الجازي.. إذ يلهب الحماس!

مجلس عزاء اقامته قبيلة الحويطات للشهيد ماهر الجازي
مجلس عزاء أقامته قبيلة الحويطات للشهيد ماهر الجازي (رويترز)

جاءت العملية التي قام بها الشهيد الأردني، ماهر ذياب حسين الجازي، لتؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين جميعًا.

حيث قام الشاب الأردني الجازي (المولود في قرية أذرح، بمحافظة معان في الأردن، وهو سائق شاحنة أردني)، بالوصول إلى معبر اللنبي، وأطلق النار بمسدسه تجاه جنود الاحتلال من حراس المعبر، ليقتل 3 دفاعًا عن القضية الفلسطينية وأهالي غزة الذين يتعرضون للإبادة منذ 11 شهرًا.

إن ما قام به ماهر الجازي في معبر الكرامة على الحدود الأردنية مع الكيان المحتل قد ألهب الحماس لدى الشعوب العربية الحرة جميعًا، فها هو بطل يخرج من بينهم، ليؤكد أن الاستشهاد في سبيل القضية الفلسطينية والوقوف مع المقاومة أمر طبيعي لدى الشباب العربي المؤمن بعقيدته وثقافته وتاريخه.

رسالة الجازي للعرب

وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لرسالة من الشهيد ماهر الجازي لأهله وللعرب جميعًا، قال في جزء منها “أريد منكم ألا تذكروني، ولكن اذكروا موقفي، لعله يكون خالدًا ودافعًا لأبناء أمتنا العربية ولأبناء الأردن النشامَى خاصة، ليتخذوا موقفًا تجاه المحتلين الصهاينة الذين يرتكبون أبشع المجازر بحق إخوتنا وأطفالنا ونسائنا في غزة وفلسطين”.

وهكذا، اهتم الشهيد الجازي بتوصيل رسالة لأهله وأبناء الأمة العربية، لاتخاذ موقف تجاه المحتلين الذين يرتكبون المذابح في حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ويحرّضهم، وهو الشهيد على المقاومة في رسالة واضحة لا لبسَ فيها.

ولم ينسَ الجازي في نهاية الرسالة أن يوجّه رسالة مهمة للعرب والمسلمين كافة، حيث اختتم رسالته أو وصيته، قائلًا” إخوتي أبناء العرب، إن لم يكن لكم دينٌ، فليكن فيكم غيرة ونخوة”.

وهكذا حثّ الجازي أبناء العرب على إظهار الغيرة والنخوة ضد ما يفعله الصهاينة في أهالي غزة والضفة بعد أن تجاوز الكيان المحتل كل ما هو أخلاقي وديني تجاه إخوتنا في فلسطين، وبعد أن وجد غضّ الطرف من المجتمع الدولي فيما تقوم به إسرائيل، بل بالعكس، تقف الدول الغربية جميعها وأمريكا مع إسرائيل بالإمكانات كلها والأسلحة المحرمة، والتعاون اللوجستي والأمني.

بين الجد والحفيد

ليس بالضرورة أن يفعل الشباب العربي والمسلم جميعهم كما فعل الجازي، فقد لا يجد الظروف نفسها التي تساعده على هذا الفعل، ولكن تبقى رسالة الجازي واضحة وضوح الشمس في ضرورة مواجهة العدو المحتل، ومقاومته بالسبل المتاحة كلها.

ومن الغريب أن جَد ماهر الجازي ملازم أول مشهور الجازي قاد معركة الكرامة أيضًا ضد الكيان المحتل، حيث كان قائد الجبهة الأردنية في مارس 1968، وعندما أراد الكيان المحتل توسعة رقعة الأرض المحتلة على حساب الأردن بعد نكسة 1967، وقرر احتلال جزء من الأراضي الأردنية، تصدّى لهم مشهور الجازي بقواته، وكبّد جيش الاحتلال خسائر كبيرة، ما جعل العدو الصهيوني -ولأول مرة- يطلب وقف إطلاق النار، لكن القيادة الأردنية رفضت، واستمر القصف ضد قوات الكيان أثناء الانسحاب، وقُتل من جنوده ما يقرب من 250 جنديًا، فيما صرّح مشهور الجازي وقتها بأن عدد القتلى الإسرائيليين قد بلغ 1200 قتيل وجريح.

وهكذا جاءت عملية معبر الكرامة سبتمبر 2024 لتذكّرنا بمعركة الكرامة مارس 1968، والعامل المشترك فيهما ماهر الجازي، والجد مشهور الجازي، الذي قال بعد المعركة “إن الجيش الأردني كان أضعف من حيث العدد والتسليح من جيش الاحتلال خلال معركة الكرامة، ولكن عنصر الإيمان كان له الدور في حسم المعركة لصالح الأردنيين”.

وهكذا، فإن عناصر الإيمان والدين والجهاد هي السُّبل للوقوف ضد غطرسة المحتل، ومَن يقف خلفه من دول عظمى تساعده وتسانده في حرب الإبادة ضد شعبنا الأعزل المحاصَر من الجهات جميعها، وسط تجاهل إقليمي ودولي يرغب في اجتثاث المقاومة، وإبادة الشعب الفلسطيني.

الكرامة رسالة للمطبّعين

وجاءت عملية معبر الكرامة لتكون رسالة واضحة للمطبعين، بأن التطبيع لن تقبله الشعوب، التي تعلم حقيقة العدو، التي لن تنسى الدماء التي سالت على يديه.

قد يكون لبعض بني جلدتنا وجهة نظر مختلفة في عملية معبر الكرامة، لأنهم يعتنقون الفكر الصهيوني أكبر من الصهاينة أنفسهم، وهم يعلمون أن كل مَن هو على الأرض المحتلة جندي احتياط في الجيش الإسرائيلي على استعداد لقتل مئات الفلسطينيين، كما يحدث يوميًا في غزة، فهم يقتلون النساء والأطفال والشيوخ دون شفقة أو رحمة.

وكما وصلت الرسالة للشباب العربي، فمِن المؤكد أنها وصلت أيضًا للكيان المحتل، وقد شاهدنا طلّة نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، مرتبكًا ويده ترتعش أثناء تعليقه على الحادثة، فقد كانت الرسالة واضحة أن الكيان يعيش وسط دائرة من كراهية أفعاله من الشباب العربي والمسلم جميعهم.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان