انخفاض الصادرات السلعية والخدمية والاستثمارات بإسرائيل
واكب عملية طوفان الأقصى تراجع عدد من المؤشرات الاقتصادية لدولة الاحتلال، حيث انخفضت حصيلة الصادرات السلعية والصادرات الخدمية، ونقص عدد السياح الواصلين بنسب عالية، وتراجعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الداخل، وتراجع معدل النمو الاقتصادي وزادت نسبة العجز بالموازنة وارتفعت نسبة الدين الحكومي للناتج المحلي ولهذا فقد انخفض التصنيف الائتماني للبلاد.
وقبل استعراض أثر حرب غزة على قطاعات الاقتصاد الاسرائيلي، من المفيد التعرف على الاهمية النسبية لموارد النقد الأجنبي بها، بالتطبيق على موارد العام الماضي حيث تتفوق الصادرات الخدمية من خدمات أعمال وسياحة ونقل وبنوك على كل الموارد بنصيب 47 %، تليها الصادرات السلعية 33 %، فالموارد القادمة من الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر والودائع والقروض الأجنبية بنصيب 13 %، وفوائد الاستثمارات الاسرائيلية بالخارج 9 % والمعونات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج بنصيب 7 %.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكان ناصرياً في زمن ما..!
في لبنان انقلب السحر على الساحر
ضجيج بالفناء الخلفي للبنان لا ينتظر نهاية الحرب
ومن هنا فإن انخفاض كل من الصادرات السلعية والصادرات الخدمية مع حرب غزة يعني تأثر أهم موردين للنقد الأجنبي بالبلاد، ومن سمات الاقتصاد الاسرائيلي أيضا وجود عجز مزمن بالتجارة السلعية، وعلي الجانب الاخر وجود فائض مزمن أيضا بالتجارة الخدمية، وعادة ما يكون الفائض الخدمي أكبر من العجز السلعي، الامر الذي يساهم بحدوث فائض مزمن بميزان المعاملات الجارية، مما يساعد علي تحقيق فوائض بالميزان الكلي للمدفوعات، أدت لارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي حتي بلغت 217 مليار دولار الشهر الماضي، بينما كانت قيمة الدين الخارجي 145 مليار دولار بنهاية مارس / آذار الماضي .
وباستعراض أثر حرب غزة نبدأ بأداء الاقتصاد بالربع الرابع من العام الماضي، بالمقارنة بنفس الربع من عام 2022، وهنا نجد تراجعا في قيمة الصادرات السلعية بنسبة 11 % وللصادرات الخدمية بنسبة 5 %، كما تراجعت حصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 70 %، ونتيجة لتراجع غالبية موارد النقد الأجنبي فقد تراجعت مدفوعات الواردات السلعية والخدمية وزاد كل من الاستثمار الأجنبي المباشر واستثمار الحافظة المتجهين للخارج.
ارتفاع عجز الموازنة ونسبة الدين
وانعكس أداء الربع الرابع من العام الماضي على أداء ميزان المدفوعات بالعام الماضي بأكمله، حيث انخفضت حصيلة الصادرات السلعية بنسبة 8 % وتراجعت حصيلة الصادرات الخدمية بنسبة 4 %، كما انخفض الاستثمار بأنواعه بنسبة 42 %، وانعكس ذلك على المدفوعات للخارج لتتراجع المدفوعات للواردات السلعية والخدمية وعلى الاستثمار بالخارج.
وأشارت بيانات صندوق النقد الدولي إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي من 6 % بالعام الاسبق الي 2 % بالعام الماضي، وتوقع الصندوق استمرار الانخفاض بمعدل النمو الي 1.6 % بالعام الحالي، كذلك تحول الفائض المحدود الذي تحقق بالعام الأسبق بالموازنة الحكومية، بعد سنوات طويلة من العجز المستمر الي عجز بنسبة 5 % بالعام الماضي، وتوقع الصندوق ارتفاع ذلك العجز الي 8.2 % بالعام الحالي، كذلك ارتفعت نسبة الدين الحكومي للناتج المحلي الاجمالي بعام الحرب عما كانت عليه قبله، وتوقع الصندوق استمرار ارتفاعها بالعام الحالي وبالسنوات الخمس المقبلة .
وبصدور بيانات ميزان المدفوعات للنصف الاول من العام الحالي، وبمقارنتها بالنصف الاول من العام الماضي أي قبل الحرب، كانت صورة التراجع أكثر وضوحا، حيث انخفضت حصيلة الصادرات السلعية بنسبة 7 % وتراجعت الصادرات الخدمية بنسبة 5 %، وحصيلة فوائد الاستثمارات الاسرائيلية بالخارج بنسبة 7 %، وكذلك الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل.
ويتضح أثر الحرب أكثر على التجارة الخارجية من خلال بيانات التجارة الخارجية للشهور السبعة الاولي من العام الحالي بمقارنتها بنفس الفترة بالعام الماضي، والصادرة عن دائرة الاحصاءات المركزية، لتنخفض الصادرات السلعية بنسبة 7 % والواردات والتجارة بنفس النسبة، وعادة ما يتجه النصيب الاكبر من الصادرات السلعية لدول أوربا يليها دول الأمريكيتين فالدول الاسيوية الي جانب نسب قليلة لكالا من أفريقيا واستراليا ونيوزيلندا.
نمو الصادرات الإسرائيلية للدول العربية
وشهدت كل تلك المناطق الجغرافية تراجعا بقيمة الصادرات إليها بفترة المقارنة، بتراجع 10 % لأوروبا و7 % للأمريكيتين و6 % لاوقيانوسيا و5 % لآسيا و4 % لأفريقيا، أما من حيث الدول التي اتجهت إليها تلك الصادرات والتي تصدرتها من حيث القيمة الولايات المتحدة بنسبة 28 % من الإجمالي، تليها أيرلندا والصين وهولندا والهند وألمانيا وبلجيكا وانجلترا وفرنسا والبرازيل، فقد انخفضت قيمة الصادرات لكل تلك الدول عدا ألمانيا وفرنسا واللتان زادت لهما بنسبة 3 %.
بينما كانت الزيادة للصادرات الاسرائيلية أكبر للدول العربية الأربعة التي ذكرتها البيانات الاسرائيلية، وذلك بنمو 130 % لمصر و81 % للمغرب و73 % للبحرين و48 % للأردن، وبالدول الإسلامية زادت قيمة الصادرات لكل من أندونسيا ونيجيريا والسنغال وأوزبكستان وأذربيجان وألبانيا، بينما انخفضت بنسبة 41 % لتركيا و17 % لجنوب أفريقيا بالشهور السبعة.
وكان التأثير السلبي للحرب أكثر وضوحا على السياحة القادمة لإسرائيل، حيث يشير لتراجع عدد السياح بالأشهرالثمانية الاولي من العام الحالي، بالمقارنة بنفس الأشهر من العام الماضي بنسبة 73 %، وشمل التراجع كل دول مصادر السياحة الرئيسية وبنسب عالية، وفي ضوء استحواذ أربع دول هي: الولايات المتحدة وفرنسا وانجلترا وروسيا على نسبة 64 % من مجمل السياحة الواصلة بالأشهر الثمانية، فقد تراجع عدد السياح بنسبة 68 % من الولايات المتحدة وبنسبة 45 % لفرنسا وبتراجع 66 % لإنجلترا و63 % لروسيا. وبلغت نسبة التراجع 90 % لرومانيا و89 % لإسبانيا وتركيا و88 % لمصر.
الا أن التحليل المنصف يجب أن يراعي جوانب أخرى، فالدين الخارجي الذي بلغ 155 مليار دولار بنهاية سبتمبر / أيلول من العام الماضي، انخفض الي 145 مليار دولار بنهاية مارس / آذار الماضي، والاحتياطيات من العملات الأجنبية التي كانت حوالي 199 مليار دولار بنهاية سبتمبر / أيلول من العام الماضي زادت الي 217 مليار دولار الشهر الماضي.
وأنه رغم انخفاض حجم الصادرات السلعية بالعام الماضي فقد احتلت اسرائيل المركز الخمسين بالعالم، ورغم تراجع الصادرات الخدمية فقد احتلت المركز الخامس والعشرين دوليا، كذلك استقرار معدلات سعر الصرف وسعر الفائدة والتضخم والبطالة، وهنا نذكر دور المعونات الأجنبية خاصة الامريكية التي لم تنقطع طوال العقود الماضية.
كذلك موارد فوائد الاستثمارات الاسرائيلية بالخارج والتي بلغت أرصدتها التراكمية حتى العام الماضي 109 مليارات دولار، بخلاف فوائد استثمار جانب من الاحتياطيات الأجنبية والودائع الاسرائيلية بالخارج وكذلك تحويلات العمالة بالخارج، والامر الأهم أن القدرات العسكرية الأقل للمقاومة بغزة وقواعد الاشتباك من قبل حزب الله، جعلت أثر الحرب الا يمتد الي داخل المدن الإسرائيلية الرئيسية، مما قلل نسبيا من الاثار الاقتصادية للحرب.