قصة التيجاني.. وقائع لم تنشر!

صلاح التيجاني المثير للجدل (منصات التواصل)

كما تعوّدنا منذ سنوات على طرق الإلهاء الكثيرة لتشتيت أذهان المصريين عن متابعة ما يحدث من ارتفاع أسعار، وغير ذلك من مشكلات؛ جاء الإلهاء هذه المرة بطريقة مختلفة، حيث انتشرت الأخبار لتتحدث عن انحرافات شيخ طريقة صوفية يُدعى صلاح التيجاني أسس في مدينة إمبابة شمال محافظة الجيزة طريقة أطلق عليها “الطريقة الصلاحية التيجانية”، وأقام لها ساحة وزاوية ومسجدا به ضريح يدفَن فيه بعد وفاته!

وكانت البهارات تكمن في نشر انحرافات صلاح التيجاني الأخلاقية مع بعض المريدات؛ مما أحدث ضجة كبيرة، فتم القبض عليه على إثرها، لتستمر زوبعة التيجاني التي ملأت صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

مَن هو صلاح التيجاني؟

معلوم أن عدد الطرق الصوفية المرخّصة من مشيخة الطرق الصوفية في مصر 77 طريقة، وبعضها لها فروع، وحينما قررت الكتابة عن صلاح التيجاني، والطريقة التيجانية، وجدت مِن الأفضل استخدام مصادري الصحفية في الوصول للمعلومة، فتواصلت مع أحد أصدقائه منذ الطفولة وجاره في محيط السكن، وهو المحامي حمدي بيومي، الذي قال إن صلاح أبو طالب كان ملتزما وهو شاب، وإنهما كانا يصليان معًا في مسجد “بشير الإسلام” بالقرب من منزل صلاح، ثم فوجئوا بصلاح أبو طالب وهو يقتطع جزءا من حديقة خلف مستشفى إمبابة، ويبني به زاوية، أطلق عليها “الطريقة التيجانية”.

وأضاف “حمدي” أن “صلاح” كان طبيعيا في البداية، وقال كنا نصلي معه في الزاوية بعد أن تجمّع معه الجيران والأقارب حتى انحرف عقائديا، فابتعدت عن الصلاة خلفه في هذه الزاوية التي كان تتقاطر عليها شخصيات كبيرة، وسيارات فارهة، وكانوا يتبركون به، ويتمسّحون به! من الممكن أن نطلق على صلاح التيجاني “أب اعتراف” مثلما يحدث عند بعض الطوائف المسيحية، حيث يتوافد إليه المشاهير؛ لكي يغفر لهم خطاياهم، مؤكدا أن صلاح التيجاني منحرف عن الإسلام وعقيدته.

أما السلوك الشخصي مما يقال عنه حاليا، فهو لا علم له به، وأكد أن هذا الرجل دخل فعلا كلية الطب، ولكنه لم يمارس المهنة إطلاقا، سواء في عيادة خاصة، أو مستشفى حكومي؛ مما يلقي شبهات حول استكمال دراسته في الطب، وما يُثار حاليا هو محاولة للإلهاء في ظل الظروف الحالية.

الطريقة التيجانية

ولأن المعلومة هي ضالّة الصحفي تواصلت مع خالد كساب، المتحدث باسم الطريقة التيجانية؛ لكي أعرف منه أكثر عن الطريقة التيجانية، وصلاح التيجاني، فقال لي إن الطريقة التيجانية ومقرها الرئيس بحي المغربلين بالقاهرة، ليست لها فروع، وهي مسجلة منذ التسعينيات، والزاوية منذ عام 1937، والطريقة لها حوالي 15 مقرا في مختلف المحافظات المصرية، ويبلغ عدد أتباع الطريقة في مصر ما بين 75 ألفا و100 ألف مريد، غير طلاب الأزهر الأفارقة الذين ينتمون للطريقة، وليس لدينا حصر بهم.

وأضاف “كساب” أن الطريقة التيجانية الأم مقرها في الجزائر، وشيخها هو سيدي علي بلعرابي، وهو مقيم بالجزائر، وعدد أتباع الطريقة على مستوى العالم يصل إلى أكثر من 300 مليون مريد، أكثرهم في إفريقيا، ودول المغرب العربي، وإندونيسيا، وشيخ الطريقة في مصر هو محمد الحافظ التيجاني.

أما عن صلاح التيجاني، فقد كان يريد إشهار طريقة باسمه عام 2017، فرفضنا، فقام بتقديم طلب رسمي لمشيخة الطرق الصوفية، فقلنا لهم الفروع ممنوعة في الطريقة التيجانية، ولسنا مثل بعض الطرق التي لها فروع.

أزمة وزارة الأوقاف

وأكد أن صلاح التيجاني منحرفُ العقيدةِ، وتم فصلُه بعد أن حذّرناه أكثر من مرة، ورجع لشيخ الطريقة لكي يتوب، ولكنه انحرف مرة أخرى، ولما خرج عن التزامه تبرّأنا منه أكثر من مرة في التسعينيات، ورجع مرة أخرى، وفي 2017 و2019 تبرأنا منه.

وكانت لدى صلاح التيجاني في عام 2013 مشكلة مع وزارة الأوقاف، حيث كانت تريد ضم الزاوية لها، فتقابل مع الشيخ أحمد، شيخ الطريقة التيجانية، وطلب منه ضم الزاوية للطريقة، وأخذ خطابا وقدّمه للوزارة ولمشيخة الطرق الصوفية.

وفي 2017 قدم صلاح التيجاني طلبا من تلقاء نفسه؛ لعمل طريقة أطلق عليها اسم “الطريقة الصلاحية التيجانية”، وهو ما رفضته الطريقة التيجانية، ومشيخة الطرق الصوفية في مصر، وكان ضمن ما قدمه في الأوراق ورقة نسب مزوّرة مقدمة إلى لجنة الأنساب في نقابة الأشراف.

وطعنت الطريقة التيجانية في هذا النسب المزور؛ لأن الشيخ التيجاني عاش في الجزائر، ودفن في مدينة فاس بالمغرب، وأولاده وأحفاده عاشوا هناك، فكيف يكون حفيدا للشيخ التيجاني؟!

صلاح التيجاني زوّر نسبه

وذكر “كساب” أنه حضر إلى اللجنة، ووجد أن صلاح أبو طالب قدم بطاقة ورقية باسم صلاح الدين محمود عبد الله، وأضاف بخط يده اسم “محمد الحبيب”، ونحن في مصر لا نسمي محمد الحبيب أصلا. وقال المسؤول عن لجنة الأنساب بنقابة الأشراف وقتها “إن البطاقة مزورة، والجرد (شجرة النسب) مزور أيضا”، ولكن الموضوع تم السكوت عليه؛ لأنه كان من الممكن أن يؤدي إلى محاكمة الموظفين.

ومن ضمن ما ذكره لي أن الزاوية تم غلقها في التسعينيات من أمن الدولة، وتم تشميعها بالشمع الأحمر، ولكن صلاح أبو طالب استطاع بالواسطة وعلاقاته أن يفتحها مرة أخرى.

وقال كساب: لقد تبرأنا منه منذ أن قام بنشر فيديو يقول فيه “إن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس مخلوقا، وإنما هو من النور الذاتي لله!”، وهذا إلحادٌ؛ لأن النبي عبد الله ورسوله، كما قال أيضا في الفيديو إنه “هو.. هو”؛ أي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الله! ثم لما وجد اعتراضا شديدا حذف الفيديو.

وأضاف: لكني قمت بحفظ نسخة من الفيديو، وكتبت ما فيه، وذهبت إلى الدكتور مجدي عاشور، وكان مستشارا للمفتي، وأطلعته على محتوى الفيديو، فقال لي نحن هنا لا نستطيع تكفير أحد، ولم يفعلوا شيئا اتجاهه!

وللأسف، قام صلاح التيجاني باختراع ما أطلق عليه “القراءة الـ11” للقرآن الكريم، وهي مصيبة عظمى؛ لأن القراءات المعروفة للقرآن 10 فقط، ورغم الشكوى في مجمع البحوث لم يفعل معه أحد شيئا.

ولقد تحدثت مع محمد الحافظ التيجاني، شيخ الطريقة التيجانية بمصر، عن الطريقة وسماتها، وأهم أورادها، فأكد لي أن الطريقة تتميز بأورادها البسيطة، التي يفعلها الإنسان حتى أثناء العمل، ولا تحتاج إلى خلوات، وصوم، وأنها تحرّم التدخين، وأن الطريقة قد تبرّأت من صلاح أبو طالب الذي اشتهر باسم صلاح التيجاني؛ بسبب انحرافاته الكثيرة، وليست لنا علاقة به من قريب أو بعيد، وأنه لم يقابله سوى مرة واحدة وهو صغير عندما كان يحضر زاوية الطريقة التيجانية في المغربلين أثناء تولي والده مشيخة الطريقة.

وهكذا يستمر مسلسل صلاح التيجاني حتى يأتي مسلسل آخر؛ ليشغل الناس.

ملحوظة: بعد الانتهاء من كتابة هذه السطور، صدر قرار النيابة العامة بإخلاء سبيل صلاح التيجاني بتهمة التحرش بكفالة قدرها 50 ألف جنيه على ذمة القضية.

محمد الحافظ أحمد التيجاني الشيخ الرسمي للطريقة التيجانية بمصر
المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان