أيام عصيبة في انتظار إسرائيل؟!

أيام عصيبة لن تنتهي إلا بزوال الاحتلال، هذه هي خلاصة رسائل عمليات المقاومة المستمرة ضد الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
وقد جاءت عملية معبر الكرامة بين الأردن والضفة الغربية؛ لتؤكد أن جذوة المقاومة مشتعلة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ولن تخمد حتى تحرير فلسطين.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4الكيميتيون والذين معهم.. حركة ثقافية أم ديانة فرعونية؟
- list 2 of 4كردي فقط أم سوري فقط؟
- list 3 of 4بعد تدخل الرئيس.. انتخابات مصر لا نريدها فرصة ضائعة
- list 4 of 4الفاشر.. حين تتقاطع الجغرافيا بالنبوءة والتاريخ
وجهت العملية الفدائية التي نفذها الفدائي الأردني ماهر ذياب الجازي صفعة قوية على وجه حكومة نتنياهو، إذ قُتل على إثرها ثلاثة أفراد من أمن الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يرتقي منفذها شهيدًا.
لقد كانت عملية معبر الكرامة مفاجأة لجميع الأطراف شكلًا وتوقيتًا، خاصة أنها جاءت بعد ثلاثة عقود من الهدوء النسبي على الحدود بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، مما يجعلها حدثًا لافتًا قد تكون له انعكاساته، في ظل السلام البارد بين الأردن وإسرائيل، وتوتر سائد في علاقات الطرفين، ومن ناحية أخرى، تقدم نموذجًا قابلًا للتكرار في سائر دول الطوق وغيرها.
سلسلة متصلة من عمليات المقاومة
مثلت عملية معبر الكرامة الفدائية حلقة جديدة في سلسلة متصلة من عمليات المقاومة، تعبيرًا عن الغضب الشعبي ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس شتى أنواع الجرائم ضد الفلسطينيين.
وفي دلالة واضحة على الزخم المتزايد للمقاومة والعمليات الفدائية الفردية، جاءت عملية الشهيد ماهر الجازي في الثامن من سبتمبر/أيلول، بعد أيام قليلة من عملية فدائية نوعية، شرق معبر “ترقوميا” العسكري، غربي الخليل، نفذها الشهيد مهند العسود، والذي عمل سابقًا ضمن جهاز حرس الرئيس الفلسطيني، وقتل في هذه العملية ثلاثة من أفراد شرطة الاحتلال وقوات حرس الحدود الإسرائيلية.
على طريق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، سالت دماء الشهيد ماهر الجازي، لتمتزج مع دماء طاهرة لشهداء عبّروا عن ضمير الشعوب الرافضة للاحتلال الإسرائيلي وممارساته ضد الشعب الفلسطيني.
من ذاكرة العمليات الفدائية
لقد أعادت عملية ماهر الجازي تنشيط ذاكرة الأمة، لتستحضر ذكرى عمليات فدائية شهدتها العقود الماضية، عبّرت عن الغضب الشعبي المكتوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، والعجز الرسمي العربي عن وقف جرائمه.
في عام 1990، كان التاريخ شاهدًا على ثلاث عمليات فدائية ضد إسرائيل من ناحية الحدود الأردنية، منها: العملية الفدائية التي قام بها سلطان العجلوني ابن الـ17 عامًا وقتها، ومن بعدها عملية نفذها سالم أبو غليون وخالد أبو غليون وثلاثة آخرون، كان منهم الشهيد نايف كعابنة، الذي انضم إليه في قافلة الشهداء، في نهاية نفس العام، الطالب في الثانوية علاء الدين حجازي، الذي تسلل إلى الأراضي المحتلة عبر ضفة نهر الأردن؛ لتنفيذ عملية ضد جنود الاحتلال، لكنه ارتقي شهيدًا قبل أن يتمكن من أحد منهم.
وبعد ثلاث سنوات من معاهدة وادي عربة بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، كان عام 1997 شاهدًا على العملية التي نفذها الجندي الأردني ماهر أحمد الدقامسة.
تعيد عملية ماهر الجازي الفدائية إلى الذاكرة العربية عمليات لجنود مصريين لم توقفها معاهدة كامب ديفيد مع الاحتلال الإسرائيلي.
ففي عام 1985، كانت العملية التي نفذها المجند المصري سليمان خاطر ابن محافظة الشرقية، والتي سقط على إثرها سبعة إسرائيليين تجاوزوا الحدود المصرية عمدًا.
وبعد خمس سنوات، وفي عام 1990، كانت العملية الفدائية التي نفذها المجند المصري أيمن حسن، ابن محافظة الشرقية أيضًا؛ انتقامًا لمجزرة الأقصى التي وقعت في تلك الفترة، وإقدام جنود إسرائيليين على تدنيس العلم المصري.
فقد تمكن أيمن حسن من التسلل عبر الحدود إلى الأراضي المحتلة، وقتل 21 إسرائيليًا، وأصاب نحو 20 آخرين، كان بينهم مسؤول كبير في الموساد الإسرائيلي، وضباط بمطار النقب العسكري.
وفي الثاني من يونيو/حزيران 2023، كانت العملية التي نفذها الجندي المصري، محمد صلاح (22 عامًا)، وقتل خلالها ثلاثة جنود إسرائيليين قرب معبر العوجة الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكان التفاعل الشعبي مع العملية التي قام بها محمد صلاح مثالًا واضحًا على أن القضية الفلسطينية في قلب ووجدان كل مصري وعربي، وأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي لن تُنسى.
لقد كانت تلك العمليات الفدائية انطلاقًا من غضب شعبي عربي عميق مكتوم إزاء الاحتلال الإسرائيلي، سقط خلالها شهداء لم تمنعهم تلك الحدود المصطنعة من إعلان رفضهم لممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
رسائل عمليات المقاومة
في تعليقة على عملية معبر الكرامة، قال نتنياهو: “هذا يوم صعب”، وقد صدق نتنياهو وهو كذوب!
ولا يتورع نتنياهو أن يضيف قائلًا: “نحن محاطون بمجرمين يريدون قتلنا جميعًا”، متناسيًا أنه وهو وحكومته وجيشه مجرمون موغلون في الإجرام ضد أصحاب الأرض من الفلسطينيين.
على مدار عقود، حاولت دولة الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤها قمع المقاومة الإقليمية ضد الجرائم الإسرائيلية، لكن ذلك لم يفلح.
تُعد العملية الفدائية عند معبر الكرامة وغيرها من العمليات بمثابة رسالة إلى نتنياهو وحكومته والمستوطنين، أنهم وراء الدمار والموت والفوضى التي تعاني منها المنطقة.
وعلى جانب آخر، تُبرق تلك العمليات رسائل قوية للنظم المطبعة بأنه لا مجال للتطبيع مع كيان لا تمثل كلمة السلام له سوى مفردة للتداول في مفاوضات لا نهائية، الهدف منها كسب الوقت، لفرض مزيد من الأمر الواقع، وإنهاء قضية الأمة المركزية.
يعكس الاحتفاء الشعبي الواسع بالعملية الفدائية التي نفذها الشهيد ماهر ذياب الجازي حقيقة نبض الشارع، ليس في الأردن فقط ولكن في العالم العربي أجمع.
إن أصل مشاكل المنطقة هو وجود الاحتلال الإسرائيلي، وكل عملية فدائية هي رد فعل طبيعي على جرائم المحتل. وفي ظل عجز الوسائل الدبلوماسية عن وقف جرائم الاحتلال تتآكل شرعية المطبعين الرسميين، وترتفع التكلفة السياسية للداعمين للاحتلال والصامتين على جرائمه.
ختامًا
لقد نجحت عملية معبر الكرامة في خرق جدار الصمت، وأعادت تقديم نموذج محفّز لكثيرين، لكسر قيود العجز أمام مجازر الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يعني مستقبلًا عصيبًا لدولة الاحتلال، في ظل غضب شعبي عميق ومكتوم، قابل للانفجار في أي لحظة.
