لعبة الإعلام والحرب بين التعتيم ومبالغات قادة الاحتلال
يعمل الكيان الصهيوني على استخدام الإعلام كألة من ألاته في الحرب التي يشنها على قوى المقاومة مثلما استخدمها في كل معاركه وحروبه مع العرب منذ نشأة الكيان المصطنع منذ ما يقارب الـ 79 عاما.
استهدفت آلة الحرب الصهيونية خلال عام من حربها على غزة الأطقم الإعلامية من كل القنوات التي تقوم بعملها في تغطية جرائمه التي يقترفها تجاه الشعب الفلسطيني الاعزل من المدنيين حتى وصل عدد الإعلاميين الذين استهدفهم جيش الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية ما يقارب 180 شهيدا من الصحفيين والإعلاميين، وهو العدد الذي لا مثيل له في كل الحروب الإقليمية والعالمية حتى أصبحت علامة الصحافة من العلامات المستهدفة لدي الجيش الصهيوني.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالحرب مستمرة والعالم سيتغير حتما!
عام على الطوفان.. ولا يزال هناك المزيد
عندما تحدث «الملثم» بعد غياب!
الحرب النفسية
أدرك قادة الكيان الصهيوني أهمية الإعلام كأداة من أدوات الحرب النفسية خاصة بعد الدور الكبير الذي قامت به وسائل الإعلام في كشف جرائمه في غزة من استهداف للمدنيين من الأطفال والنساء وأطقم الصحة من أطباء وفرق التمريض، إضافة إلى استهدافه المدنيين النازحين في المدراس ومناطق النزوح لقد عايشت القنوات الإعلامية في غزة والضفة الغربية أهلها في كل المذابح التي حدثت طوال حرب تقترب اليوم من عامها الأول.
في ظل انقسام عربي كبير تجاه ما يحدث في فلسطين وعلى جبهات غزة والضفة والجنوب اللبناني، وفي ظل أتساع عدد القنوات الإعلامية العربية التي تعبر عن هذا الانقسام خاصة مع وجود محور المقاومة في لبنان، العراق، اليمن وسوريا، صارت بعض القنوات ناطقة بكل ما يضخه الكيان الصهيوني من دعايات وأخبار متتالية مستهدفا التأثير على الروح المعنوية للمقاومة في كل الجبهات، والروح المعنوية لداعمي المقاومة والمتضامنين معها، يصبح لما يبثه القادة الصهاينة، وقادة الجيش أهمية كبرى في تلك الحرب.
ما أن تصدر تصريحات من هناك حتى تصبح قنوات تنطلق من أرض عربية مكبرات صوت لها، وما أسهل أن تحصل على محلل هنا، وخبير هناك ليجلس على مقعده في الاستوديو الكبير الفخم ليدين المقاومة وقادتها ومحور المقاومة بالكامل بكل جبهاته متهما إياها بالعمل لصالح جهات غير عربية، وفي النهاية يخرج محملا بالمكافآت والهدايا على دعمه لأعداء الأمة، وما أكثر الأموال الصهيونية في العالم والتي تضخ المليارات لكل من يساعد في قيام إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
لبنان مرحلة جديدة
الحرب على لبنان والمرحلة الجديدة من صراع الضربات المتبادلة بين المقاومة الإسلامية في لبنان والكيان المحتل أخذت منحنى تصاعديا خلال الأيام الماضية منذ حملة التفجيرات التي شهدتها بيروت والضاحية الجنوبية الثلاثاء، والاربعاء الماضيين واستهدفت أجهزة الاتصالات بين كوادر من حزب الله، وعناصر في أجهزة الأمن اللبنانية تلك الجملة التي نتج عنها المئات من الشهداء وعدة آلاف من الجرحى، ثم كان الهجوم الكبير الذي استهدف قادة قوة الرضوان إحدى أهم القوات والعناصر لحزب الله والمقاومة في جنوب لبنان.
هذه الضربات التي تدرك إسرائيل وقادتها أنها لن تمر مرورا عاديا، وأن حزب الله سيرد عليها بقوة خاصة مع توالي عمليات الاغتيال لقادته، خاصة أن حزب الله يمتلك مقومات قوة غير تلك التي تمتلكها المقاومة في غزة والضفة الغربية، الحزب يمتلك قوة صاروخية ضخمة ومسيرات بالآلاف، ولا يستطيع الكيان أن يحاصره، وكما قال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله “نحن قادرون على الوصول لحيفا وما بعد حيفا” وأعلن نائبه الشيخ نعيم قاسم ” لقد بدأت عملية الحساب المفتوح” ذلك بعد استهداف قوة الرضوان واغتيال ما يقارب 15 من قادتها على رأسهم إبراهيم عقيل قائد القوة.
إذن نحن أمام قوة مختلفة عن قوة غزة الباسلة التي صمدت على مدار عام أمام جيش الاحتلال ومرغت سمعة جيش الدفاع بالأرض، هذا يعني أن خسائر الكيان ستتضاعف لو استخدمت المقاومة اللبنانية الصواريخ والمسيرات فقط، ومن هنا أدرك القادة الصهاينة أن وجود الإعلام في الأرض المحتلة سيكشف خسائره الحقيقية وهو ما لا يرجوه أو يتمناه الساسة.
كانت أولى خطوات الخلاص من صداع الإعلام وتغطيته تلك الهجمة التي شنتها أجهزة الأمن الإسرائيلية على مكتب الجزيرة وإغلاقه لمدة 45 يوما ومصادرة الأجهزة والمعدات، يريد الصهاينة إسكات أي صوت أعلامي يفضح هشاشة الكيان وخسائره من هجمات حزب الله والمقاومة الإسلامية في جنوب لبنان.
كما قتل الجيش الصهيوني الإعلاميين في غزة أغلق مكتب الجزيرة الذي ربما يكون الصوت الوحيد الذي يتمتع بالحياد والمصداقية لدى العالم، كما أنه يريد أن يصبح كل ما على الشاشة هو الخسائر لدى المقاومة في لبنان التي تؤثر على معنويات الملايين من أبناء العرب الذين عاشوا في ظل منظومة إعلامية تجعل من الجيش الصهيوني قوة لا تقهر، ولا يمكن إنكار أن الضربات الصهيونية خاصة ضربة الإثنين التي استشهد فيها ما يقارب 600 شهيد، وأكثر من 1500 مصاب قد أثرت بالفعل على المرجفين الذين لا يؤمنون بالمقاومة.
تعتيم كامل
لم تنجُ وسائل الإعلام الصهيونية من الرقابة العسكرية الإسرائيلية حيث توالت أخبار من داخل الأرض المحتلة أنه لا يوجد خبر لا يخضع للرقابة العسكرية، وبذا يستطيع الرقيب أن يمرر ما يراه مناسبا من أخبار وبالتأكيد يقلل حجم الخسائر، وهذا الاتجاه لديه له غرضان الأول الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية لدية وتقليل حجم التأثير على هذه الجبهة التي تعرضت خلال عام للكثير من الصدمات بفعل الصمود الباهر للمقاومة الفلسطينية، هذا التأثير الذي إدي إلى هجرة ما يقارب مليون مستوطن، مائتي ألف منهم لا ينوون العودة مرة أخرى.
الهدف الثاني من هذا التعتيم هو إشاعة روح السخرية في الجانب العربي من حجم خسائر جيش الصهاينة، ويتردد السؤال عن مدى قدرة صواريخ ومسيرات حزب الله والمقاومة التي تكون نتيجتها إصابة واحدة طفيفة بحسب الرقيب العسكري، مما يؤدي إلى تناول وسائل الإعلام العربية لها بالسخرية والاستهانة بقدرات المقاومة.
بدأ ينتشر مع دخول الحرب في شمال فلسطين وجنوب لبنان مرحلة أكثر سخونة وقوة ، سيل التصريحات من جانب القادة العسكريين الصهاينة بمجرد حدوث الهجمات على جنوب لبنان وتضخيم تأثير الهجمات وقد ظهر هذا في عمليتين أمس وأول أمس أولاهما التي استهدفت على كركي قائد منظومة الصواريخ، وما قيل أمس عن استهدف مسؤول عسكري رفيع، وقد أنكشف أن العملية لم تحقق هدفها بحسب بيان حزب الله، أما الثانية فقد كان نتيجتها شهيدا وحيدا، أهم ما ظهر هو حجم تضخيم نتائج الغارات الصهيونية حتى إن وزير الدفاع الصهيوني غالانت أعلن أنهم دمروا ما بناه حزب الله في 20 عاما وقد تراجعت القيادات الإسرائيلية عن تلك التصريحات والمبالغات التي يصدرها بعض القادة هناك.
كان رد حزب الله على ما حدث يومي الإثنين والثلاثاء قويا فقد طالت الهجمات الصاروخية للمقاومة الإسلامية أماكن ومناطق عسكرية كثيرة في شمال فلسطين وعكا وحيفا، واقتربت صواريخ المقاومة كثيرا من قلب إسرائيل وطال المدى لها 60 كم، وقد اعترفت وسائل إعلام إسرائيلية بأن حزب الله قد أطلق خلال اليومين الماضيين ما يقارب 300 صاروخ منهم 200 حتى عصر الثلاثاء في يوم واحد فقط، كل ما سبق يؤكد أن المعركة في جنوب لبنان وشمال فلسطين ستكون مختلفة تماما عن غزة أما إذا ذهب الكيان إلى حرب برية فسوف نرى محرقة حقيقية لكل من يدخل إلى جنوب لبنان، ويستمر دعم جبهات الإسناد للمقاومة في غزة وكما اصبحت غزة حلا لنتنياهو سيكون جنوب لبنان مستنقعا جديدا له.