعاء كاذب لا يختلف عن مسلسل الأكاذيب الصهيونية منذ نشأة الكيان، تمضي إسرائيل في خطتها لتفريغ فلسطين من الشعب الفلسطيني برعاية أمريكية بريطانية غربية، ولا تتوانى الدولتان في دعمها بكل آلات الدمار والخراب، وتعطيل كل محاولات إيقاف الحرب على غزة وإيقاف المجازر المتتالية لتجمعات المدنيين في أماكن النزوح التي أعلنها الكيان مناطق آمنة.

مجزرة جديدة

فجرا دكت قوات الاحتلال الصهيوني مخيم المواصي في خان يونس مستخدمة القنابل الأمريكية الشديدة الانفجار، الأمر الذي جعل أرض المواصي تبتلع عشرات الخيام تحت الأرض مخلفة وراءها أكثر من أربعين شهيدا وعشرات من المصابين ومثلهم من المفقودين الذين دُفنوا أحياء نتيجة القصف الصهيوني المدمر.

منطقة أعلنها الاحتلال الصهيوني منطقة آمنة ونزح إليها مئات الآلاف من المدنيين من أهالي غزة، ويعلن الجيش الإسرائيلي أن هناك أفرادا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تختبئ بداخل المخيم بين المدنيين، ويسقط العشرات من المدنيين أطفالا ونساء وشيوخا ليس من بينهم مقاوم واحد من المقاومين، وتُظهر الصورة المئات من الأطفال والنساء والشيوخ بجوار آثار القصف يبحثون عن بقايا الشهداء والمفقودين داخل الحفرة التي ابتلعت الخيام فجرا والناس نيام آمنون.

مجزرة متكررة في موعد متكرر، فالجيش الصهيوني لا يجيد عمل مذابحه سوى عند الفجر والناس نيام، أو في صلاة الفجر، مجزرة هي الثالثة في خان يونس الذي شهد مسجد التابعين فيه مجزرة إسرائيلية فجرا منذ شهرين راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد، وعلى مدار شهور تقترب من العام يستهدف الكيان الصهيوني أماكن تجمُّع المدنيين، مدارس، مستشفيات، خياما، وتتزايد كل يوم أعداد الشهداء والمصابين الذين تجاوزوا 200 ألف، بينما الولايات المتحدة وحلفاؤها يعلنون أنهم يناشدون الكيان الصهيوني عدم استهداف المدنيين.

ديفيد وبلينكن

ظهرا يقف وزير الخارجية الأمريكي مع وزير الخارجية البريطاني في مؤتمر صحفي بعد اجتماعهما في لندن ليعلنوا المناشدة الأمريكية البريطانية لجيش الاحتلال أن يتجنب أو يقلل من استهدافه المدنيين، بينما يشير وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي تحت ضغط مظاهرات أمام مقر الخارجية إلى مجزرة المواصي في خان يونس، ويعلن استنكاره لهذه المجازر التي تستهدف مدنيين، يناشد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنيكن إسرائيل التقليل من استهداف المدنيين في الضفة الغربية وليس في غزة التي حدثت بها مجزرة الفجر.

بلينكن الذي اتفق مع ديفيد على السعي لوقف القتال في غزة تناسى في لحظة أنه يمثل الولايات المتحدة، واتخذ مع صديقة البريطاني موقف الدول المناشدة، وهو ما تناساه حين تحدثا عن الحرب الروسية الأوكرانية حيث شمرا عن ساعديهما لدعم أوكرانيا وفرض عقوبات على إيران التي ادعى كلا الوزيرين أنها تساعد روسيا في حربها على أوكرانيا، وفي اللحظة ذاتها ظهرت العقوبات الأوروبية الأمريكية وتهديد إيران إذا شنت هجوما على الكيان الصهيوني.

استمرارا لعملية استهلاك الوقت من أجل إكمال نتنياهو وعصابته الصهيونية تدمير غزة والقضاء على البشر والحجر فيها، دعا الوزيران إلى مشروع حل الدولتين، هذا الكلام الذي لا تعطيه إسرائيل أدنى درجة من الاعتبار والأهمية، تعامل وزيرا أمريكا وبريطانيا على أنهما دولتان لا تمتلكان قدرة الضغط على الكيان الصهيوني لإيقاف عدوانه على غزة والضفة الغربية، مما يوحي للمتظاهرين أمام مقر اجتماعهما أنهما يقومان بما يجب من أجل حل الدولتين.

جامعة العرب ستتحرك

في نفس توقيت اجتماع ديفيد/ بلنيكن في لندن، كان وزراء الخارجية العرب يجتمعون في مقر الجامعة العربية، ونظرا للأحداث الساخنة في غزة وفلسطين قرروا تنحية كل القضايا العربية جانبا تقديرا للقضية الفلسطينية حسب ما أعلن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، وفي المؤتمر الصحفي بدأ الأمين العام هادئا ذا صوت خافت لا يكاد يُسمع متحدثا عن التحرك العربي مع الدول الأوروبية والمعنية في الفترة القادمة من أجل الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وزراء الدول العربية والأمين العام للجامعة العربية تذكروا التحرك بعد أحد عشر شهرا من المذابح والمجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي ظهيرة يوم مجزرة المواصي واقتحام طولكرم يعلنون أنهم سيتحركون للعمل على إيقاف القتال، بينما كان هناك اجتماع للجامعة نفسها ولمنظمة التعاون الإسلامي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي منذ أكثر من تسعة أشهر أعلنوا فيه التحرك والضغط من أجل إيقاف الحرب على غزة.

الواقع أننا لم نرَ نتيجة للاجتماع الأول سوى القليل، لعل أهمها قطع العلاقات التجارية التركية الإسرائيلية، وتحركات لبعض الدول الإسلامية، بينما اجتماع اليوم منعقد كان الطريق البري العربي لإسرائيل مستمرا في تجارته، ولم يوقف هذا الطريق إلا العمل البطولي الذي قام به البطل الأردني الشهيد ماهر الجازي منذ ثلاثة أيام حينما عبر معبر الكرامة (اللنبي) واستهدف ثلاثة جنود صهاينة فقتلهم، واشتبك مع آخرين حتى استشهاده.

طريق ماهر الجازي على معبر الكرامة هو الطريق الذي تفهمه آلة القتل الصهيونية ويفهمه نتنياهو وعصابته، هذا الطريق إذا استوعبته الجامعة العربية، ووزارت الخارجية العربية، ومررت عشرات فقط من أصحاب الكرامة والكبرياء من الدول المحيطة بفلسطين، هو الطريق الوحيد الذي سيوقف عدوان الكيان الصهيوني، أما التحرك من أجل، والسعي لدى الدول الأوروبية الذي تحدث عنه الأمين العام ووزراء الخارجية فهو إعطاء مزيد من الوقت لنتنياهو لاستكمال مهمته، ولا عزاء للمتحركين.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان